كروان الشرجبي
"إذا أردت أن تعرف عمق البحرية عليك أن تأخذ مجرى النهر عكسياً لتعرف عمق العين التي يأتي منها الماء".
هذا القول المأثور وضع في رأسي سؤالاً وأظنه يتفرع إلى عدة أسئلة ما معنى أن يكون كل منا بحيرة؟ وكيف يصبح كل منا عمقاً قياساً مع عمق النبع؟!
أظن أننا لا نستطيع أن نكون بعمق النبع ذاته إلا إذا بقينا بدرجة أو بأخرى على امتداده الطبيعي، وكيف نعثر على عمقنا؟ وما هي منابعنا الأولى ؟ هل هي "العائلة، البيئة، المجتمع، النموذج، القدرة، التعليم والثقافة" بكل ما تشمله هذه المسميات من قيم وتقاليد إيجابية أو سلبية، أم أن منابعنا الأولى هي بالضرورة نظرتنا الأولى؟!.
أكثرت من الأسئلة عليكم ولكني أصنعها لتشاركوني في الإجابة عليها وبالعودة إلى الأسئلة قد أجيب عليها وباجتهاد شخصي وأقول: أن إنسانيتنا هي المنبع الذي يجب أن نعود إليه لنقيس عمقنا الحقيقي لكن حتى هذه الإنسانية تصبح إشكالية بسبب غموض معناها واختلاف تفسيرها من شخص لآخر ومن ثقافة إلى آخرى فعلى سبيل المثال فالإنساني لدى بعض الثقافات هو قتل المريض الميئوس منه تحت مسمى القتل الرحيم وفي الوقت نفسه فإن هذا الفعل يعد جريمة لا يمكن غفرانها في ثقافات أخرى وحتى أذا أردنا تحديد شروط ما هو إنساني وما هو غير أنساني فسنجد أنفسنا في نفق معتم لأن أية شروط يمكن تحديدها لم تكن متوافرة في عصور غابرة كان فيها المخلوق البشري صورة من اللإنساني شكلاً وسلوكاً قياسياً إلى إنسانيته.
وأعود بكم أعزائي القراء إلى فكرة النبع والبحيرة وسائلة مجرى النهر عكسياً أنه طريق صعب لأننا لحظتها نعبر مسلكاً مهلكاً لأننا نصعد عكس مجرى تيار الماء أذا علينا أن نتخلص من شوائبنا ومن أثقالنا و علق بنا وأن نهدم الحواجز والجسور التي شيدناها بجهل أو بغفلة منا بيننا وبين منابعنا الأولى فلن نستطيع الوصول إلى غايتنا إلا حين نصبح أنقياء كمياه النبع ولن نستطيع التوحد مع زرقة الماء في النبع إلا أذا كنا في صفاء ونقاء زرقته.
فهل نستطيع ذلك؟!
لا أظن أن الأمر بهذه السهولة لأننا قد عملنا منذ البداية على بناء جسور كبيرة وهو ما يجعل صعودنا عكس اتجاه النبع مؤلماً، لأننا بشر ودائماً ما نخطئ ونغضب وبعضنا يحقد وبعضنا يضمر الشر لغيره لذلك لن نكون في صفاء ونقاء وزرقة مياه النهر.
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM