د/ عبدالله الفضلي
تتفق معظم النظم الديمقراطية في العالم على أن المكاشفة والمصارحة والوضوح والشفافية بين الدولة والمواطنين هي السمة الغالبة في تلك الدول وأنها اللغة المشتركة بين الحاكم والمحكومين وفي الأعم والأغلب فإن حكومات الشعوب الديمقراطية الواعية والمستوعبة للنظام والقانون تبادر في كل خطوة تقوم بها لمصلحة الوطن والمواطنين - تقوم بإعلام مواطنيها بنواياها وخططها وإستراتيجيتها من خلال توصيل ما تنوي القيام به وما سوف تضطر إلى عمله لتحقيق طموح معين أو هدف معين فهي تستخدم أسلوب الشفافية والوضوح والصراحة والمكاشفة في كل تحركاتها حتى لا ينشأ عند المواطنين أدنى شك أو ريبة أو توجس من شيء ما وحتى لا يفاجأ المواطن بتغيرات طارئة من نوع ما أو أن تطرأ بعض المستجدات أو المتغيرات على إحدى الخدمات وتلزم الحكومة الصمت دون إبداء الأسباب والإقناع والتبرير المنطقي للإقدام على تلك الخطوة مثل تقليص بعض الخدمات المباشرة وكذا إصلاح أو تطوير إحدى الخدمات إلى الأفضل، ولكن هذا الإصلاح أو التغيير أو التطوير قد يتأثر به المواطنون ويشعرون بوطأته من قريب أو بعيد ولذلك تلجأ الحكومات إلى إعلام وإبلاغ وإحاطة المواطنين علماً بالأسباب والمبررات للقيام بهذه الخطوة وتحديد الوقت اللازم لإنجاز وتطوير تلك الخدمة بحيث يكون كل مواطن مستوعباً ومدركاً ومتفهماً ومستعداً للتعايش مع الوضع الجديد.
ولكن هل هذا يحدث في بلادنا سواء فيما يتعلق بمشروعات المياه أو الطاقة الكهربائية أو غيرها من الخدمات المباشرة التي يتأثر بها المواطنون ويشعرون بوطأتها وقد مضى على معاناة انطفاء الكهرباء في بلادنا ردحاً من الزمن وبصفة خاصة منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي حتى يومنا هذا وفي كل عام يزداد الانطفاء ويكون وقعه أشد وأمر وأنكى من الانطفاء السابق فقد تحول الانطفاء غير المبرمج وغير المعلن إلى كابوس يومي يؤرقنا ليلاً ونهاراً ويقلق راحتنا ويفسد علينا سعادتنا ويقلل ويحبط أعمالنا فقد تجرعنا الأمرين وتعطلت مصالح الناس في الورش المختلفة والمصانع والمتاجر ومحلات الكمبيوتر والانترنت ومضخات المياه.
ورغم ذلك تحملنا ولا زلنا نتحمل هذا الانطفاء غير المبرمج لأننا على الأقل نعيش في مناطق جبلية معتدلة ولكن هناك مواطنين من ساكني المناطق والمدن والحارة هم يعانون من لهيب الحر والحرارة المرتفعة والذين يعتبرون الطاقة الكهربائية كالماء والغذاء.
ولكن وزارة الكهرباء والطاقة تخفي علينا كل الحقائق ولا ندري ماذا حدث وماذا يحدث بالضبط في الوزارة وفي مؤسستها الفذة ولا نسمع من المواطنين إلا التذمر والسخط والسب واللعن على من حل فينا الظلام دون أن يعرف المواطن ماذا يحدث وإلى متى ستظل هذه الأزمة والمعاناة قائمة وبالتالي ما هي الأسباب والمبررات التي بحوزة الوزارة وما هي الإجراءات والمعالجات العاجلة التي ستتخذها وزارة الكهرباء والطاقة حيال هذا الانطفاء المزعج؟.
فلماذا لا تقوم وزارة الكهرباء والطاقة بكشف الحقائق الواضحة والصريحة للمواطنين حول هذه الأزمة وهذا العجز في إمدادات الكهرباء للمواطنين وما هي المعالجات السريعة والناجعة للخروج من هذه الأزمة المتراكمة والمزمنة ؟وكان من المفترض أن تقوم الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء والطاقة بمكاشفة ومصارحة للمواطنين بحقيقة ما يحدث وما هي الحلول التي ستنهي هذه الأزمة وكم تحتاج وقتاً دقيقاً ومحدداً حتى يتم الانتهاء من هذه الأزمة وذلك حتى لا يظلوا في توهانهم وعدم لجوئهم إلى التخمين والتكهن ونشر الأخبار والأكاذيب المظللة.
بعض الملاحظات:
هناك الكثير من السلبيات التي نعيشها في مجتمعنا اليمني ومنها الاستهلاك غير الواعي لكل شيء يأتي من الحكومة ومنها استهلاك المياه والكهرباء وقد ساهمت وزارة الكهرباء والطاقة في استهلاك الطاقة الكهربائية من قبل المواطنين والجهات الحكومية دون وعي أو إدراك لمخاطر الاستهلاك المسرف للمياه والطاقة الكهربائية في منازلهم وفي الوزارات والمصالح الحكومية دون وعي أو مراعاة للظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا من خلال عدم ترشيد الطاقة الكهربائية من قبل الوزارة وإرشاد وتوعية وتوجيه المواطنين في كيفية استخدام الكهرباء في منازلهم وفي شوارعهم وفي متاجرهم وفي الدوائر الحكومية والمصالح والهيئات حيث يقوم كثير من المواطنين بإضاءة كل غرف المنزل بما في ذلك المطابخ والحمامات وتشغيل السخانات بالإضافة إلى استخدام أكثر من جهاز تلفاز في البيت الواحد أو توعية وإرشاد من قبل الوزارة بخطورة هذا الاستهلاك غير المبرر من خلال روشتات إعلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة وتحذير المواطنين من مغبة استخدامهم المسرف للسخانات الكهربائية والمصابيح ذات الإضاءة العالية غير الاقتصادية وهناك من يحتاجون إلى هذه الطاقة في المناطق الحارة هذا فضلاً عن إرشاد المواطنين في كل حين وفي كل وقت إلى التعاون مع أنفسهم ومع الوزارة في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية وهذا ليس عيباً فقد مرت دولة الكويت الشقيقة قبل عام تقريباً بأزمة طاقة كهربائية خانقة فعملت الحكومة على نشر الوعي بين المواطنين عبر كل وسائل الإعلام وعلى مدى أربع وعشرين ساعة عن كيفية استخدام الطاقة الكهربائية وترشيدها وذلك على مدى شهور الصيف شديدة الحر حيث يزداد في هذه الأشهر استهلاك الطاقة الكهربائية بصورة مخيفة حتى استقرت الأوضاع الكهربائية في الكويت فهل قامت مؤسسة الكهرباء بمثل هذا الإرشاد والتوجيه في وسائل الإعلام المختلفة.
هناك تصاريح بالجملة تمنح للمواطنين من قبل إدارات المناطق خاصة في أيام الصيف وذلك لإضاءة الأماكن التي ستقام فيها زفاف الزواج والأعراس فتصرح لكل مواطن بمائة قنديل صغير ولمدة ليلة الزفاف ولكن هناك من العمال والموظفين من يتلاعب بهذه التصاريح فيسمح لكل مواطن بتركيب المئات من القناديل ذات الإضاءة القوية والمرتفعة ولمدة قد تصل إلى ثلاثة ليال متصلة وهذه القناديل الضخمة يمكن أن تفيد في إضاءة أكثر من ثلاثين منزلاً وهذا يعد نوعاً من الفساد.
هناك شوارع طويلة في مداخل المدن اليمنية الكبرى يصل طولها إلى أكثر من عشرة كيلو مترات تظل مضاءة بطاقة كهربائية عالية طوال الليل وبعضها تظل مضاءة طوال النهار والليل حيث أن خلاياها تتعطل عن العمل ولم تقم مؤسسة الكهرباء وإداراتها المختلفة في المناطق بالنزول الميداني لمتابعة مثل هذه الشوارع وكان بالإمكان الاكتفاء بعدد من الأعمدة الكهربائية المتفارقة في القيام بعملها خاصة تلك الأعمدة القريب جداً من مداخل المدن وتعطيل الأعمدة الأخرى حتى نقلل من استهلاك الطاقة حتى نهاية أزمة الكهرباء ثم يتم إعادة إضاءتها.
هناك أيضاً عدد كبير من اللمبات الكهربائية ذات الإضاءة العالية موجودة في معظم الشوارع والحارات الداخلية في أمانة العاصمة والمدن الأخرى تظل مضاءة ليل نهار نتيجة لتعطل خلايا هذه اللمبات وعدم انطفاءها توماتيكيا أو آلياً وهي تستهلك طاقة كهربائية كبيرة في وقت النهار ولا يوجد أحد يتابع هذه الظاهرة.
إن المواطن في حاجة ماسة إلى توعية وإرشاد وتوجيه من قبل المؤسسة العامة للكهرباء والطاقة عبر وسائل الإعلام المختلفة بمخاطر استهلاك الكهرباء بطريقة عشوائية استهلاك غير واع خاصة إضاءة المنازل بلا مبرر وفتح السخانات على مدار اليوم.