محمد أمين الداهية
أصبح الصراع العربي العربي بمثابة حجر عثراء يضعها العرب بقصد أو بغير قصد تجاه مساعي الدعم المادي والمعنوي للحبيبة غزة وعندما أذكر العرب لا أقصد الشعوب العربية المغلوبة على أمرها وإنما من يسيرها من الزعامات والقادات وقادة الرأي ورجال السياسة.. أبناء غزة لطالما حرصوا على أن يدعو الله أن يحفظ الأوطان العربية من التمزق والاختلاف أولاً بسبب التجربة المريرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني عموماً ثانياً حتى لا ينشغل العرب بما يجعلهم بعيدين جداً عن ما تعانيه غزة من حرب ومضايقة لا تقل ضراوة عن تلك التي خاضتها مع الكيان الصهيوني تلك النظرة المتفائلة التي كانت تتمتع بها غزة، ليس لأنها موقنة بأن النصر من عند العرب فهي تعرف جيداً أن النصر من عند الله ولكن المواقف العربية الشجاعة والتضامن العربي كان يبعث الشعور الحسن عند أبناء غزة وأن هناك من يتألم لما يجري لغزة وأبناءها وبوفاء الأوطان العربية للشعب الفلسطيني عموماً وغزة وأبناءها على وجه الخصوص يزيد من تماسك الفلسطينيين ويشد من أزر المقاومة.
ولكن ما يحدث اليوم في الأوطان العربية انتكاسة عربية تاريخية يعجز الزمن أن يأتي بمثلها، أوطان تنهك وتدمر، شعوب تنصرف إلى ثقافة الفرقة والكراهية، زعماء أصبح همهم كيف يحظون بالرضا الأجنبي لم نعد نسمع حتى ولو الشيء البسيط عن غزة وما تعانيه، جوع ، وفقر، مرض وأحزان، دموع نكالي وصراخ وتوجع يتامى، تخلي العرب عن غزة في الوقت التي هي في أمس الحاجة إلى من ينظر إليها ويضمد جراحها.وكأن العرب عودوا مشاعرهم على ألا تستيقظ إلا على أشلاء أبناء غزة وجثث أطفالها المتناثرة والمحروقة.. سحقاً لعرب اليوم سحقاً للكرامة العربية التي قادها القوادون من العرب نحو الفضائيات الماجنة التي تعرض البغايا على كبريهات تلك الفضائيات يتمايلن بأجسادهن الفاتنة، لتسرح مع ذلك البغاء عقول العرب الشهوانية في الوقت الذي يموت الأيتام من أبناء شهداء غزة جوعاً ومرضاً، شكراً أيتها الشعوب العربية على هذا التخاذل الذي لم نكن نتوقعه أبداً، فقد كنا من قبل نعتبر الزعماء والحكام هم المتخاذلون، وهم المقصرون ، أما اليوم وفي ظل انقسام الشعوب العربية وتجزئها محلياً وعربياً أصبحت الشعوب مصدراً أساسياً للتخلي عن غزة ومعاناتها وأصبحت لاهية بدرجة لا تقل عن حكامها، وهذا هو النصر الذي يجب أن نعترف بأن أعدائنا قد حققوه وبتميز، وإلى مزيد من الانقسام أيها العرب..