;

جددوا لعمير عهداً 1141

2009-07-26 03:01:15

عصام المطري

كان عمر بن الخطاب بن عدي الخليفة الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم شديداً في محاسبة الولاة، وكان يرحب بشكوى الرعية من الولاة ويتحقق من صحتها ، ويجازي ويعاقب بها، وكان حريصاً كل الحرص على أموال المسلمين حيث لم يفرض له إلا ما يكفيه هو وعياله ، وقد تأخر يوماً عن خطبة الجمعة ، فجاء وهو يلبس بردة فيها إحدى وعشرون رقعة والثوب المبلل الذي لم يجف بعد ، فصعد إلى المنبر فقال "ما حبسني عنكم إلا ثوبي هذا كنت أنتظره حتى يجف ، وليس لي ثوباً غيره" ، هكذا تقشف الزعماء والقيادات التي رباها الإسلام ، أما اليوم، فالرؤساء والزعماء يلبسون كل يوم جديد ولا يحتفظون بالملابس القديمة ، أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكان خليفة وزعيماً للناس لا يماثله زعيم في هذه الحياة ذلكم لأنه ركب الصعاب وضيق على أهله من بني عدي ما يحكى أنه يوماً خرج إلى الفلأ ورأى إبلاً سمينة ، فقال لمن هذه الإبل ، فقالوا إنها إبل عبدالله بن عمر، فجن جنونه ، وطلب ابنه للحضور عليه للمساءلة، وكانت عادت عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا فزعه أمر كان يرك شاربه حتى أتاه عبدالله بن عمر- رضي الله عنه فقال له : لمن هذه الإبل يا عبدالله ، قال عبدالله إنها لي أشتريتها بحر مالي وأعلفها وأرعاها ثم أبيعها لأربح المال مثلما يفعل معظم المسلمين ، فقال له : إن الناس يقولون إعلفوا إبل ابن أمير المؤمنين.. اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبدالله بعها وخذ رأس مالك وضع الأرباح في بيت مال المسلمين..هكذا مرة واحدة يمنعه من التجارة لأنه ابن أمير المؤمنين وقد كان أصحابه واخوانه يلحون عليه من أجل أن يستعمل عبدالله بن عمر رضي الله عنه في منصب إلا أنه كان يأبى ويقول "يكفي أن يحاسب الله عمراً لوحده" وعبدالله بن عمر رضي الله عنه- درة ومثالاً للزهد والاستقامة والطهر والحفاظ إلا أن أمير المؤمنين لم يفعله خوفاً أن يكون تشريعاً لمن يأتي بعده يتخير المناصب لأهله ، وكان عمير بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه - مثالاً في الزهد والعفاف والتقى ، فيحكى أن واليه بأذربيجان أهدى له بعض الحلوى فلما أكل منها الخليفة عمر رأى طعمه لذيذاً ، فقال لرسول واليه أكل المسلمون يأكلون "هذا" قال له الرسول :"إنما هذا أكل الخاصة فاختلج عمر وغضب وصاح في رسول الوالي قائلاً : "خذ فرسك وأرجع بهذه إلى الوالي وقل له يقول لك عمر لا تشبع من طعام حتى تشبع رعيتك" ، وذات يوم تلقى شكاة ضد والٍ له ، هو "سعيد بن عامر الجمحي" تتضمن ثلاثة مآخذ : أولها: أنه لا يخرج إلى الناس حتى يتعالى النهار ، وثانيها أنها لا يجيب أحداً بليل ، وثالثها :يغيب عن الناس كل شهر يوماً ، واستدعاه عمر وواجه بالشاكين وقال لهم : تكلموا ،فقالوا لا يخرج إلينا حتى يرتفع النهار ، ونظر أمير المؤمنين صوب سعيد وطلبا منه أن يجيب ، فقال : والله يا أمير المؤمنين إني كنت لأكره ذكر السبب : ليس لأهلي خادم ، فأنا أعجن معهم عجيني، ثم أجلس حتى يختمر ، ثم أخذ خذي ، ثم أتوضأ وأخرج إليهم ، فاشرقت أسارير عمر" فقد بدا أنه لن يساء في رجل وثق فدينه واختاره بنفسه ، ثم قال للشاكين:وماذا أيضاً ؟ !، قالوا لا يجيب أحداً بليل ، قال سعيد والله ، إن كنت لأكره ذكره ، إني جعلت النهار لهم ، وجعلت الليل لله عز وجل ، قال عمر : وماذا أيضاً تشكون منه..؟!، قالوا : إن له في الشهر يوماً لا يقابل فيه أحداً، وقال سعيد : ليس لي خادم يغسل ثيابي ففي هذا اليوم أغسلها ، وانتظرها حتى تجف ، ثم أخرج لهم آخر النهار، قال عمر وقد غمره الحبور والبشر: الحمد لله الذي لم يخيب فراستي، ثم أرسل "عمير بن سعد" والياً على حمص فمكث هنالك عاماً لا يرسل خراجها ولا تصل منه أي أنباء ، فقال عمر لكاتبه "إكتب إلى عمير ، فإني أخاف أن يكون خائناً".. وأرسل إليه يستدعيه ، وذات يوم شهدت شوارع المدينة رجلاً أشعث أغبر، تغشاه وعثاء السفر ، يكاد يقتلع قدميه من الأرض اقتلاعاً من طول ما لاقى من عناء ، وبذل من جهد .. على كتفه اليمنى جراب وقصعة .. وعلى كتفه اليسرى قرب صغيرة فيها ماء.. وإنه يتوكأ على عصاء لا يؤدها حمله لقد مر متجهاً إلى مجلس عمر وسلم على أمير المؤمنين ، ويرد عمر السلام ، ثم يسأله وقد آلمه ما رآه من جهد وإعياء ، ما شأنك يا عمير؟؟ شأني ما ترى.. ألست تراني صحيح البدن ، طاهر الدم معي الدنيا أجرها بقرنها؟!، قال عمر: وما معك؟! قال عمير : معي جرابي أحمل فيها زادي ، وقصعتي آكل فيها ، وادواتي، أحمل فيها وضوئي وشرابي وعصاي أتوكأ عليها فوالله ما الدنيا إلا تبع متاعي قال عمر: أجئت ماشياً؟! قال عمير: نعم أتيت من البلد الذي بعثتني إليه فجمعت صلحاء أهله ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم حتى إذا جمعوها وضعتها في موضعها ولو بقي لك منها شيء لأتيتك به ، قال عمر فما جئتنا بشيء ، قال : لا فقال "عمر" وهو منهمر سعيد "جددوا لعمير عهداً"

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد