جمعه منصور
كان الأوروبيون وغيرهم يتهمون حكام العالم الثالث بالبذخ واستعمال أموال الشعب والدولة في مصروفاتهم الخاصة وملذاتهم وسهراتهم، وحتى في لعب القمار، ويشيرون إلى أن ما ينفقه الحكام في العالم الثالث على هذه الأمور يصلح لإنشاء مرافق عامة تعود بالنفع على بلدانهم، أو توفير خدمة صحية أو اجتماعية لشعوبهم.
ولكن ما ظهر من نفقات ينفقها الرئيس الفرنسي ساركوزي وزوجته بروني فاق ما ينفقه حكام العالم الثالث بكثير، فهل يعقل أن يتم إنفاق ألف دولار يوميا لشراء الزهور بالنسبة لزوجة الرئيس الفرنسي؟ أما ساركوزي فإنه يصرف سنويا ما يصل إلى مائتين وثمانين ألف أورو، بمعدل سبعة آلاف وسبعمائة أورو يوميا، كما ينفق على المشروبات سنويا مليون أورو، ولديه واحد وستون سيارة، فهل هذه جميعها للاستعمال؟ كما أنه لديه سبعة وثمانون طباخا، فهل يعقل هذا العدد حتى ولو وزعناهم على عدة قصور؟
حتى أنه من كثرة نفقاته تلقى ساركوزي وزوجته خطابا رسميا يطالبهما بتخفيض نفقاتهما، بعد أن تم كشف حسابات خاصة به في نهاية عام 2008 بعد عام من توليه الرئاسة، أظهرت تورطه مع مكتب المحاسبة الدولي الذي طالبه برد مبلغ 12 ألف جنيه إسترليني للدولة، بعد أن تبين أنه قام باستخدام هذا المبلغ لتسديد فواتير خاصة به وزوجته.
ورغم ذلك كله تجدهم يشيرون إلى نفقات ومصروفات رؤساء العالم الثالث ويعتبرونها إسرافا وبذخا، وأنا هنا لا أدافع على هؤلاء، فهم أيضا مفرطون في المال العام، ولكن بالقياس تجد من يدعي الاستقامة والقناعة والأصول في الصرف، خاصة وأن هؤلاء يفترض أن يكونوا خاضعين للحساب من قبل شعوبهم وأدوات الحكم من مجالس نيابية وصحافة.. أما العالم الثالث فالرئيس لا محاسب له ولا رقيب، ومع ذلك فهم عندما يطلعون على ترهات ساركوزي وزوجته سيغالون في مزيد من الصرف والتبذير، والمتضرر الوحيد هم الشعوب.