فهد عامر الأحمدي
هناك أغنية بريطانية - لا أتذكر لمن - ولكن كلماتها تبرز في رأسي كلما سمعت تقريراً عن ازدياد حرارة الأرض وارتفاع مستوى البحر.. يقول مطلعها:
سافرت البارحة إلى سنة 3000 لم يتغير شيء باستثناء عيش البشر تحت الماء ووصول حفيد حفيد حفيدك إلى سن المائتين! وما يبدو لي أنها كلمات تعبر بوضوح عن واقع البشر بعد ألف عام من الآن.. ففي ذلك الوقت لن نتغير كثيراً - وسنظل محتفظين بطباعنا السيئة وتصرفاتنا الأنانية - ولكن أعمارنا ستطول ويصبح عيشنا تحت البحر أمراً معتاداً. ففي عام 3000 سترتفع حرارة الكوكب بمقدار 8 درجات الأمر الذي سيرفع مستوى البحر بسبعة أمتار. وهذا التوقع مبني على متوسط درجات الحرارة التي ظلت ترتفع بشكل مستمر منذ 118عاماً نتيجة التلوث الصناعي الحديث. وارتفاع كهذا سيؤدي إلى ذوبان ثلوج القطبين وبالتالي ارتفاع مستوى البحر وتغطيته لمساحات ساحلية كبيرة..
فمن بداية القرن العشرين وحتى عام 1950 مثلاً ارتفع منسوب المياه ما بين (10 - 15) سنتيمتراً. ومع تزايد عجلة الصناعة وارتفاع مستوى التلوث ارتفع سطح البحر خلال الخمسين عاماً التالية ما بين (17 - 26) سنتيمتراً، وبحلول عام 2100 سيتجاوز مجمل الارتفاع حاجز المتر (وهو ما يعد كارثة مبكرة بالنسبة لدول كالمالديف وهولندا وتفولا كونها لا ترتفع أكثر من 50سم)!!
وأنا شخصياً لست على يقين من قدرة البشر على تحمل ألف عام جديدة من الازدياد المتواصل لحرارة الأرض.. فكلما ارتفعت الحرارة لجأ الناس إلى بناء المنشآت المكيفة - التي تطلق بدورها المزيد من الغازات المسؤولة عن رفع حرارة الأرض وإذابة المزيد من الثلوج.. وليس أدل على هذه الحقيقة من أن ارتفاع مستوى البحر أصبح (هذه الأيام) مشكلة حقيقية تعاني منها دول مثل أندونيسيا وهولندا وبنغلاديش وغينيا الجديدة - ناهيك عن 37 دولة مهددة بالغرق التام قبل نهاية هذا القرن.. أضف لهذا هناك مدن عالمية مشهورة لا ترتفع عن مستوى البحر سوى سنتيمترات معدودة مثل نيويورك ولندن، وجدة، وبطرسبورغ، ونيو اورليانز (التي غرقت بالفعل قبل عدة أعوام) وبالتالي سيعتمد بقاؤها مستقبلاً على بناء الحواجز حولها!
وبحلول عام 3000 لن يكون للبشر أي خيار سوى العيش في قاع البحر أو فوق قرى طافية على سطح الماء (وهو ما يذكرنا بفيلم عالم الماء حيث يغمر البحر قارات العالم ويعيش البشر فوق طوافات ومدن عائمة)!!
وأنا شخصياً أؤمن بقدرة الإنسان الهندسية على بناء مجتمعات طافية أو مغمورة في قيعان المحيطات.. بل لاحظْ أن دولاً (مثل اليابان وكوريا وموناكو وماكاو) تملك حالياً مدناً ومطارات ومنشآت طافية فوق سطح البحر.. كما تملك دول كثيرة مختبرات وفنادق ومراكز ترفيهية مغلقة في قاع البحر.. وكلا المشروعين يشكل نواة مدن عملاقة قد يعيش فيها البشر بعد ألف عام من الآن (وإن كنت أخشى أن حفيد حفيد حفيدك سيملك حينها زعانف وخياشيم)!!