عصام المطري
يخطئ كثيرُ من الناس حينما يفرطون ويغالون في تحليل شخصيات الآخرين حيث يحالفهم الإخفاق والفشل في أحسن الظروف ذلكم أنهم لم يجعلوا التحليل النفسي الذاتي مقدمة حتمية للتحليل النفسي لذوات الآخرين ، ومن هنا كانت رؤانا أن إبدأ بتحليل ذاتك، أجلس مع نفسك بعض الوقت في ساعات صفاء وخلوه ، وتودد إلى ذاتك، وأقرأها السلام ، وباشر عملك في التعرف على الذات، وحاول أن تكتشف ذاتك من أول وهلة ، وكن محايداً في هذا التحليل النفسي، واكشف عن سر نفسك البشرية هل هي منقادة نفسياً أم أن زمام القيادة النفسية في يدها، وادرس أحوال النفس ، وتفنن في هذا التحليل النفسي، فإن معرفة الذات من أجل المعارف، وحاول أن تضعها أمام اختبارات نفسية، وقس مدى قدرتها على التعاطي والتعامل مع المدلهمات والنكبات والأحزان الآلام لتتعرف على رصيده النفسي من هذا كله، واكشف ميول ذاتك واتجاهها النفسي، وحاول أن تكون لك جلسة مع هذه النفس أثناء التوتر، وفي ساعات الغضب من أجل أن تتعرف على طبعها الذي تحتكم إليه هذه النفس، ولا تنزعج من تلك الإجراءات النفسية، وفي نهاية المطاف ستحتكم إلى معلومات ومعارف عن نفسك البشرية السوية بعد التحليل النفسي، وهي معلومات ومعارف البشرية السوية بعد التحليل النفسي، وهي معلومات ومعارف مزعجة ، ونقاط القوة، وما مقدارها وحجمها من نقاط الضعف، وسيسهل فيما بعد التعامل والتعاطي مع نفسك البشرية. إن التحليل النفسي الذاتي مقدمة أكيدة لإجراء مجموعة من التحاليل النفسية لذوات الآخرين، أهم شيء أن تكون مستعداً لإجراء تلك التحاليل، فمن لا يعرف أن يختار لنفسه لا يقدر على الاختيار للغير ، فاترك التحليل النفسي لذوات الآخرين واجتهد في تحليل ذاتك نفسياً تكن أسعد الناس، فمن خلال التحليل النفسي لذاتك ستتوافر لديك قاعدة معلوماتية ومعارفية كبيرة عن ذاتك، وسوف تتمكن من ترويض هذه الذات، ومن حسن قيادتها، وأطرها على الحق أطراً، فإذا اكتشفت الشجاعة في ذاتك، فاعمل على تنميتها، وإن قادك التحليل النفسي لذاتك على أن توصفها بالجبن، فحاول قدر الإمكان على أن تربيها على خلق الشجاعة وضعها في مواقف قابلة لأن تستمد الشجاعة، وأقرأ دعاء الرسول والنبي الأعظم عليه أفضل الصلاة وأبلغ التسليم حينما يتعوذ من الجبن حيث كان نبينا ورسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يدعو هكذا: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذبك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" هكذا كان رسولنا العظيم يتعوذ من الجبن الذي فيه الطباع الخسيسة والذي لا يربي الأفراد على الشرف والبذل والتضحية، فإذا اكتشفت بعد التحليل النفسي لذاتك أن نفسك ممن تهوى طبائع الجبن ، فابذل قصارى جهدك من أجل أن تعلمها الشجاعة، وأقرأ في ذلك سير الصالحين الشجعان.
إنك لن تغير العالم في لحظة ، ولن تتمكن من تغيير ذاتك في محاولة واحدة لكن ابذل المحاولات تلو المحاولات، واستفد من تجارب الآخرين ، وحلق في الفضاء الواسع الرحب تريد ركب التغيير، وليكن لك في ذلك برنامج محدد تقرأ فيه عن تغيير النفوس التي جبلت على حياة الدعة والتراخي والكسل وآثرت الجبن بدلاً عن الشجاعة، وخيمت في فضاءات واسعة من الخوف والمذلة وامتطت خيل الإرجاف تريد العزة والحياة الكريمة من غير منبعها الأصيل، فحاسب النفس قبل أن تحاسب، وابذل في المحاسبة الشيء الكثير، ولا تتوانى عن تأنيب الذات وعقابها الرادع العقاب الشرعي كأن تحرمها من الملذات والأشياء التي تحبها،واعشق فعل الخيرات، وعمل الصالحات تكن أسعد الناس، واعف عمن ظلمك واعطي من حرمك، وصل من قطعك تفز بالسعادة في الدارين الدنيا والآخرة، وحاذر أن تحمل ذاتك فوق ما تتحمل فأنت مخلوق سامٍ لك طاقات ولك قدرات محددة فلا تحمل نفسك فوق ما لا تطيق، وإلى لقاء يتجدد والله المستعان.
