نبيل مصطفى الدفعي
أعتقد بأن هناك مجاميع كبيرة من الناس ستقف معي إذا ما قلت أن التطور الحاصل أصاب كل مناحي الحياة وكل المدن والقرى حتى النواحي البعيدة وقد عكس نفسه على مستوى الوعي الاجتماعي فتطورات الكثير من الآراء والمفاهيم والعادات لدى الناس مما يعني تطور قدر من ثقافتنا الاجتماعية والسياسية في المجتمع إلا أنه وللأسف لا زالت بعض العادات والمفاهيم من المسؤولين ممن أوليت لهم الثقة من قبل الدولة لإدارة أو قيادة مرافق أو مؤسسات وما زالت سلوكيات كثيرة منتشرة وسائدة رغم كل الاستنارة والعلم والتقدم.
فواقعنا الذي نعايشه يومياً أكبر دليل على ذلك وفيه العديد من الأمثلة نذكر منها:
بعض مسؤولي المرافق والمؤسسات يقومون بقيادة وإدارة مرافقهم وفق عادات وسلوكيات قديمة تحرر منها أغلب أفراد المجتمع وفيها إساءة كبيرة للحرية المطلقة التي منحت الثقة لهم . كتسخير أغلب الموازنة المالية لمصالحهم حيث يملك البعض أكثر من أربع سيارات من أحدث الموديلات شراء أو تأجير بيوت خاصة لهم كالفلل والعمارات أيضاً المصاريف الشخصية الباهظة والتي تدخل تحت غطاء النثريات الخاصة والعلاوات وبدلات السفر .
بعض المسؤولين يديرون مرافقهم تحت غطاء الشعارات الوحدوية الوطنية البراقة مع عملية إعلامية دعائية تعزز ذلك الغطاء. فيما هم يسلكون عكس ذلك وقد تجلى ذلك في تعزيز دور المناطقية في مرافقهم وإثارة النعرات ، إبرام اتفاقيات الهدنة مع بعض من رموز المعارضة لدعمهم في إدارة المرفق ويتم ذلك بشكل سري ولكن روائح تلك الاتفاقيات المبرمة تكشف نفسه من خلال النتائج والسلوك الظاهرة كالحوالات المالية التي تصرف على شكل معونة شخصية أو مكافأة شخصية مقابل لا شيء.
بعض المسؤولين يقوم بالتستر على رموز الفساد في المرفق وعدد من القضايا المالية ذات الخروقات القانونية ما يمكنه من التحكم والسيطرة ومن ثم الاستغلال لتسخير ما يعني في الأخير التحالف مع الفساد لضرب أي مظهر من مظاهر ضرب الفساد في المرفق للقضاء عليه وهذا ما يؤدي في الأخير إلى تضرر مسؤول المرفق.
بعض المسؤولين عندما تكثر أخطاؤه وسلبياته في قيادة إدارات ذلك المرفق أو تلك المؤسسة وتظهر ملامحها لا يتقبل النقد البناء الموجه له بل ويقوم بمحاربة النافذين من زملائه وربما اقصائهم من مناصبهم متصورين أن لديهم الحرية خاصة بعض من تم تعيينهم بقرارات سياسية ولم تراعى الدقة عند إختيارهم.
كل ذلك السلوك وكل تلك المفاهيم والعادات المختلفة والقديمة التي ينتهجها أولئك البعض من المسؤولين ممن استعرضنا بعضاً منهم يوضح أن أخطر شيء أن يتصور البعض منهم أن الحرية فصلت على مقاسهم وحدهم وأن الديمقراطية لم تخلق إلا لهم فاذا ما انتقد أحد رأيهم قالوا أن ذلك عمل قاصداً النيل منهم ومن سمعتهم وأن كل ما هو فاسد في مرفقهم وكل الممارسات الغير مقبولة من تمييز مناطقي وغير وطني ليس من ثمار سلوكهم أو عملهم واحياناً يلجأ البعض من هؤلاء المسؤولين إلى تقديم نفسه على أنه الضحية والمظلوم الذي يعاني من الحقد والاضطهاد وأن الآخرين هم أشرار قساة وغير ذلك من العبارات التي يعتقدون بأنها ستبرؤهم مما قاموا به من سلوك سيء تجاه الناس والمجتمع.
نقول لهم في الأخير أيها المتخلفون يا من تتحكم بكم المفاهيم والعادات والسلوك العتيقة وما عفا عليها الزمن أنكم أصحاب حرية متهاوية فوضوية أنكم فاسدون وبناة ديمقراطية خاطئة وغائبة عن الواقع وأن مناداتكم للديمقراطية عبر الفوضوية وللحرية عبر الانفلات لتحقيق المصالح الشخصية والاستمرار على كرسي المسؤولية وإلغاء الآخرين في المجتمع .. سيفيق الناس والمجتمع يوماً ما وستقفون يوماً أمام ميزان العدالة والله من وراء القصد.<