عصام المطري
دخل العالم الإنساني الكبير إلى رحاب عصر جديد متمثلاً بالنظام العالمي الجديد ذي القطبية الأحادية السياسة بعد انهيار المعسكر الشرقي الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفيتي إثر انفراط المنظومة الشيوعية والاشتراكية، وتحلل النظام العالمي الأسبق "نظام التوازن والتكافؤ السياسي واللوجستي" الأمر الذي فرض حياة جديدة للمبادئ والأفكار والقيم فضلاً عن الثقافة والفكر ، فالإسلام بدى وكأنه قوة مستقلة بذاته تضاهي قوة الولايات المتحدة الأميركية - راعية النظام الدولي الجديد - في الفكر والثقافة، وهو ما جعل ذات الولايات المتحدة الأميركية تزيد من استعداء الإسلام ، واستعداء ثقافته وفكره الأصيل حيث ضربت قيوداً على الثقافة والفكر الإسلامي الأصيل حجبت بعض عطاءه المتوقد.
وتطالعنا الأحداث اليومية العامة عن تقدم الإسلام في مجال الثقافة والفكر وتمكنه من التعاطي والتعامل مع الحياة العامة بروح المسؤولية والجد الحازم ، فهذه الثقافة الإسلامية ، وهذا الفكر الإسلامي الأصيل ، انتجا الصحوة الإسلامية المعاصرة التي دوخت أرباب التسلط في الأمصار والبلدان الإسلامية والعربية وفي الوطن العالمي بأسره، حيث لم تتمكن الأسرة الدولية والعالمية من مواجهة الإسلام فيما أنتجه ، وباتت دول وأمصار أوروبا الغربية ودولة أميركا في قلق عارم إزاء تنامي مد الصحوة الإسلامية العارم حتى في تلك البلدان، فالإسلام يشهد اعتناقاً ملحوظ النظر، وهذا من انجازات ثقافتنا الإسلامية في العصر الحديث على وجه البسيطة.
إن الثقافة الإسلامية المعاصرة تخطو خطوات سديدة في ظل النظام الدولي الجديد علماً بأن إفرازات الإرهاب لم تكن يوماً من الأيام إفرازات منطقية للثقافة الإسلامية المرنة الوسطية المعتدلة، فالثقافة الإسلامية في ظل المتغيرات الدولية تتميز بأنها ثقافة مرونة وتوسط واعتدال ، ولا مجال للتطرف والغلو والتنطع في أي حال من الأحوال، فالإرهاب من إفرازات السياسة الصهيونية ذلك أن مختلف الجماعات الإرهابية مخترقة من قبل الموساد الإسرائيلي الذي يعمد إلى تشويه الدين الإسلامي الحنيف حتى يحقق التقليل من اعتناقه في العالم الإنساني الكبير بأسره لكن هيهات ، فاعتناق الإسلام يسير على قدم وساق ، ويمثل الإسلام حضوراً كبيراً في الساحة الدولية والعالمية ، ويتضاعف أعداد أنصاره ومعتنقيه ذلكم أن ثقافتنا الإسلامية قدمت أنموذجاً راقياً للإسلام السياسي عقيدة وشريعة ومنهاج حياة أفضل لكل الناس.
والحقيقة التي لا تخطئها ملاحظة الحصيف هي أن الثقافة الإسلامية الحقة هي ثقافة العالم الإنساني الكبير الذي يتجه صوب اعتناق الإسلام، وجعله الدين الحق المهيمن وثقافته هي الثقافة المهيمنة على مختلف الثقافات في العالم الإنساني الكبير ، فالنظام العلماني والعربي والرسمي سقط أمام مد الصحوة الإسلامية العارمة التي كان لها موقفاً مدوياً من الحرب على غزة وكذلك الحصار الظالم إذ لم تتخذ الزعامات والقيادات الإسلامية والعربية موقفاً مشرفاً من الحرب المعلنة على غزة وكذلك الحصار الغاشم معلنين بذلك سقوط النظام العلماني والعربي والرسمي الكسيح الذي يفتقر إلى القوة.
وثقافتنا الإسلامية في ظل المتغيرات الدولية هي ثقافة العالم الإنساني الكبير الذي يئن تحت وطأة الأمن السياسي والقومي لمعظم البلدان والأمصار الدولية والعالمية، وقد كشفت الإدارة الأميركية السابقة عن وجهها القبيح باحتلال العراق وأفغانستان بدعوى مكافحة الإرهاب ، فأمريكا قلقة ومتوترة من مد الصحوة الإسلامية العارم وهي تخفي قلقها ذلك وتوترها إلا أن سياستها تفضحها أمام الأقطار والأمم ، فهي تعيش أصعب اللحظات، ولا تستطيع التعامل والتعاطي مع المتغير الإسلامي بروح المسؤولية والأمانة التاريخية ،والكفاح السلمي.
إننا نعتقد بأنه وفي الأيام القلائل من تاريخ الأمة الإسلامية ستكون هنالك مواجهات دامية بين الأقطار والأمصار الإسلامية والعربية وبين الإدارة الأميركية الجديدة المرتبكة التي تقدم الخطابات من أجل التهدئة وصناعة سلام جديد بين العرب المسلمين والصهيونية العالمية وبين الولايات المتحدة الأميركية أيضاً،وهو ما عرف بالسلام الجديد الذي ترعاه الإدارة الأميركية الجديدة التي تفضل تحسين صورتها أمام الشعوب الإسلامية والعربية الغفيرة من أجل تحقيق العديد من المكاسب والمنجزات السياسية الهامة في الحقل السياسي العالمي.
ومن المفيد القول أن ثقافتنا الإسلامية في ظل المتغيرات الدولية تعد ثقافة ثابتة غير متغيرة وهي ثقافة المرونة في ظل المتغيرات الدولية في جميع الشؤون الحياتية الهامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإلى لقاء يتجدد والله المستعان.<