سنتطرق في هذه الحلقة لنوضح كيف تمكن الملكيون من هز معنويات رجال الثورة وسيطرتهم على عدة مواقع وكيف كان دفاع الثوار عن ثورتهم واستبسالهم في النضال في صد شراسة الأعداء ليظفروا بالنصر للوطن الذي ينعم بالاستقرار والحرية منذ سقوط النظام الإمامي البائد وهنا يقول المؤلف:
وصلتنا معلومات بأن أعداء الثورة تمكنوا من قطع الطريق عصر باب اليمن، وكذا تمكنوا من السيطرة على قرية وجبل عطان بالإضافة إلى ضربهم محطة الكهرباء،وبذلك يكون أعداء الثورة قد تمكنوا من تحقيق هجمة ثانية بعد تلك الأولى التي رافقت بداية الحصار والتي كان يقودها المدعو/ قاسم منصر على مصنع الغزل والنسيج ومطار الجراف ووصوله إلى "قرية الدجاج" باب شعوب ونتيجة لذلك تقدم الفريق العمري هجوم أدى إلى هزيمة قاسم منصر وتكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد،ولكن على الرغم من تلك الخسائر التي تكبدوها إلا أنهم قد حققوا بذلك مكاسب معنوية مقارنة بحالة الضعف وتدني الحالة المعنوية لمقاتلي الثورة والجمهورية لأن مثل تلك الهجمات كانت تعد بمثابة اختراقات خطيرة استهدفت مداخل العاصمة وحزامها الأمني والدفاعي.
العمري. . وملحمة السبعين
بعد تلك الأحداث طلبت من الزملاء أن نتوجه معاً إلى منزل الفريق/ العمري للتعرف على مطالب تلك الجماهير التي ارتفعت أصواتها في بابه، والتي اتضح أنها كانت في انتظار العمري أمام منزله لتتلقى التعليمات والتوجيهات منه.
وكان ذلك اليوم من الأيام الحرجة إذ تسلل الملكيون حتى وصل البعض منهم إلى منزل العقيد/ محسن جياش الذي يقع جنوب طريق عصر مقابل المستشفى الجمهوري ومحطة الكهرباء "شارع الزبيري".
كما كنا نسمع طلقات الأسلحة الخفيفة ونحن في باب منزل العمري وكانت من الجانبين وعلى هيئة اشتباك مستمر وقد كان ذلك اليوم من الأيام الصعبة حيث تدنت فيه معنويات عدد من الزملاء إلى أدني حد لها، عندما كانت صنعاء تتعرض للقصف المستمر الشديد وكانت أصوات الإنفجارات تتوالى من كل الاتجاهات وفي عديد من الأحياء وعند بداية كل صباح.
كما تم قصف الإذاعة في ذلك اليوم وبصورة أكثر شدة عن سابقتها وطبعاً صاحب كل ذلك الضرب خسائر جسيمة ولا أكون مبالغاً إذا قلت بأن صنعاء حينها كانت على وشك السقوط.
وعودة إلى القبائل التي كانت متجمهرة أمام منزل العمري كان بعضها من قيفة بقيادة أحمد ناصر الذهب والبعض من خولان بقيادة عبدالخالق الطلوع ومجاميع من الحداء يقودهم علي ناجي القوسي وآخرين.
وبينما نحن كذلك إذا بالفريق/ حسن العمري يظهر مرتدياً بدلة عسكرية وملامحه عادية توحي بالثقة والتماسك والإيمان بأن النصر حليف الثورة والجمهورية وبدى وكأنه لا يوجد في الأمر شيء ووقف متأملاً الحاضرين بعد أن سلم عليهم وسألهم عن أحوالهم ومدى جاهزيتهم وتأكد بأن جميع من حوله على استعداد للقيام بما يوكل إليهم إذا ما تمت تلبية طلبهم في إمدادهم بالذخيرة والسلاح الذي سبق الوعد به.
وبادر العمري ذلك الرجل بقوله : نحن لم نعد أحد بالسلاح ولكن ذلك الشيخ استمر في حديثه مخاطباً الفريق بقوله: "نحن لا نريدك أن تكون مثل ناجي علي الغادر بوعد الناس بالكذب".
عندها تغير وجه العمري مردداً قوله: قبح الله وجهك أنا مثل الغادر قاطع الطريق يا قليل الأدب، مضيفاً أنا سوف أقاتل بهذه البندقية حتى تثبت الثورة والجمهورية،ولا حاجة لنا فيمن هم من أمثالك، ذلك بينما بقية الجماهير تحاول تهدئة الفريق والتوقف عن تهديد المتكلم واضعين شيلانهم من فوق رؤوسهم بين أيدي الفريق العمري طالبين منه العفو، حتى تم إرضاؤه وحينذاك طلب من الجميع اللحاق به، وفعلاً توجه الجميع وكان في مقدمتهم سيارة روسي عليها رشاش متوسط تليها سيارة الفريق من الخلف سيارة حراسة.
وقد كان ذلك الموقف الذي تابعناه عن قرب والذي يؤكد شجاعة ذلك القائد المؤمن بالثورة والجمهورية وحتمية النصر ويعتبر الموقف عندها بالنسبة لنا يتحول اليأس إلى نصر وحافز لمواصلة الدفاع عن الثورة عندها وجدتني أقول لمن معي جمهورية إلى الأبد،وعلينا أن نثق أن النصر قريب بإذن الله طالما والقيادة على ذلك الإيمان وتحمل تلك الصفات وإبرازاً للحقيقة وللتاريخ فإن الجيش اليمني وكلٍ ما يملكه من إمكانيات محددة ومعه رجال الأمن وبمشاركة الشباب من المقاومة الشعبية ومعهم رجال القبائل الوطنيين، كل أولئك بقيادة الفريق / حسن العمري كان لهم الدور البارز في الدفاع عن الثورة والجمهورية، ومن خلال تلك المعارك البطولية وفي جميع الاتجاهات للعاصمة، إذ كانت تحركاته باعتباره القائد العام للقوات المسلحة لقيادة العديد من المعارك تعتبر أعلى مثال لدرجة التفاني والتضحية فقد كان قدوة للآخرين وعلى يديه تمت هزيمة أعداء الوطن والثورة في جميع المعارك التي قادها.