زياد ابوشاويش
لم تكد تمضي بضعة أيام على خبر تخفيض حجم المساعدات الأمريكية لدعم الكيان الصهيوني بمليار دولار للضغط عليه من أجل وقف الاستيطان وكعقوبة مبدئية على رفضه الانصياع لخطة خارطة الطريق في شقها المتعلق بهذا الجانب، حتى تراجعت عن ذلك الإجراء قائلة إن تصريحات صدرت بهذا الخصوص فهمت خطأً من وسائل الإعلام، وإنها لم تقصد ما تناقلته هذه الوسائل وليس في نيتها معاقبة الكيان الصهيوني.
الغريب في الأمر أن وسائل إعلام عربية وفلسطينية سارعت فور سماع التصريحات واعتبرتها دليلاًَ على جدية أمريكا في معالجة ملف المفاوضات المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنها ملتزمة بشكل حقيقي بخطة خارطة الطريق وحل الدولتين، وحاولت جاهدة تذكير المتشككين والمتشائمين من أمثالنا بمصداقية الحليف الأمريكي والإدارة الجديدة بقيادة باراك أوباما الذي قال كلاماً معسولاً في خطابه الشهير بالقاهرة ولم نر منه أي جديد حتى اللحظة.
الولايات المتحدة الأمريكية لا تتردد في مخالفة القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان إذا ما تعلق الأمر بإسرائيل، وفي المقابل فإنها لا تتردد أيضاً في معاقبة أي جهة عربية حال ارتكابها أبسط مخالفة للقانون الدولي وفي أحيان كثيرة بلا أي سبب سوى حماية العدو الصهيوني وإرضائه.
التجربة السابقة في العلاقة بين إسرائيل وأمريكا تقول إن رؤساء الإدارة الأمريكية المنتخبين أو الساعين لمقعد الرئاسة يتحاشون غضب إسرائيل حيث العقاب في هذه الحالة قد يصل حد فقدان فرصة النجاح في الانتخابات أو إثارة اللوبي الصهيوني عليهم إن كانوا على رأس عملهم.
ورغم إدراكنا أن الكيان الصهيوني يعمل في خدمة أمريكا والإمبريالية بالعموم إلا أن الدرس الذي يجب فهمه جيداً هنا يقول بأن الإدارة الأمريكية اليوم وبالأمس لا ترغب في معاقبة إسرائيل وغير قادرة على ذلك؛ ومن هنا فإن المراهنة على دور أمريكي ضاغط على إسرائيل هو نوع من خداع الذات.<