نبيل مصطفى الدفعي
كنت استمع في إحدى الفعاليات إلى خطبة لأحد المسؤولين الفاسدين فعجبت كيف ينال مسؤول فاسد هذه الشهرة وهو على هذه الدرجة من السخافة. . وعجيب أكثر للتصفيق الحار المتواصل الذي لاقا ومن الحاضرين. . هذا المسؤول الفاسد التي لا ينقصه في نظري سوى الصدق والأمانة والشرف والنزاهة في السلوك. . فقط لا غير ورحت أفكر في الشهرة وكيف أن هؤلاء الحاضرين من الناس كانوا يصفقون لكرسي المسؤولية التي كان يجلس عليها هذا المسؤول الفاسد وليس لشخصه أو لسلوكياته الفاسدة.
وعادت بي الذاكرة إلى العديد من القصص المرتبطة بالشهرة في حياتنا. . يشتهر طبيب إثر دعاية واسعة أو لأن الله شفى مريضاً كان يعالجه. . وسرعان ما تمتلئ عيادته بالمرضى إلى درجة يلزمك معها عدة أسابيع لتفوز منه بموعد.
ويشتهر محام أو مهندس أو خياط أو حلاق فيعج محله بالزبائن إلى درجة لا تصدق،كما يشتهر أحد الناس بخفة الدم أثر نكته موفقة جادت بها قريحته وسرعان ما يصبح نجم المجتمعات ولا تخلو من وجوده حفلة لكن عندما تكبر شهرته"تخف" خفة دمه من كثرة التكرار ، وينضب معين نكاته. . وقد حضرت جلسة فيها واحد من هؤلاء المنكتين فكان المستمعون يضحكون لحضرته حتى إذا سعل فهو مشهور بخفة الدم وكفى. .
إلى أن يأتي يوم ينكشف فيه. . سيظل الناس يضحكون!!
يشتهر مطعم بنوع من الطعام. . وعندما تصل شهرته آفاق المدينة تنحدر جودة الطعام في مطعمه إلى أسفل الدرجات ! كما أنني أعرف تاجراً اشتهر بنظافة اليد. . وصدق الميزان. . ولما كثر الإقبال عليه صار يخلط لحم البقر والماعز بلحم الخروف.
هكذا يشتهر بعض الناس فينام على شهرته وبعضهم يستغلها في رديء الأعمال وفي هذا أكبر الخطأ فلقد قامت شهرات عدة في مختلف حقبات التاريخ لكنها لم تلبث أن اختفت مع الأيام وإلى غير رجعة وحبذا لو فهم كل مشهور في هذه الدنيا حدة فوقف عنده. ورد بالتالي إلى الناس بعض الجميل الذي يقدمونه إليه بتقديرهم وإعجابهم. .
لقد كان الشهرة وما زالت أجمل أحلام الإنسان والذي يقول لك إنه زاهد في الشهرة فهو غير جاد في كلامه. . فالشهرة محببة إلى النفس مهم اعترض طريقها من أشواك. . ومهما كان ثمنها باهظاً كثير التكاليف ولعل أكبر ثمن للشهرة أن يحافظ المشهور على ما سبب له شهرته وأن يعرف متى يجب عليه أن يتقاعد. . والله من وراء القصد. <
