كروان الشرجبي
كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن أزمة منتصف العمر أي ما بعد التقاعد وقد تم ذكر أن العديد ممن يصلون إلى هذه المرحلة يصابون بالاكتئاب لأنهم يكونوا قد تعودوا على نمط حياة معين ثم فجأة تتحول مسيرة حياتهم كلياً.
فهناك من يجد أن البيت قد فرغ من الأولاد وبات وحيداً وهناك من فقد شريك حياته فهذه معاناة تزداد سوءاً كلما كان الشخص ليس لديه ما يشغل به أوقات فارغة وقد قلنا بأنه علينا أن نفكر ملياً بالأشياء التي كنا نود أن نفعلها ولم نستطع ذلك مع زحمة الحياة والعمل لذلك فإن علينا أن نجعل من مرحلة ما بعد التقاعد هي البداية الجديدة لحياتنا التي كنا نحلم بها أو نحلم بحقيقتها والذي حرك لدي الموضوع مجدداً هي الفنانة السورية/ عائشة المهنا التي تبلغ من العمر 85 عاماً وهي حالة نادرة من نوعها فقد بدأت بالرسم في عام 2001م عندما كان عمرها 77عاماً وهي تقول عن تجربتها إنها أحبت الرسم منذ الصغر ولكن لم تتح لها الفرصة في الرسم إلا في هذا العمر المتأخر وقد أنجزت خلال عامين "300" لوحة تعبر عن الثقافة والتراث وعادات العرب وشاركت في عدة معارض في سوريا والعالم العربي.
والغريب في الأمر أن لوحات هذه الفنانة كما يقول النقاد تعبر عن مدرسة جديدة في الرسم المعبر عن حياة العرب وأيامهم وتاريخهم ويؤكدون أن الأكثر غرابة أن أكثر اللوحات التي أنجزتها كانت معبرة وغير منقولة وألوانها مناسبة للحالة التي رسمت فيها وأبعادها جيدة وفريدة من نوعها.
وقد وصف مدير المركز الثقافي الفرنسي في دمشق لوحاتها بأنها أجمل ما رأت عيناه لأنها تعبر عن الشرق العربي ولها خصوصية المجتمع العربي وهذا ما يميزها عن أعمال الفنانين العرب الآخرين الذين درسوا الفن الغربي ونقلوا أفكاره.
إن هذه الفنانة لم تجد الوقت الكافي في شبابها لتظهر موهبتها في الرسم ولكنها بعد أن فرغت الحياة من حولها تذكرت ما كانت تحلم بتحقيقه وقامت بتحقيقه بالفعل ونجحت.
فعلينا أن نقتدي بها وأن نجعل مرحلة ما بعد التقاعد هي مرحلة للبدء بحياة جديدة طالما حلمنا بتحقيقها.<
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM