عصام المطري
الواقع العربي والإسلامي يئن تحت وطأة الجوع والفقر والمرض والفوضى الإدارية ذلكم أنه لا توجد في معظم الأقطار والأمصار العربية خططاً للتنمية الشاملة بل تمضي مختلف مجالات الحياة إلى حال سبيلها بالعافية وبالبركة بدون تخطيط واع بجميع مفاصل الدولة لتنفيذ الخطة العامة والمشروع الحضاري. لقد أفلست الحكومات العربية من التخطيط حتى وإن أعطت أهمية بالغة للتخطيط فإنه التخطيط الأهوج الممجوج الخيالي الذي لا يتساير مع الواقع العملي والمعيشي إذ بمقدورنا أن نقول بأن الحكومات العربية لا تمتلك المخطط الحاذق بينما تمتلك الشعوب العربية آلاف المخططين الحذاق فهم إما عقول مهاجرة إلى الخارج أو عقول منتمية لأحزاب المعارضة العربية في مختلف الأقطار والبلدان العربية التي تعيش حالة من الفوضى والارتباك الحضاري.
إن على الحكومات العربية ضرورة الإستفادة من العقول العربية ومن الإمكانات الموجودة في صفوف المعارضة ، فنحن لا نكايد هنا أو نزايد فمعظم العقول مهاجرة في الخارج ، ونصفها الآخر في صفوف الأحزاب المعارضة أي أن العقول مهمشة من قبل النظام العربي الرسمي الذي يعمل على دهس الكوادر القادرة على العطاء ، ويتطرف في سحق أحلام وأماني الأمة الإسلامية والعربية من موقع القوة والنفوذ والقرار السياسي.
إن الملايين من أبناء أمتنا العربية ينادون بالتغيير الجذري من الأساس من أجل أن تتنفس الأمة الصعداء ، وتسود العناصر الكفؤة المخلصة النزيهة من أجل الحراك العربي المزدهر ومن أجل مسابقة الزمان لحيازة الانتصار والتطور في مجال الفعل ، فالخطط العربية للبناء والاعمار الوطني الرائد ركيكة ولا ترقى إلى مستوى الخطط التغييرية للبناء والإعمار للوطن الرائد ، فمعظمها طلاسم في الفضاء.
ولا نقول نحن ذلك مبالغة أو نكايد بالحكومات العربية فنحن نطلع على الاستراتيجيات العامة لوزراء اليمن التي هي عبارة عن خيال وتفتقد عنصر الكفاءة في التخطيط الواعي لمجالات الحياة العامة ونطلع أيضاً على السياسات العامة للبلاد التي تعد ركيكة ولا ترقى إلى مستوى الخطط الحاذقة وكأن البلاد عجزت عن أن تلد مخططاً حاذقاً يخطط للبناء والإعمار الوطني الراشد ، ويضع الأمة أمام تلك الخطط التي تتصف بالواقعية ، وبإمكانية التحقيق وبمعالجة أهم مشكلاتنا وقضايانا الحياتية اليومية ..فأين يا ترى الخطط التي ينبغي أن تخفف المعاناة من الانقطاع اليومي المتكرر للكهرباء؟؟!.
إن التخطيط هو صناعة الحياة ، فلنعتمد على التخطيط في بناء وإعمار المجتمعات ولتكن خططنا واقعية تتصف بإمكانية التنفيذ، فجودة التخطيط تورث الانطلاق إلى فضاءات أكبر وتفتح المجال واسعاً أمام التصعيد التخصصي البرامجي واقترح أن تدرس مادة التخطيط على طلاب الصف الثالث الثانوي وفي الجامعات حيث ينبغي أن يتعلم الطالب أصول التخطيط الواعي ومناهجه وأدبياته ووسائله وأساليبه نحو بناء دولة عصرية حديثة تقوم بوظائف ومهام البناء الوطني الراشد خير القيام.
وإذا كان التخطيط هاماً لمثل هذه الدرجة فإنه يستدعي منا مضافرة الجهود ورص الصفوف من أجل تخطيط واع سليم حصف يقف عند أهم مشكلات الأمة ويضع لها الحلول الناجعة وحسبنا في الدول التي تعد في مصاف الدول المتقدمة تأسياً واقتداءً فتلك الدول قامت على التخطيط الواعي السليم وتفجرت الطاقات، وشحذت الهمم من أجل بناء راشد يحقق الرفاه والتقدم والتطوير والتحديث في كافة مجالات الحياة المتعددة والمتنوعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والأمنية والعسكرية والتربوية والتعليمية وغيرها من المجالات الهامة.
وعلى الحكومات العربية تقع مسؤولية مشاركة العناصر الكفؤة القادرة على التخطيط من خارج أحزاب السلطة وتقريبهم وتأهيلهم من أجل أن يثروا الحياة السياسية بنوع من التخطيط السليم والواعي على أنه لا ينبغي الاستئثار بالسلطة ، وإقصاء عناصر جزيلة بالعطاء التنموي في البلاد ، ونحن في اليمن علينا تقديم أنموذجاً راقياً لهذا الصنيع ونحاسب أنفسنا على ما صنعناه داخل الوطن من تهميش للقيادات الكفؤة والنزيهة والمخلصة.. المخلصة لله ثم للوطن وليس للزعيم أو القائد ، فالوطن ليس ملكاً لأحد من الزعامات والقيادات بل الوطن الواحد ملكاً للجميع وعليه نتسابق ونتنافس من أجل تقديم أفضل الخطط والبرامج الحيوية الهامة في مجالات عدة سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية وتعليمية وتربوية وأمنية وعسكرية وغيرها الكثير من مجالات الحياة والله المستعان.
