يتابع المؤلف حديثه عن الأيام الأخيرة للحصار على صنعاء وكيف كان أبطال الثورة على جاهزيه عالية للدفاع عنها رغم ما رافق تلك الفترة من إفرازات حزبية ضيقة وشعارات مناطقية، وعلى خلفية ما أشرنا إليه في الحلقة الفائتة يواصل المؤلف كلامه قائلاً:
وبمجرد وصول القوة إلى الحيمة الخارجية وبني مطر استقبلت من قبل البطلين: الشيخ/ أحمد علي المطري والشيخ/ حمود محمد الصبري رحمهما الله مع أبناء وقبائل المنطقة التي كانت في مقدمة المدافعين عن الثورة والصامدين بالرغم من تدني الإمداد وصعوبة الاتصالات والتنسيق بين القبائل الوطنية وبين قوات الثورة والجمهورية.
إذ تحرك الجميع في حملة واحدة وشاركوا في فتح طريق الحديدة صنعاء، وتحقيق النصر المؤزر في يوم 18 فبراير 1967م والذي اعتبر يوم النصر العظيم وفك الحصار عن العاصمة صنعاء.
وبذلك اليوم تنفس أبناء الشعب اليمني في كل المحافظات الصعداء لتعود الثقة بالثورة والجمهورية بالرغم من بقاء بعض عناصر الملكيين في مواقعهم وبصورة ثابتة في مناطق عدة إذ كان لا يزال قاسم منصر يرابط في اتجاه الشرق وذلك بموقع جبل الطويل وتبات وادي سعوان خلف خشم البكرة.
وكانت الكلية الحربية تقصف كل يوم بالمدفعية الثقيلة وعندما كنا نرجح البقاء من المواقع خاصة عند استمرار القصف المدفعي إذ كانت المواقع تحتوي على خنادق ودشم وأماكن للتمويه والاختفاء وبالتالي الرد على قوات العدو ومصادر نيرانه التي كانت على مقربة من مواقعنا بينما ونحن في الكلية لم نستطع الرد على العدو بحكم اتساع المساحة التي تتمركز فيها مدفعية العدو.
انضمام منصر ونهاية آل "حميد الدين"
وكنا نتحاشى ذلك باعتبارنا نضع برنامج التحرك والسير في ميادين التدريب وفي صالات الدراسة وحينها استمر القصف ولفترة طويلة حتى التحاق الفريق/ قاسم منصر وانضمامه إلى صفوف الجمهورية في يناير 1967م بعد إعلان محمد بن الحسين رئاسته لمجلس الإمامة والذي يمكن اعتبار ما حدث بداية النهاية لكل من تبقى من أسرة "حميدالدين"، وطموحاتهم وأحلامهم بالعودة.
وذهب البعض في تحليلاته بأن ذلك الإعلان بمثابة ثورة على الإمام المخلوع "محمد البدر".
وفي تلك الفترة كان أعداء الوطن يدركون أهداف الثورة اليمنية في إعادة بناء اليمن وتحديثه وكانت حساباتهم الخاطئة تتجه بهم إلى ضرورة التخلص من النظام الجمهوري الجديد في اليمن والذي لم يتصور معه بأن الحصار الحالك سيواجه بإصرار رسمي وشعبي وصمود وبطولات نادرة قدمها الشعب اليمني وقواته المسلحة والأمن بالإضافة إلى ذلك القرار الشجاع الذي أتخذ بتشكيل المقاومة الشعبية التي كانت سنداً قوياً للجيش والأمن وكان الشعب اليمني متفاعلاً ومتماسكاً بينما عاصمته تعاني من الحصار، ولقد أثبت سكان العاصمة صنعاء قدرتهم على الدفاع عن مدينتهم وكان كل مواطن وأسرة وطفل وامرأة يمثل بطلاً.
الثورة في مذكرات
لقد مثلت مذكرات المؤلف مرحلة معينة من مسيرة الثورة والجمهورية في حين سرد مؤلف الكتاب بعضاً من أحداث ووقائع فجر ذلك اليوم الخالد 26 سبتمبر 1962م إلى يوم 18 فبراير 1968م والذي يعتبر اليوم العظيم الذي تحقق فيه النصر المؤزر وفك الحصار عن العاصمة صنعاء. <