محمد أبو علان
وأنا أقرأ عن التقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الإسرائيلية حول المبررات الإسرائيلية للحرب الأخيرة على قطاع غزة تذكرت تصريحات "تسبي لفني" وزيرة الخارجية الإسرائيلية في السابق والتي قالت فيها "انتهى العهد الذي كانت فيه إسرائيل في جهة والعرب من الجهة الأخرى"، هذه التصريحات جاءت وهي تتحدث عن معسكر الاعتدال العربي الذي بات يتوافق مع مواقفها تجاه الكثير من الأحداث والقضايا ذات العلاقة في المنطقة.
وفي نفس الوقت تذكرت تلك المواقف العربية التي انطلقت مع انطلاق الطائرات والقذائف الإسرائيلية على قطاع غزة تتهم المقاومة الفلسطينية بأنها خلقت المبررات لدولة الاحتلال الإسرائيلي لشن حربها على قطاع غزة، وكأن الاحتلال يرتكب جرائمه ضد الشعب الفلسطيني للمرّة الأولى.
لم تكن هذه المواقف العربية بجديدة علينا نحن الشعب الفلسطيني بشكل خاص والشعوب العربية بشكل عام، فالموقف من أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" كانت بعض المواقف العربية منسجمة بالكامل مع موقف الاحتلال الإسرائيلي، وفي حرب آب 2006 وقفت نفس الأطراف العربية نفس الموقف من العدوان الإسرائيلي على لبنان، متهمين حزب الله بالتهور وعدم المسئولية، وإنه استجلب العدوان الإسرائيلي على لبنان.
كل هؤلاء تناسوا وبشكل مقصود فاشية الاحتلال وعدوانه الدائم والمتكرر على الشعبين الفلسطيني واللبناني طوال عشرات السنين الماضية، وإن هذا الاحتلال لا زال يحتل فلسطين بالكامل، ويحتل جزئياً أراضي لبنانية وسورية حتى يومنا هذا.
تناسى هؤلاء العرب إن كافة المواثيق والقوانين الدولية تعطي الشعوب القابعة تحت الاحتلال حق المقاومة لهذا الاحتلال بكافة السبل المسلحة منها والسلمية، فما قام به حزب الله من خطف للجنود الإسرائيليين ما هو إلا جزء من مقاومة الاحتلال المشروعة لتحرير أرضه وأسراه، وما كانت تقوم به المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة ما هو إلا رد مشروع على الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، وعلى الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة.
فكيف سيتلقف بعض الساسة والإعلاميون العرب تقرير وزارة الخارجية الإسرائيلية حول مبررات الحرب على غزة؟، هل سيعتبرون هذا التقرير شهادة بصواب موقفهم، بالتالي سينالون حق الانضمام لقائمة "الشرف" الخاصة بوزارة الخارجية الإسرائيلية ؟، وكيف سينظرون لأنفسهم وهو يتحدثون بنفس اللغة التي يتحدث فيها الاحتلال ضد شعب عربي رازح تحت الاحتلال منذ أكثر من ستة عقود من الزمن؟، أم سيكون هذا التقرير بمثابة الضربة التي ستجعلهم يفيقون من سباتهم والاعتراف بخطئهم الفظيع ضد الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني.<