علي منصور مقراط
ليس هناك ذرة شك أن الرئيس علي عبدالله صالح قد صعد إلى كرسي الرئاسة المفخخ في 17 يوليو 1978م بانتخاب من مجلس الشعب التأسيسي آنذاك وهو حامل كفنه بيده وكان أمام خيارين لا ثالث لهما إما وأن يقبل تحمل قيادة البلد في أخطر مرحلة ملغمة وإنقاذه من حالة الانهيار وحمم الدم التي ما زالت لم تجف بعد واستعداده للتضحية لا سمح الله بعد أحداث مأساوية مؤلمة عصفت باليمن في شماله وجنوبه ذهب ضحيتها ثلاثة رؤسا دفعة واحدة وفي غضون أشهر هم الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي وأحمد حسين الغشمي وتلاهما رئيس مجلس رئاسة جنوب اليمن سالم ربيع علي سالمين والأرجح أن الروايات تؤكد اعتذار القيادات التي كانت أرفع من الرئيس صالح عن القبول برئاسة البلاد خوفاً من المجهول وبالأصح الاغتيالات ولهذا يحسب لهذا الزعيم اليمني الذي ظهر إلى الواجهة في أحلك الظروف المدمرة وتمكن بكل مرونة ودهاء وصبر وحكمة من تهدئة الأوضاع وإعادة الاستقرار وإخراج اليمن من المأزق الكارثي الذي وصلت إليه.. وبذلك كان الأديب الكبير والأستاذ الجامعي الرائع عبدالله راجح حسن بلجفار محقاً حين كتب في مناسبة 17 يوليو قبل نحو "9" أعوام قراءة واقعية عن سنوات حكم الرئيس علي عبدالله صالح كان عنوانها الأجمل "النجم الذي تولد في جبين الليل" تحكي عن عمق وثقافة وإبداع الكاتب الراجحي..
والحاصل أن 31 عاماً منذ حضور القائد البارز إلى حكم اليمن لم تكن مجرد سنوات عابرة من عمر الإنسان اليمني في ظل قيادة صالح لليمن الذي كان يتوقع له الكثير من المحللين والمراقبين بالموت قتلاً ليلحق بالرؤساء الثلاثة الراحلين الحمدي وسالمين والغشمي ..الراجح كانت السنوات ما بعد 17 يوليو 1987م مليئة بأبرز التحولات والانجازات الكبرى التي لا ينكرها إلا جاحد ومكابر ويكفي أنه حقق حلم الشعب اليمني في شماله وجنوبه باستعادة وحدة البلاد في 22 مايو 90 م وحافظ على هذا المشروع الوطني العظيم بترسيخه وبقاءه إلى أبد الآبدين بعد إسقاط المخطط الانفصالي في صيف 94م.
والثابت أننا ونحن نعيش احتفالات 17 يوليو.. يوم الديمقراطية الأولى في اليمن التي انتخب فيها الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً لليمن يجب علينا إنصاف هذا الزعيم الذي نذكر كل حياته وأغلى سنوات العمر ولأكثر من ثلاثة عقود كان فيها ملتحماً بوطنه وأمته وحاملاً هم اليمن وترك حياة الرفاهية والراحة والهناء وفضل خدمة اليمن متنقلاً من محطة إلى أخرى وبفضله تنفس اليمنيون الحرية والممارسة الديمقراطية والتعددية السياسية وهم يجسدون أروع مشهد ديمقراطي في الاستحقاقات الدستورية لانتخابات الشعب من يمثله في السلطة ابتداء من البرلمان والمحليات ووصولاً إلى كرسي الرئاسة..
واللافت للنظر تميز حكم الرئيس صالح بالمرونة والحكمة والعفو والتسامح حتى مع الخصوم الذين رسموا أخطر المخططات التآمرية لإسقاط نظامه ومع حتى من فجروا انقلابات وو..إلخ، وزاد ارتفاع شعبيته في قراره بعودة كل الرؤساء السابقين لليمن من منافي الخارج للعيش في وطنهم بأمان وحياة كريمة وكسر حاجز القطيعة مع خصومه المعارضين للحكم في الداخل والخارج بالتواصل معهم..حسناً من الحكمة والتجربة الطويلة لزعيم عصرته كل المراحل أنه لا يقطع شعرة معاوية مع كل خصومه لعلهم يعودون إلى رشدهم ويصطفون لبناء اليمن.. بقي القول إن مرور 31 عاماً على 17 يوليو تأتي اليوم المناسبة في ظل أوضاع دقيقة وحساسة يمر بها البلد ووحدته وفي واقع تراجيدياء الأحداث المفاجئة التي يصعدها ما يسمون بعناصر الحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية والأخبار المتواترة من عناصر التخريب والإرهاب الحوثية في محافظة صعدة فإن حكمة صالح وتجاربه في اجتياز المخاطر والتحديات ستسقط الرهان على من يسوقون الوطن إلى الفتن وويلات الحروب وحمائم الدم وإن غداً لناظره قريب والله المستعان والسلام ختام.