;

جنوب السودان المتعدد القبائل والأديان .. في الميزان 1281

2009-08-18 06:42:14

محمد المبارك الجموعي

بعد أن نال السودان استقلاله في نهاية عام 1955م بخروج آخر جندي للاستعمار البريطاني البغيض كانت أيضاً بداية التمرد في الجنوب على الحكومة في الشمال وهي أول حكومة بعد الاستقلال برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري الذي نال الشرف برفع أول علم للسودان وإنزال العلم البريطاني.

يتكون جنوب السودان من قبائل زنجية مختلفة في الشكل واللون والأعراق والأديان وتعتبر قبيلة الدينكا من أكبر قبائل الجنوب السوداني حيث أنهم يصنفون أنفسهم بأنهم الصفوة أو النخبة الأصلية على بقية القبائل الجنوبية فتجدهم يتفاخرون ويتباهون بذلك على رصفائهم من القبائل الأخرى في الجنوب وقبيلة الدينكا نفسها توجد بها درجات تصنيف وترتيب بينهم فهنالك ذينكة بورودينكا الاستوائية فتجد منهم ذينكا رقم واحد في الأصالة ورقم اثنين وثلاثة في الأصالة ولكل مقام مقال.

فالعنصرية الزنجية أشد واعظم من عنصرية البيض لأنها موروثة جيل بعد جيل من الأسلاف والأجداد لذلك فتجدهم في حروب دائمة بسبب هذه الفوارق والتسيد على الفئة الضعيفة وذلك مثل قبيلتي الهوتو والتتوسي في جمهورية رواندا التي وصل عدد ضحايا الحرب العرقية والعنصرية إلى مليونين نسمة وتأتي في التصنيف الثاني كل من قبيلتي الشللك والنوير وهما قبائل لا يستهان بها ولا تقل عن قبيلة الديناكا كما توجد قبائل مثل الزائدة والبارة والمورو والفرتيت فهذه القبائل الجنوبية كلها لا تجمعها لغة واحدة ولكل قبيلة لغتها الخاصة بها وعاداتها لكن اللغة الوحيدة التي تجمعهم هي اللغة العربية فتجد كل أبناء الجنوب يتخاطبون بها حتى ولو كانت بنطق ولهجة مكسرة لكنها القاسم المشترك بينهم وعلى سبيل المثال حتى رئيس حكومة الجنوب الحالي الفريق سلفاكير اذا قام بزيارة إلى إحدى القبائل أو المحافظات الجنوبية تجده يخاطبهم باللغة العربية وتوجد في جنوب السودان ثلاث ديانات الإسلام.

المسيحية، الوثنية فالإسلام دخل إلى الجنوب عبر التجار الشماليين المقيمين العاملين بالتجارة فكان لهم الشرف بنشر الدين الإسلامي في شريحة من ابناء جنوب السودان لا يستهان بها والذين هداهم الله إلى دين الإسلام ونسأل الله أن يهدي الباقين ويشرح صدورهم وتوجد نسبة كبيرة من أبناء الجنوب من المسيحيين ولقد انتشرت المسيحية عبر الكنائس البريطانية والجماعات التبشيرية النشطة التي تجوب أفريقيا للتبشير ويتنافسون على ذلك أصحاب الكنائس فأين أبناء المسلمين من هذا التنافس.

الوثنيون هم أصحاب المعتقدات الأخرى الروحانية التي يؤمنون بها ويعبدنها ويتباركون بها في كل خطواتهم التي يخطونها في الحياة من زراعة وحصاد وسفر وتسمى عندهم "الكجوراو السبر" وهو سحر تشتهر به هذه القبائل الجنوبية الوثنية وهي تعتبر أكثر من نصف سكان الجنوب وكل قبيلة لها سلطان يحكمها أو رث وهؤلاء السلاطين يتحكمون بأفرادها فكل شيء في القبيلة ملك للسلطان خاصة الأرض الزراعية فتجد أغلب الأراضي الزراعية والسكنية ملكاً للسلاطين وتجد معظم أفراد القبيلة أجراء عند السلطان.

وسلاطين القبائل في جنوب السودان من الوثنيين تجدهم يتزوجون من النساء بالمئات وقد يصل العدد عند الواحد من النساء في حدود ثلاث مائة وخمسون زوجة تتفاوت أعمارهن ما بين السبعين والعسر سنوات وكثير من رعايا السلاطين يتباهون بالتقرب والتودد باهداء أبنته إلى السلطان لذلك تجدهم يتنافسون في ذلك ويتفاخرون وعندما يصل السلطان إلى أرذل العمر ويقعده المرض يقمن زوجاته الثلاثمائة وخمسون بخنقه واحده تلو الأخرى والإجهاز عليه حتى يموت لأن هذا من ضمن العادات والمعتقدات التي يؤمنون بها بالوثنية وكثير من هذه القبائل تقوم بختان الصبيان عند بلوغهم سن الشباب بإزالة أسنانهم الأمامية للفكين وليست كمثل طريقة الختان المتعارف عليها وفي حالات الزواج عند القبائل الجنوبية قد يصل مهر البنت إلى خمسة وعشرين بقرة أو خمسة وثلاثين بقرة وكلما كانت البنت طويلة القامة كلما زاد عدد البقر لوالدها والجنوبي يقدس الأبقار ونادراً ما يذبحها فتجدهم يتفاخرون على بعضهم البعض لذلك توجد في جنوب السودان كمية كبيرة من الثروة الحيوانية تقدر بثلاثين مليون رأس من الأبقار والأغنام كما توجد بالجنوب كميات كبيرة من الحيوانات المتوحشة تقدر بالملايين من الزراف والأفيال والأسود والنمور والغزلان والحمار الوحشي ويقدر عدد طيور النعام بمليون طائر وطائر النعام يصل سعر الواحد منه خمسة وعشرين ألف دولار في السوق الهولندي والأوروبي لأن دهن النعام يدخل في المشتقات الطبية والمراهم لذلك تجد كثير من السياح يتهافتون جنوباً لرؤية هذه الطبيعة الخلابة وأنواب الحيوانات البرية النادرة التي لا توجد إلا في جنوب السودان فهلا حافظ أبناء السودان عامة وابناء الجنوب خاصة على هذه النعمة وتطويرها وذلك بإقامة المحميات الطبيعية والحظائر والحرص عليها وإقامة قناة فضائية خاصة تقوم بالاعلان والدعاية لجذب السياح من جميع أنحاء المعمورة فالسياحة كنز ثمين أمام أعيننا لا يحتاج إلى تنقيب في باطن الأرض بل يحتاج إلى تنقيب في عقولنا وأنفسنا لتطويره والاهتمام به والحفاظ على مكوناته الطبيعية حتى تصل إلى مصاف دول العالم الأول.

يعتبر جنوب السودان من مناطق السافنا الغنية في العالم وذلك بكثرة الأمطار الغزيرة التي تهطل تسعة أشهر بالسنة وهذا سبب كافٍ لنمو الغابات الكثيفة والحشائش المختلفة يشتهر جنوب السودان باجود أنواع الأشجار التي تقوم عليها صناعة الأخشاب الراقية والموبيلية مثل أشجار التك والمهوقني والأبنوس وهذه الأشجار تنبت على الطبيعية الإلهية وأيضاً هنالك كميات كبيرة من الفواكه التي تنبت من أنفسها مثل المانجو والأناناس والجوافة والحمضيات بأنواعها.

الأرض في جنوب السودان تعتبر بكر خام ولم يستغل منها بنسبة 1% وذلك بسبب عدم الاستقرار لأبناء الجنوب بسبب الحروب الدائمة والنزاعات القبلية والعرقية التي لا تتوقف حتى تبدأ من جديد وهذا السبب انهك الاقتصاد السوداني لمدة نصف قرن من الزمن.

تنتشر الأنهار في جنوب السودان كما تنتشر الشرايين في جسم الإنسان وتقدر عدد الأنهار بحوالي عشرة أنهار وهذه الأنهار توجد بها مقومات كثيرة مثل الثروة السمكية وتوجد بها أماكن صخرية تصلح لإقامة سبعة سدود لإنتاج عشرة آلاف ميغا من الكهرباء كل هذه الثروات المتعددة الشاملة توجد بجنوب السودان وأبناء الجنوب يعيشون في ضياع وشتاب وفقر وعدم استقرار بالجنوب فتجد أكثر من خمسة مليون ونصف لاجئ هربوا من جحيم الحروب فاحتضنوهم اخوتهم في شمال الوادي خاصة في الخرطوم العاصمة التي كان لها نصيب الأسد من ابناء الجنوب حيث وصل عددهم إلى أربعة ملايين ونصف لاجئ وحوالي نصف مليون يعيشون في باقي المدن السودانية التي تقاسمت معهم لقمة العيش ولم يجدوا منهم إلا كل استضافة ترحاب بعد توقيع اتفاقية السلام في أول عام 2005م توقعه الجميع بأن يعود أبناء الجنوب إلى جنوب السودان ولكنهم لم يفعلوا ذلك ومن رحل من الجنوبيين إلى الجنوب عاد مرة أخرى لماذا؟ لأنهم لم يجدوا حكومة الجنوب قد هيأت لهم سبل العيش الكريم من مشاريع وطرق وبنية تحتية لأن قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان انشغلوا بأمور تخصهم وخلافات قيادية وتنازع على الكرسي والسلطة وتقاسمهم بينهم لحصة البترول الخاصة لأبناء الجنوب التي كان من المفترض أن تقام بها المشاريع والطرق والزراعة لذلك لقد فشل حكام جنوب السودان مع أبناء الجنوب كافة في الفترة المحددة لهم وهي ست سنوات وبعدها يكون حق تقرير المصير في بداية 2011م للتصويت على الوحدة الجاذبة والانفصال لكن أبناء الجنوب كما ذكر القائد عمر البشير في أحد لقاءاته التي عقدها معه على الهواء "الزعيم اندرسن فرخاي" زعيم الأغلبية السوداء المسلمة في مدينة دوترويت الأمريكية حيث اتهموا فيها الرئيس عمر البشير والشماليين السودانيين بممارسة الرق والاسترقاق وبيع الجنوبيين فكان رد الرئيس عمر البشير للزعيم اندرسن فرخاي "هذا اتهام باطل والدليل على هذا وجود خمسة ملايين من أبناء الجنوب في شمال السودان" خمسة ملايين الذين هربوا من جحيم الحرب قبل التوقيع على السلام لم يذهبوا إلى الدول الإفريقية المجاورة وهذا إثبات بأنهم وجدوا الأمان والطمأنينة من إخوانهم في الشمال ولا زالوا يتمسكون بإقامتهم بالشمال وأكد الرئيس عمر البشير بأن أبناء الجنوب أحرار شجعان ولا وصاية لأحد عليهم وإجبارهم على الانفصال كما أشار القائد البشير بأن 82% من أبناء الجنوب "مؤتمر وطني" فنحن بدورنا نقول للحركة الشعبية لتحرير السودان لتحرر نفسها أولاً من وصاية الغرب وإسرائيل وكل يوم تجد أفرادها يأتون بخروقات وعراقيل لاتفاقية السلام التي وقعوها مع الحكومة وآخرها هو القرار الذي أصدره الأمين العام للحركة باقان اموم الذي قال فيها سوف نعلن الانفصال من داخل البرلمان إذا أعيق الاستفتاء وهذا التصريح يقودنا أو يثبت لنا بأن أعضاء هذه الحركة أمرهم ليس بأيديهم وأنهم لا يستطيعون إدارة أنفسهم فكيف بهم أن يديروا غيرهم ونحن نقول لهم كمواطنين وحدويين- الانفصال كالردة - وعقوبة الردة إقامة الحد.

رئيس الجالية السودانية - ذمار ، رداع.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد