د.يوسف الحاضري
يعرف الشهر الفضيل بأنه شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخرة عتق من النار ( وإن ضعف هذا الحديث بعض علماء الدين ) ولكن الأهم من هذا أن لهذا الشهر الفضيل قدسية وروحانية غير , وأيضا لها احترام وتقدير في قلوب جميع المسلمين وإن اختلفت طرق التعبير عن ذلك , وأنا من هذه الزاوية أسلط الضوء على شريحة أصبحت مؤخراً وللأسف شريحة مؤثرة على عقول وقلوب شبابنا وشاباتنا وهذه الشريحة كما يحلو للكل إطلاقه عليهم ب( الفنانين ) , وسوف أغوص قليلا في مياههم في هذا الشهر الفضيل وأتفقد أحوالهم , فهذه الشريحة في رمضان يتجهون إلى ثلاث اتجاهات , الاتجاه الأول وهو الأخطر على الغير في استمرارهم فيما كانوا عليه قبل رمضان وكأن هذا الشهر مثله مثل سابقيه بل يتجاوز إلى أنه أكثرها تطاولا آخذين في الاعتبار تسمر معظم الناس المسلمين الصائمين أمام شاشات التلفاز لساعات عدة أكثر مما كانوا عليه في أيام الفطر ولذا تعتبر فرصة لزيادة معرفة الناس بهم وبمواهبهم ومنها إلى الشهرة في قلوبهم وما يرافقها من لعاع الحياة الدنيا , فنجد هذه الشريحة ممن يطلق عليهم فنانون يعدون العدة ويتسلحون بأسلحة الفن والإبداع ( في وجهة نظرهم ) ويخترعون المسلسلات والبرامج المسلية والمضحكة والدرامية والمبكية والتي تفطر القلب وتصرف الناس من الحديث عن رمضان وفضائله إلى الحديث عن أحداث هذه المسلسلات , ففي الليل إنفاق الوقت أمام البرامج هذه والنهار تكلم وتحدث عن هذه البرامج وهكذا يتم شل حركة التعبد والتفكر في الله إلى التعبد والتفكر والتعلق بهذا البرامج ، حتى أن بعضهم - وللأسف - يحزن حزنا شديداً لانتهاء شهر رمضان والسبب يبكينا نحن ألا وهو غياب هذه البرامج عن شاشاتهم وسيضطرون للانتظار 11 شهراً لكي يتسنى لهم الاستمتاع مما يدعو إلى الحسرة ثم التساؤل عن فائدة هذا الشهر الكريم , أما الاتجاه الثاني وهو الأخطر على الذات ( النفس ) حيث نجد أن هناك شريحة منهم يبدؤون في خلع ملابس الفن والإغواء التي كانوا يتعرون بها قبل شهر رمضان ويبدؤون في إعداد العدة للطاعة والعبادة الشهرية ومنهم من كان بالأمس يشطح ويقدح في برامجه ومسلسلاته وعندما يبدأ شهر رمضان يعد العدة للصيام ويتجه إلى بيت الله للعمرة ( وما شاء الله نقول )، ولكن للأسف تعتبر عنده عبادة لحظية آنية وقتية لأنه سوف يرجع عما رجع إليه من توبة وطاعة بمجرد أن يغيب هذا الشهر وكأن الله غير موجود إلا في هذا الشهر وهذه الشريحة تعتبر خطيرة على نفسها لأنها أراحت الناس من إغوائهم ولكنهم لم يريحوا أنفسهم إلا أياما معدودات , فهذا دأب بعضهم نشاهدهم بالأمس خلف شاشات التلفاز متعرين ومغنين ولاعبين بأفكار المشاهدين والآن يتجهون إلى بيوت الله وإلى بيت الحرام ثم بعد أن ينسلخ الشهر الكريم يرجعون إلى عاداتهم السابقة والله يقول }وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }الإسراء8, أما الشريحة الثالثة فهم الذين يقول الله عنهم {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ { هم الذين تاب الله عليهم ليتوبوا ويهديهم صراطا مستقيما , هم من نزعوا عنهم ثياب الرجس واستبدلوه بثياب الطهر والتوبة , هم الذين طلقوا المعصية وتقربوا إلى الله بالطاعات , هم الذين آمنوا بقول الله سبحانه وتعالى (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الفرقان70) هم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه , هم الذين لم يسرفوا في أعمالهم ولم يحاربوا الله علنا ويدعون بأن ما يعملونه حلالا زلالا , فهذا حال فنانينا الأكارم منهم وغير ذلك في هذا الشهر , فأرسل رسالة من هنا إليهم جميعا بأن الله واسع المغفرة وأبوابه مفتوحة ويديه الكريمتان العظيمتين مبسوطتين في الليل والنهار ليتوبوا من أساء فيهما , فعجلوا بالتوبة وكفاكم إغواءً للمسلمين فأنتم بهذا يتم تصنيفكم من جنود إبليس حيث تقومون بمهامه على أكمل وجه خاصة وهو مصفد ولكن كما يقال في المثل اليمني (من ورّث ما مات ) فأكيد هذه حكمته وهو مربوط الآن ومنتظر نهاية رمضان ليكافئكم ويقبل رؤوسكم , فلا تكونوا للشيطان ظهيرا واتقوا الله في أمة محمد خير البرية .
Yusef_alhadree@hotmail.com