فاروق مقبل الكمالي
" وجعلنا من الماء كل شيء حي ".. الآية صدق الله العظيم بالتأكيد يدرك محافظ محافظة عدن الدكتور عدنان عمر الجفري الآية القرآنية العظيمة التي توضح أهمية الماء في الحياة وهو بالتأكيد يدرك أن العرب الأوائل كانوا يتنقلون ويهاجرون من مكان إلى آخر بحثاً عن الماء وحيث وجد الماء فثمة موطنهم ووطنهم الذي فيه يقيمون وعنه يدافعون ,وأنه من أجل الماء نشبت الحروب وعم الخراب وأنه لأجل الماء قامت الاتفاقيات وجرت المباحثات ,وكان الماء ومازال يحدد مصير العلاقات على المستويين الدولي والإقليمي بين الشعوب .
فلماذا إذا يصير خروج أبناء عدن للمطالبة بعودة المياه إليهم عملاً تخريبياً وراءه أياد خفية تريد زعزعة استقرار الوطن بحسب ما يراه المسئولون عن هذا الوطن , ولماذا لايكون إيقاف أو توقف ,أو التباطؤ في إعادة المياه إلى المواطنين وراءه أياد خفية تريد زعزعة استقرار الوطن وتعكير حياة المواطن اليمني في تلك المحافظة الباسلة وغيرها من محافظات ومدن الجمهورية اليمنية ؟
قيل أن الجوع كافر ولست أدري ماذا قيل في العطش لكني أعتقد أنه يعني الموت المحتوم بدون فواصل وتعليقات وتصريحات خبرية وصحفية معها يعتقد المسئولون أننا صرنا نشرب حبر تصريحاتهم بدلاً من الماء وتلك هي الكارثة .
أبناء عدن خرجوا يحملون جالونات وقاناني الماء يصيحون بصوت واحد نكاد أن نموت عطشاً يا سيادة المحافظ الدكتور والنائب , نحن نموت عطشاً ؛فمن أذن لمسئولي عدن أن يتحدثوا عن أياد خفية , ويستثمروا مشكلة الماء في أحاديث صحفية موضوعة وجانبية ما أنزل الله بها من سلطان .
أبناء عدن يدفعون كغيرهم فاتورة الماء والكهرباء وضريبة المواطنة ومن حقهم ألا يلتفتوا إلى تصريحات وتبريرات المسئولين عن شئونهم وألا يقبلوا بتوقف الماء وانقطاع الكهرباء عن منازلهم مهما كانت الأسباب والمبررات لأنهم يدفعون ولا تصلهم الخدمة بالمجان مثلهم مثل غيرهم من أبناء الوطن من قاع العلفي و شميلة و السنينة في أمانة العاصمة حيث المواطنين هناك يحصلون على الماء بالوايتات منذ سنوات إلى محافظة تعز التي سبقت كل محافظات ومدن الجمهورية بالعطش ولو أن المسئولين عن تلك المناطق وبخاصة مسئولي المياه يمتلكون ذرة إحساس بالمسئولية لكانوا قدموا استقالتهم وصمتوا عن الكلام المباح قبل إدراك الصباح .
نعم في وطننا فقط يحدث أن نعيش أزمة غاز ونحن ندفع ثمن الغاز وليس خدمة اجتماعية مجانية أو رمزية ,ويحدث أن تتوقف المياه عن منازلنا لأشهر ونحن من يدفع ثمنه شهرياً , ويحدث أن تنقطع عنا الكهرباء لأكثر من 14 ساعة في اليوم الواحد ونحن في النهاية من يذهب لسداد فاتورة استهلاكها , ويصر المسئولون على توزيع الكهرباء وتوزيع الظلام يوميا وكأنهم يوزعون معونات القمح الإماراتي لمن استطاع إليها سبيلا .
ولا يستطيع أحد من المسئولين أن يخبرنا في أي عالم يحدث أن يعيش المواطنون واقع أزمة في أشياء أوخدمات أو سلع يدفعون ثمنها هم , ومع ذلك كله يخرج المسئولون إياهم في صنعاء أو تعز أو عدن أو الحديدة وفي مختلف محافظات ومناطق الوطن للحديث عن أياد خفية ومؤامرات ومخططات لثورات مخملية وفيما نقول نحن "عطش" يقولون هم هذه مؤامرة نقول "ماء" فيقولون زعزعة الاستقرار ,ولسنا ندري أي استقرار يخشى المسئولون زعزعته وما هوا أشد من العطش والجوع ,والظلام ,وانعدام الأمن, وغياب الشعور بالمسئولية زعزعة للاستقرار ؟
أم أنه يجب علينا أن نذكر قيادات محافظة عدن أن الماء وحده من حدد مصير عدن في أثناء حرب صيف 94م وليس شيء آخر وأن أي حديث عن استقرار وطن في ظل انعدام أهم مقوم للحياة "الماء" هو كذبة تستفز فينا كل خلية حية لم تمت عطشاً بعد
