د.يوسف الحاضري
(( عندما يتنازع الناس على الحياة الدنيا يتجلى التوجيه الرباني العادل بقوله (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )) ليعطي من فاتتهم الحياة الدنيا نصيبهم من الحياة الأخرى , عندما يأكل القوي الضعيف يتجلى قوله سبحانه وتعالى (( تلك الدار الآخرة ....)) , عندما تتضارب المصالح الدنيوية مع بعضها وترى كل حزب بما لديهم فرحون يتجلى قوله تعالى (( تلك الدار الآخرة ... )) ,عندما يفسد المفسدون ويسرق السارقون وتُجوع الشعوب وتمتهن كرامتهن وتسلب حقوقهم تشرق الآية لكل ضعيف وفقير ومن لا حيلة له ولا قوة إلا بالله بقولها (( تلك الدار الآخرة ... )) , عندما تجد الجماعات تتصارع والأفراد تتقاتل والدماء تتناثر من أجل الدنيا هنالك يتجلى قوله تعالى (( تلك الدار الآخرة...)) , عندما يتربص المتربصون ويتقطع المتقطعون وينهب الناهبون هنالك يقول الله تعالى لهم (( تلك الدار الآخرة ...)) , عندما يتآمر المتآمرون ويخطط المخططون ويقسم المقسمون هنالك يقول لهم الله (( تلك الدار الآخرة ...)) , عندما تتحارب الدول وتقصف المدن وتسفك الدماء وتسيل كالأنهار وتنتهك الحرمات هنالك تشرح الآيات نفسها ويظهر للعيان قوله تعالى (( تلك الدار الآخرة ... )) , نعم وألف نعم ونعم فالدارين الدنيا والآخرة خلقهما الله لعبادة العاصي منهم والطائع فمن أراد الدنيا وسعى لها سعيها وهو حريص فلن يكون له نصيب من الدار الآخرة , ومن سرق وقتل وتقطع وانتهك الحرمات لكي يصلح حياته الدنيا فسيصلحها بخراب آخرته , ومن ظلم ثم ظلم وظلم واستمر في الظلم ليؤسس حياته الدنيا فسيبنيها من أعمدة آخرته لتنهار عليه , ولكن الحليم اللبيب العاقل العارف لله حق معرفته يوازن بينهما فيرفع يديه ويقول (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) , فلماذا نتصارع ونتقاتل ونتحارب على لعاع الدنيا وننسى آخرتنا ولماذا نقتل الآخرين لنؤسس دنيانا على جلود ودماء وظهور من حرمتهم عند الله القوي الجبار أعظم من حرمة بيت الله في الأرض (( الكعبة المشرفة )) , أما فكرنا لحظات قبل أن تنطلق أزندتنا النارية في وجوه أناس الله خلقهم ليعمروا الدنيا ونحن نقتلهم أما فكرنا ماذا سيكون حالنا بعد لحظات تحت التراب وعند البعث بين يدي من لا يضيع عنده مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ,نعم فالله سبحانه وتعالى خلق الدار الأبدية لمن لا يريدون الدار الفانية خلقها للعقلاء ذوي الأرباب الفاهمة والعقول الواعية والقلوب النيرة , خلقها لمن لا يريد علوا في الأرض , خلقها لمن لا يريد الفساد والفساد ثم الفساد خلقها سبحانه وتعالى للمتقين فالعاقبة كما صورها الله سبحانه وتعالى لهم للمتقين حيث قال جل علاه من لا يبدل القول لديه ومن لا يظلم أحدا (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )).
Yusef_alhadree@hotmail.com