عصام المطري
يختلف الحال في النظم الديمقراطية عنه في النظم الديكتاتورية، ففي النظم الديكتاتورية تعلو نبرة التآمر والخيانة والتحضير لإنقلابات سياسية فكرية ، بينما في النظم الديمقراطية السياسية يختلف الأمر إذ تتداول الأحزاب والتنظيمات السياسية السلطة سلمياً عبر صناديق الإقتراع من خلال العمل السياسي الحزبي المعلن بموجب التعدد السياسي الذي كفله الدستور والقوانين النافذة في البلاد التي خرجت من عباءة مجلس النواب الموقر.
إن الوضع في الجمهورية اليمنية إختلف تماماً حيث ساد بالديمقراطية الهدوء والأمن والسكينة غير أن هناك أصابع متآمرة تصب الزيت على النار ، وتتآمر على وحدة البلاد ونظامه الديمقراطي التعددي السياسي الضخم ، يظهر ذلك بجلاء شديد في تمرد صعدة، ومخربي الجنوب حيث تأزمت الأوضاع ووصلت إلى حدٍ لا يطاق، فهذه الأزمة في الجنوب والمحافظات الجنوبية تعصف بالبلاد عصفاً ، وتهيأه إلى استقبال مصير مظلم يخترق سحابات الأمن والهدوء ، معلناً الانقلاب الأمني والفوضى السياسية التي عبثت بمقدرات وإمكانات البلاد على كافة المستويات.
ولا بديل إلا بانتهاج سياسة الكفاح السياسي السلمي ، فالمطلوب من المجاميع والقوى والتنظيمات السياسية والحزبية السير في طريق الكفاح السياسي السلمي الذي يؤمن وحدة البلاد، ولتكن الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية هي المتنفس الوحيد للتغيير حيث تبدأ عملية التغيير من صناديق الاقتراع ونترك الفوضى السياسية والاصطدام بقوات الأمن البواسل،وإثارة النعرات المناطقية والمذهبية والطائفية والسلالية التي ما أنزل الله بها من سلطان فالكفاح السياسي السلمي طريقنا إلى نيل حقوقنا المشروعة دون انتقاص.
إن طريق الكفاح السياسي السلمي طريق آمن محفوف بالسلامة وطريق الفوضى السياسية والأمنية هو طريق خطر محفوف بالمكاره ، فعلينا أحزاباً وأفراداً ومنظمات مجتمع مدني أن نتجه للكفاح السياسي السلمي ، وأن نتمثله في واقع حياتنا المعيش من أجل سعادة الوطن ، وعلى قيادات الحراك الجنوبي العدول عن العنف والإرهاب وتقتيل الآمنين والاتجاه صوب الكفاح السياسي السلمي ،والمطالبة بالحقوق العامة والمشروعة تحت سقف الوحدة المباركة.
ولئن كان الكفاح السياسي السلمي السبيل الوحيد لنيل الحقوق العامة والخاصة تحت سقف الوحدة فإن ذلك يستدعي تضافر الجهود والوقوف صفاً واحداً أمام العنف السياسي والتطرف والإرهاب ، وهذا يفرض على الإعلام المرئي والمقروء والمسموع الأهلي والحزبي والرسمي أن ينافح عن مشروع الوطن السياسي التقدمي المتمثل بالكفاح السياسي السلمي ،وأن يقف بحزم أمام بث ثقافة الكراهية التي تفرض التمايز المناطقي والطائفي والمذهبي والسلالي ، والعمل على توعية الناس في المحافظات الجنوبية عن مغبة الأعمال والتصرفات التي يقوم بها دعاة الحراك الجنوبي التي تغذي خلايا العنف والتطرف والإرهاب ، وتقديم البديل السياسي عن العنف والتطرف والإرهاب المتمثل بالكفاح والنضال السياسي السلمي الذي هو طريق الأقوياء والأبطال على مر العصور .
لقد كنا في بداية الأمر متعاطفين مع الحراك الجنوبي عندما كان يطالب بحقوقه وحقوق موظفين في المحافظات الجنوبية لكن سرعان ما تحولنا عن هذا التعاطف إلى البغض والكراهية عندما قام الحراك الجنوبي برفع شعارات الانفصال والمطالبة به وعندما تطور الأمر صار القتل بالهوية أمام الانفلات الأمني في بعض المحافظات الجنوبية ، ونود ومن خلال هذا المنبر الحر الشامخ أن نوجه نصيحة إلى قيادات وقواعد الحراك الجنوبي أن يترفعوا عن الصغائر ، وأن لا يستهدفوا الوحدة الوطنية وأن لا يتمادوا في قتل إخوانهم الأبرياء فإن تلك الأعمال مصيرها الخسران المبين وهنالك مؤسسات دولة ورجال أمن أشاوس ستلقي القبض على الجناة وتقديمهم إلى وجه العدالة ليقول عنهم القضاء قوله الفصل، فلابد من قوة رادعة لهؤلاء الأطفال العابثين.
ويبقى الكفاح والنضال السياسي السلمي طريقنا الأوحد لنيل الحقوق المشروعة تحت سقف الوحدة، ولا يجوز رفع السلاح في وجه الدولة والله مع الجماعة فالتزموا الجماعة فهذا النبي والرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأبلغ التسليم يقول في الحديث النبوي الشريف الصحيح "من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" وإلى لقاء يتجدد والله المستعان.<