*قنوات أقفلت. . ومعدون طردوا. . وتكثيف برامج الحديث المباشر
أحمد عبد الحميد
تحدٍّ بالغ الصعوبة ستدخله القنوات الدينية ببرامجها التي ستعرضها في رمضان المقبل في محاولتها لجذب المشاهد العربي خلال الشهر الكريم. . مرة بسبب التنافس فيما بينها، ومرة بسبب تنافسها مع القنوات التقليدية التي تستحوذ على النصيب الأعظم من المشاهدين الذين يميلون في الأغلب للمادة الترفيهية والدرامية، لكن الصعوبة الأكبر التي تواجهها هذه القنوات هو تأثير "الأزمة المالية العالمية" على مالكيها ورعاتها، لتصبح مصائر بعض هذه القنوات في "مهب الريح" ما لم تتداركها عناية ربانية أو منحة راع ٍمن هنا أو من هناك.
إنتاج بأقل التكاليف
القناة "الخليجية"، صاحبة الضجة الشهيرة التي صاحبت تحولها من قناة أغانٍ إلى قناة دينية، تؤكد أن الأزمة المالية لم تؤثر في القناة كثيرا، وعن السبب جاء الرد لأنها لا تعتمد على رعاة أو معلنين بل تعتمد بشكل أساسي على عائدات رسائل sms وبعض المعلنين.
"أشرف البلقيني" مدير إدارة البرامج لقناة الخليجية يقول: إن القناة تعتمد على إنتاج البرامج بشكل داخلي ولا تميل للمبالغة في الديكورات ونفقات وتكاليف الإنتاج.
وعن سؤال لجوء القناة لبرامج الحديث المباشر مع الشيخ فأكد أن هذه البرامج أقل من حيث التكلفة ولا تحتاج لطواقم معدين أو تقارير، كما أن قدرات بعض المشايخ الكبار في الحوار ضعيفة.
أما عن الإنتاج في شهر رمضان فيشير البلقيني إلى أن "الخليجية" تقوم بإنتاج برامج مسجلة هذا العام في رمضان أكثر من العام السابق، وذلك يأتي على حساب برامج الهواء والتي كانت العام الماضي 8 برامج وتنخفض في رمضان القادم لتصبح 6 برامج فقط.
وعن أهم البرامج تحدث البلقيني عن برنامج "على مائدة يس"، وهو البرنامج الرئيسي بالقناة؛ وفكرته قائمة على العمل الخيري، يتم في البرنامج استضافة طفل يتيم، ورجل أعمال، وشيخ، ودكتور تربوي أو نفسي، والحديث يكون عن أهمية كفالة الطفل اليتيم والوسائل المناسبة لذلك، إضافة إلى "يوميات مسلم صغير" وهو برنامج درامي للأطفال، وبرنامج "عمو علاء" وهو برنامج حواري للأطفال أيضا.
أما "هاني بكري" مذيع في قناة "الخليجية"، فيقول إنه سيقدم في رمضان برنامجا خفيفا بعنوان "حوار على الفطار" يذاع قبل وخلال الإفطار ويناقش فيه بعض المشاكل الاجتماعية.
يؤكد بكرى أن القناة ومعها كثير من القنوات الدينية قامت بطرد العديد من العاملين لديها، كما قامت بتقليص عدد البرامج عن العام الماضي، "أنا شخصيا قامت القناة بفصلي تعسفيا قبل أن أرجع نتيجة ضغوطات إدارية وحملات إعلامية".
لا تصريح
قناتا "اقرأ" و"الرسالة" تأثرتا بالأزمة المالية برغم عدم تصريح المصادر التي التقينا بها للحديث عن ذات الموضوعات، دلالات ذلك يمكن رصدها في برامج الحديث المباشر وكثرتها وكثرة البرامج المهداة للقناتين وندرة البرامج الحوارية والمباشرة.
وبدا حديثنا مع مسئولي القناتين عن تأثير الأزمة المالية على برامج شهر رمضان القادم وكأنه أسرار أمنية أو مسألة أمن قومي، حيث رفضوا الخوض في التفاصيل كما العموميات، وتمت إحالتنا للحديث عن ذات الموضوع من رؤساء القنوات، وهو ما لم نتمكن منه حتى نشر هذا التقرير، وهو ما ضاعف شكوكنا وأسئلتنا.
التقينا مع أحد العاملين في قناة "اقرأ" الذي رفض نشر اسمه، فأخبرنا أن هناك برامج جديدة متنوعة ستذاع في رمضان المقبل؛ أهمها برنامج "مصطفى حسني" -رفض ذكر اسم البرنامج ومحتواه لارتباطه بخطة دعاية- وهو ما رآه بعض المراقبين بأنها خطوة من قناة "اقرأ" لإعداد "حسني" ليحتل مكانة عمرو خالد.
كما ستعرض القناة برنامج "حدثنا البحر" للداعية الشيخ "محمد العريفي"، وبرنامج "ذكريات" وهو برنامج تُرصد في كل حلقة من حلقاته الجانب الإنساني من حياة داع أو شيخ، وبرنامج "قاطعوا هذه المنتجات" للداعية محمود المصري وفكرته تقوم على مقاطعة بعض السلبيات الأخلاقية والمجتمعية.
كما تحضر "اقرأ" لمجموعة من البرنامج منها برنامج خاص بالشيخ صالح كامل، وبرنامج للشيخ السعودي عبد الله المصلح، وآخر لمحمد عبده يماني الوزير السعودي الأسبق، وبرنامج جديد للشيخ الأزهري المصري محمد عبد الباعث، كما يظهر على القناة الشيخ علي جمعة، والدكتور علي النابلسي، والفنان المعتزل مجدي إمام، ورفيدة حبش وهي إحدى عالمات سوريا، والدكتورة عبلة الكحلاوي.
الخريطة البرامجية لقناة "الرسالة" التابعة لباقة قنوات "روتانا" لم تختلف كثيرا عن تلك المقدمة في "اقرأ" فأهم برامجها في رمضان تتمثل في برنامج "قصص القرآن" للداعية عمرو خالد، وبرنامج "خواطر الجزء الخامس" للشيخ أحمد الشقيري، وبرنامج "علمتني الحياة" للداعية ومدير القناة الدكتور طارق السويدان، وأخيرا برنامج "نداء الإيمان" لثلاثة من الدعاة وهم صلاح سلطان، وعمر عبد الكافي، والعربي كفشاط.
كارتون. . والبرامج مستمرة
"قناة الناس ستكون مختلفة. . انتظروها بعد سنة" كانت ذلك الوعد الذي سمعه المتابعون للقناة من ألسنة مسئولي القناة، الذين ينفي تماما تأثر القناة بالأزمة المالية، بل يرون القناة حققت في القترة الأخيرة نجاحاً غير مسبوق، وأن المشاهدين خلال عام على الأقل سيرون قناة مختلفة تماما.
"حسن زهرة" مدير إعداد البرامج بالقناة أشار إلى أن القناة، خصوصا مع الإدارة الجديدة برئاسة "أحمد الفقي" تحاول أن تنهض بالصورة الإعلامية للقناة، من خلال تقديم صورة جديدة للبرامج المعروضة بالقناة، بل تغيير الشكل النمطي لاستديوهات وديكورات القناة.
أما محمد جابر نائب مدير العمليات والتنفيذ بالقناة فقد كان أكثر تفصيلية في كلامه في الحديث عن البرامج والتطويرات التي حدثت بقناة الناس من خلال استقطاب أسماء جديدة أبرزهم الدكتور محمد الراوي الذي له برنامج بعنوان "هذا بيان" وهو برنامج قائم على التفسير الموضوعي للقرآن الكريم.
التطويرات الأخرى بحسب جابر تتمثل في إنتاج القناة لأول برنامج كرتوني لها سيذاع في شهر رمضان، والمسلسل بعنوان "ناصح" وهو من النوع الصامت يعتمد على كوميديا الموقف مثل "شارلي شابلن"، إضافة إلى برنامج "أنا وهي" للأطفال ويقدم من ثلاث فتيات صغار، وبرنامج للشباب بعنوان "اركب معنا" يقدمه الشيخ سلامة عبد القوي.
لكن هناك وجهة نظر مخالفة تجاه القناة مفادها أن التطوير حقيقة لم يطرق بابها، وأن الأزمة المالية قد نالتها، فعدد برامج الهواء بالقناة في رمضان المقبل -وفقا لكلام جابر- لا تتجاوز ال4 برامج، فيما يتجاوز عدد البرامج المسجلة 34 برنامج.
برامج كثيرة لن تتغير بالقناة مثل برنامج "حازم صلاح" في "مصابيح الهدى"، ومحمد محمود المصري في "السفينة" وصفوت حجازي في "زمان العزة"، وكذلك أبو إسحاق الحويني وحسين يعقوب.
فصل. . وتوقف
نفس الأمر ينطبق تقريبا، وبدرجة أكبر على بقية أخوات قناة "الناس" مثل "الرحمة" و"الصحة والجمال"، ما بين برامج مكررة، وموظفين وفنيين مفصولين بسبب الأزمة.
الدكتور "حسام عقل" مدير إعداد البرامج بقناة "الرحمة" أشار إلى أن القناة تحاول إجراء تغيير في مضمون الرسالة الإعلامية في رمضان، تعتمد فيه القناة شكلا أكثر مهنية، حيث يقول: "هناك برنامج "لقطة وتعليق" سيرصد سلبيات المجتمع.
وبعكس المتوقع لم يتحدث "عقل" عن أي برامج جديدة ومتنوعة في رمضان المقبل، وأكد أن القناة لم تتأثر بالأزمة المالية لكونها تقوم على الرعاية والإعلانات.
أما "سمير حلبي" مدير إدارة البرامج بقناة "الصحة والجمال" فأشار إلى أن العدد الإجمالي للبرامج هذا العام أقل من العدد الإجمالي من العام الماضي، فبرامج الهواء هذه العام 8 بينما كانت في العام الماضي 11 برنامج هواء.
خلال الإعداد للتقرير التقينا كلا من "خميس نصر" و"أحمد صابر" الأول كان يعمل مراقب شاشة، فيما الثاني كان يعمل فني صوت بقناتي الحافظ والصحة والجمال أكدا لنا أنهما طردا من وظيفتهما الفترة الماضية، والسبب ناتج من سياسات التقليص الكبيرة التي حدث داخل القناتين بفعل الأزمة المالية.
أما قناة "خير الفضائية" فتعتبر نموذجًا دالا لأثر الأزمة المالية على القنوات الفضائية، فهي لم تستمر طويلا في بثها، فكان لكثيرين من العاملين في مجال الإعلام تجربة مرة وقصيرة في العمل فيها، حيث توقفت فجأة وهو ما أرجعه بعض العالمين فيها بفعل الأزمة المالية.
فالباحث والصحفي "ممدوح الشيخ" الذي عمل في قناة الخير يرى أن الأزمة المالية بالفعل أثرت على مشروعات تطويرية داخل القنوات الدينية، فأوقفت كثيرا من البرامج وكذلك كثير من المشروعات التطويرية، وهذا نابع من ضعف الإعلان الذي تأثر بالأزمة بشكل حتمي.
الإنتاج يعترف
بدوره تحدث جلال عبد السميع رئيس شركة "نيوميديا للإنتاج الإعلامي" بما لم يتحدث به مدراء البرامج في القنوات الدينية فأشار إلى أن الأزمة المالية أثرت على ميزانيات إنتاج البرامج؛ رغم أن الأزمة نالت القنوات ذات الدعم القوي مثل "الجزيرة" ومجموعة "روتانا" فالأخيرة خفضت ميزانيات الإنتاج كثيرا.
كما يؤكد عبد السميع أن "روتانا" مثلا شهدت هزة كبيرة عقب الأزمة، لكن القائمين عليها لجئوا لشراء مجموعة ضخمة من الأفلام، وقاموا بعملية دعاية ضخمة قبل وأثناء بثها، وبالفعل استطاعوا الحصول على مجموعة كبيرة من الرعاة والمعلنين، لكن بعض القنوات مثل "البركة" و"خير" فلم يكتب لهما الاستمرار وبفعل عدم تحمل تقلبات أزمات السوق.
ويرى عبد السميع أن أقوى البرامج لا تنتجها القنوات الدينية بل القنوات الاجتماعية والعامة الأخرى، فالقنوات الدينية لا تتمتع بإمكانيات عالية أو لا تضع ذلك بحسابها.
نقلاً عن الاسلام أونلاين