عبدالله الرصين
تعتبر العلاقة بين المنظومة الإعلامية ومنظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية علاقة فاعلة ومتداخلة على اعتبار أن وسائل الإعلام في أي مجتمع هي الوسائل الناقلة لأنماط التفكير والمعرفة والقيم وبالتالي فهي تساهم في خلق جانب كبير من الثقافة الاجتماعية وطريقة حياة أي شعب أو مجموعة مُعنية ، ولذا اهتم معظم خبراء الاتصال بالوظائف الاجتماعية لوسائل الإعلام وحاولوا تحديد أدوار تلك الوسائل إزاء المجتمع ورصد نتائج وتأثيرات هذه الأدوار.
فوسائل الإعلام تؤثر، من خلال منظومة إعلامية ضخمة في سلوكيات الأفراد وإكسابهم قيماً جديدة أو العمل على تخليهم عن قيم أخرى قديمة فعلاقة الإعلام بالقيم المجتمعية والوطنية هي علاقة تبادلية عميقة، حيث لا تحقق هذه الفعالية الإنسانية الخطرة التغيير إلا بعملها الجذري على سلم القيم القائم. تهدم قيماً وتمحوها، وتعزز قيماً ثانية. وتعدل ثالثة ، وبذلك تنتج بشكل متواصل سلم قيم جديدة..وتلعب وسائل الإعلام دوراً مهماً في تثقيف الأفراد وتجاوز تأثير اختلاف الثقافات الفرعية التي ينتمون إليها ، كما ، تسهم ببعض ما تنتجه من أفكار ومفاهيم في توفير بؤرة ثقافية مشتركة يمكنها أن تساهم في ضبط سلوكيات الأفراد وتوجيهها نحو تحقيق أهداف المجتمع التنموية في المجالين الاجتماعي والاقتصادي.
وفي العصر الراهن أصبحت وسائل الإعلام من مؤسسات التربية التي من غير الممكن ضبطها وتوجيهها! ذلك لأن غالبية هذه الوسائل تنقل ثقافات من خارج المجتمع، كما يسعى عدد كبير منها لتحقيق أهداف ومصالح تجارية لأفراد ومؤسسات لا يعيرون اهتماماً لمختلف المعايير والقيم الأخلاقية التي تميز ليس فقط ثقافة المجتمع بل عناصر مشتركة في أديان وثقافات مختلفة من المجتمعات الإنسانية.
من شأنه أن يعمق الاختلافات في الأفكار والسلوكيات بل وفي القيم التي يعتبر الاختلاف فيها من أهم عوامل ومصادر الصراع وعدم التكامل بل إن الاختلافات فيما تبثه وسائل الإعلام من أفكار ومفاهيم يوجد قدراً من اللامعيارية التي يهدد انتشارها نسف قيم المجتمع ليس فقط المحلي بل الإنساني ككل.
