جمال سلامة
ما هو دور الفلسطينيين في قطع الطريق على حكومة نتنياهو لمنعها من التملص من المطالب الأمريكية والدولية فيما يتعلق بالمستوطنات وحل الدولتين، وإحباط مساعيها في إجبار أوباما على الانصياع للمخططات الإسرائيلية، بدءا من مواصلة النشاط الاستيطاني وتهويد القدس، وانتهاء بطي صفحة إقامة دولة فلسطينية؟ ولماذا فشلت جولة الحوار السابعة بين "فتح" و"حماس"؟ ومتى ينتهي هذا المسلسل التراجيدي الذي هو بكل تأكيد ليس من أجل المصالح العليا؟ ولماذا دخل الفلسطينيون في صراع جديد وباتهامات جديدة تحت عنوان محضر القدومي..؟ ولماذا يتهرب الفلسطينيون من مراجعة وتقييم مسيرتهم بعد سنوات عجاف من انتهاء مفعول اتفاق أوسلو للسلام، وقد تحولت أراضيهم المحتلة 67 المفترض قيام الدولة الفلسطينية عليها إلى أوصال مقطعة مفصولة عن بعضها بالحواجز والمستوطنات بما فيها زهرة المدائن، وتأكد لهم أن الحل الذي تريده إسرائيل هو حل الدولة اليهودية الواحدة الذي هو نفي الآخر.. لاستخلاص العبر وتحديد الرؤية واتخاذ الموقف والقرار؟!
هذا وإسرائيل لا تخف ضيقها بفلسطينيي 1948، وتفرض عليهم شروطا مهينة تؤكد الفصل العنصري، وتهدد بطردهم باعتبارهم يشكلون خطرا على أمن الدولة اليهودية. الإسرائيليون يقولون بصراحة "على كل من يريد العيش في دولة إسرائيل احترام علمها ونشيدها وشعارها، وإن من لا يستطيع احترام رموز الدولة لا يمكنه أن يكون مواطنا فيها، وسيضطر لأن يتركها، وان إسرائيل لا تحتمل أن يعلن مواطنوها عن يوم الاستقلال يوما "للنكبة"...
نتنياهو، وبعد الامتعاض الدولي من نجاحه في الانتخابات وتشكيله حكومة يغلب عليها الطابع الإرهابي وتعكير العلاقة مع واشنطن، انتقل من الدفاع إلى الهجوم، وأعلن وقوفه صراحة ضد المطالب الأمريكية بتجميد الاستيطان في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية كجزء من حملة استيطانية واسعة لتهويد القطاع الشرقي من المدينة.
فهل يكفي أن يحتج الفلسطينيون لدى الإدارة الأمريكية ويطالبوها بالضغط على إسرائيل لوقف البناء في القدس الشرقية؟ لماذا لا يكون موقفهم إبلاغ واشنطن بأن القيادة الفلسطينية توافق وتتبنى وتدعم بحزم الاقتراح الذي طرحه خافيير سولانا، المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، القاضي باستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي- بالاستناد إلى الفصل السابع- للاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود 1967، والطلب منها الإقرار به واعتماده إذا كانت جادة في حل الدولتين..؟
لم تكن الظروف بالنسبة للقضية الفلسطينية يوما دقيقة وحرجة كما هي عليه الآن، فالعرب وضعوا كل بيضهم في سلة أوباما، وقد يواجه الفلسطينيون قريبا منعطفا خطيرا في مسيرة نضالهم، ولن يساعدهم أحد إن لم يساعدوا أنفسهم. فحاجتهم إلى إلزام إسرائيل بالانسحاب الكامل، وإرغامها على إزالة كافة المستوطنات وجدار الفصل العنصري، وضمان حق العودة للاجئين على أساس القرار الدولي 194 والإفراج عن كل الأسرى في سجون الاحتلال لا تتحقق بهذا الأسلوب وبهذه الطريقة، مما يلقي على مؤتمر "فتح" مسؤولية تاريخية إضافية!
ولا يعقل أن يجتمع الرئيس أوباما مع رؤساء الطائفة اليهودية في الولايات المتحدة ليطالبهم بممارسة الضغط على نتنياهو وليؤكد لهم تصميمه على الوصول إلى تسوية دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، والفلسطينيون في حالة يرثى لها من التشتت والانقسام والتمزق والصراعات الداخلية.