;

الانتخابات الإيرانية : فوز ساحق أم تزوير مقدس ؟! ..( الحلقة الخامسة ) 929

2009-08-31 23:12:27

بقلم /
أبو زيد بن عبد القوي


هل أسفرت الانتخابات الإيرانية عن فوز ساحق لأحمدي
نجاد بحسب النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية الإيرانية وأعتمدها مجلس صيانة
الدستور ؟ أم أن هناك تلاعب وتزوير جعل الملايين تخرج في مظاهرات عارمة لا مثيل لها
صارخة "أين صوتي" ؟ وهل هذا التزوير هو مقدس في نظر المحافظين للحفاظ على خط الثورة
ونفوذهم كما يقول البعض ؟! أقول : لن نستطيع الإجابة على
هذه الأسئلة إلا إذا ألقينا نظرة سريعة وباختصار على أحوال
إيران الاقتصادية من عام 2005م - 2009م وماذا قال الشعب الإيراني عن نجاد وحكمه في
هذه الفترة، وألقينا نظرة سريعة كذلك على مهرجانات المرشحين واستطلاعات الرأي
وشرائح المجتمع التي كانت مع نجاد أو مع موسوي، وكذلك المناطق التي حسمت أمرها من
البداية لنجاد أو لموسوي وغير ذلك في أول بحث موثق وموسع من نوعه فإلى التفاصيل :
من حرض على المظاهرات ؟! يصر البعض على أن الغرب هو الذي حرض على المظاهرات موافقاً
للإعلام الإيراني الحكومي حيث : ( أصرت طهران على توجيه تهمة "التحريض على أعمال
الشغب " التي تلت إعلان فوز نجاد في انتخابات الرئاسة ،إلى موظف واحد على الأقل في
السفارة البريطانية لا يمتلك حصانة دبلوماسية كونه إيرانياً.
وهو اتهم بإدارة
الاحتجاجات من وراء الستار ،وأشارت المعلومات الرسمية إلى تورط دبلوماسية بريطانية
بالتهمة ذاتها ،لكنها لم تعتقل كونها تمتلك حصانة ) ( صحيفة الحياة العدد 16890
بتاريخ 2 يوليو 2009م الموافق 9رجب 1430ه ) بل قد اتهمت وسائل الإعلام التي تخضع
لسيطرة المحافظين موسوي وكروبي وخاتمي وغيرهم من قادة المعارضة بالعمالة للغرب !!
ففي ( مقاله الافتتاحي في "كيهان" أمس ،اتهم شريعتمداري - رئيس تحرير صحيفة كيهان
الرسمية ومستشار المرشد خامنئي - موسوي ب"قتل الأبرياء والتحريض على الشغب
واستخدام بلطجية لمهاجمة الناس والتعاون الواضح مع أجانب ولعب دور الطابور الخامس"
وأضاف في مقالته ،ألتي تعبر غالباً عن المزاج العام في النخبة الحاكمة ،أنه "يجب
محاسبة موسوي وخاتمي في محاكمة مفتوحة على هذه الجرائم البشعة والخيانة الواضحة "
. . . . . .
كما اتهم شريعتمداري موسوي بأنه "عميل" للولايات المتحدة. . . . . .
) (
صحيفة الشرق الأوسط العدد 11177 بتاريخ 5/7/2009م ) وسأترك الجواب لأول وزير خارجية
بعد الثورة الإيرانية وأحد أقطاب الثورة إبراهيم يزدي عندما قال بسخرية : (
"اتهامات المحافظين للحركة الإصلاحية ورموزها بأنهم عملاء لقوى خارجية ليس جديداً
.
هذا ما نسميه في علم النفس إسقاط.
أي إن الشخص يسقط على الآخرين أخطاءه
.
أي بدلاً من أن يقبل المحافظون الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبوها ،يحاولون أن
يلصقوا الاتهامات بعدو خارجي ولومهم على ما يحدث في إيران.
إذا ادعى المحافظون
بعد 30 عام من الثورة أن 4 أو 5 موظفين يعملون في السفارة البريطانية في لندن
يستطيعون التخطيط وتنفيذ اضطرابات فهذا اعتراف صريح بأن هؤلاء الذين يحكمون فشلوا
خلال 30 عاما.
إنها وسيلة لإلقاء اللوم على آخرين في الداخل والخارج بدلاً من
الاعتراف بمسئوليتهم عما حدث" ) ( صحيفة الشرق الأوسط العدد 11177 بتاريخ 5/7/2009م
) تراجعات خامنئي !! سارع المرشد خامنئي إلى مباركة فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد في
الانتخاب حتى قبل مرور الأيام الثلاثة المطلوبة للتصديق الرسمي على النتائج و ( حذر
المرشد الأعلى لإيران ،آية الله على خامنئي ،الذي بارك فوز نجاد ،الخاسرين من
الاستفزاز.
وقال خامنئي في بيان أن " الرئيس المحترم الذي جرى اختياره هو رئيس
كل الأمة الإيرانية وعلى الجميع بمن في ذلك المنافسون في انتخابات أمس دعمه
ومساندته بالإجماع " ) ( صحيفة الشرق الأوسط العدد 11156 بتاريخ 21 جماد الآخر
1430ه الموافق 14 يونيو 2009م ) لكنه وبسبب المظاهرات العارمة التي انتشرت في
غالبية مدن إيران تراجع عن ذلك ( في تحول كبير ،وبعد يومين من تهنئته لأحمدي نجاد
أمر المرشد الأعلى لإيران ،آية الله علي خامنئي ،بإجراء تحقيق في التقارير التي
تحدثت عن مخالفات كبيرة حدثت في الانتخابات لصالح الرئيس الإيراني ) ( الشرق الأوسط
العدد 11158 بتاريخ 16/6/2009م ) وهو بهذا قد امتص غضب الشارع العارم وأعطاهم بصيصا
من الأمل فخفت المظاهرات وفي نفس الوقت أعطى الفرصة للأجهزة الأمنية فقامت باعتقال
الشخصيات المؤثرة في التيار الإصلاحي والقيادية التي كانت تحرك الشارع وسمح لقوات
الحرس الثوري والأمن بتعزيز انتشارها المكثف في جميع المدن التي تشهد مظاهرات !!
وبعد أن أطمئن خامنئي وتأكد من امتلاء السجون بقادة المعارضة تراجع من جديد وأعلن
انه لن يتراجع في وجه احتجاجات المعارضة بسبب نتيجة الانتخابات وقال خامنئي ( في
الأحداث الأخيرة المتعلقة بالانتخابات ،أكدت على ضرورة تطبيق القانون ،وسأواصل
التأكيد على ذلك ،ولن يتراجع النظام أو الشعب بالقوة ) ( صحيفة القدس العربي العدد
6238 بتاريخ 2 رجب 1430ه الموافق 23/6/2009م ) التزوير بدون إعلام !! سمح النظام
الحاكم في إيران لجميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بتغطية المهرجانات والأنشطة
المتعلقة بالانتخابات حتى يتم تجميل وجه النظام أمام العالم الخارجي وواقع الحال
كان يشير إلى تسونامي إصلاحي كما عبر عنه الصحفي الإيراني محمد الحسيني المؤيد
لنجاد فقال : ( اجتاحت العاصمة طهران جموع من الصحافيين والمحللين والمراقبين
والمراسلين الغربيين والعرب ولسان حالهم جميعاً يقول بأن ثمة تسونامي "إصلاحيا
تقوده النخب المعارضة " ) ( صحيفة القدس العربي العدد 6229 بتاريخ 15/6/2009م
الموافق 22 جمادي الثانية 1430ه ) لكن ومن يوم الجمعة يوم الانتخابات ( بدأت
السلطات الإيرانية اعتبارا من بعد ظهر الجمعة حجب موقعي " يوتيوب " و " فيسبوك"
إضافة إلى عدة مواقع إصلاحية إيرانية على الإنترنت ) ( صحيفة الشرق الأوسط العدد
11156 بتاريخ 21 جماد الآخر 1430ه الموافق 14 /6/ 2009م ) ثم بعد ذلك قالت وزارة
الثقافة الإيرانية ( في بيان أنها حظرت أيضا على وسائل الإعلام الأجنبية "المشاركة
في التجمعات التي تتم من دون ترخيص من وزارة الداخلية أو تغطيتها ".
وأوضحت
الوزارة أنه " لا يمكن لممثلي وزارة الإعلام الأجنبية تغطية أحداث من دون تنسيق أو
موافقة من مكتب " الوزارة " ولا يمكنهم المشاركة في أي حدث إن لم يكن مدرجا على
برنامج المكتب ".
وهذا التوضيح يعني أنه لا يحظر على الصحافيين الأجانب تغطية
تظاهرة موسوي فحسب ،بل لا يمكنهم كذلك العمل خارج مكاتبهم ) ( صحيفة الشرق الأوسط
العدد 11159 بتاريخ 17/6/2009م ) ولم يصمد النظام الإيراني أمام أول امتحان إعلامي
دولي له وراح يزج بالإعلاميين في السجون بتهم مضحكة مثل تصوير المظاهرات !!!! فما
هو عمل الصحفي والإعلامي إذا لم يصور المظاهرات ويتابع الأحداث ؟!! تأهب الحرس
الثوري !! أحس النظام الحاكم بالخطر القادم وتأكد من فوز موسوي لذلك استبق الأحداث
ولأول مرة وفي يوم الانتخابات ( أعلن الحرس الثوري الإيراني تأهبه في طهران والمدن
الكبيرة تحسباً لأعمال عنف ،خصوصاً مع تحذيرات أطلقتها وكالة "إرنا" الرسمية
للأنباء مما سمته " مخطط اضطرابات " من قبل الإصلاحيين في طهران ،كما عزز شد
الأعصاب تعطل شبكة الرسائل القصيرة ومواقع لإنترنت تتبع الإصلاحيين واعتقال 12
بينهم مدير الحملة الانتخابية لموسوي الذي حذر من تدخل الحرس الثوري والباسيج في
مسار العملية الانتخابية ) ( الشرق الأوسط العدد 11154 بتاريخ 13/6/2009م ).
لا
تغيير توقع بعض الكتاب المتابعين للشأن الإيراني استحالة تغيير نجاد بالانتخابات
ومنهم على سبيل المثال الكاتب أمير طاهري في صحيفة "الشرق الأوسط" العدد 11147
بتاريخ 5/6/2009م حيث قال : ( قبل أسبوع واحد من يوم الاقتراع في الانتخابات
الرئاسية الإيرانية فإنه من الصعب التنبؤ بالنتيجة بشكل قاطع ومن الناحية الظاهرية
يصعب تخيل أن تسمح النخبة الحاكمة بإبعاد الرئيس الحالي عبر عملية انتخابية لأن ذلك
سيكون معادلاً لرفض النظام بأكمله خاصة أن أداء النظام خلال السنوات الأربع الماضية
كان يبعث على القلق.
ولأن الكثيرين يعتقدون أن المرشد الأعلى وليس الرئيس هو من
له سلطات أكبر في صنع القرار داخل النظام الخوميني فإن التصويت ضد نجاد سوف يتم
تأويله على أنه تصويت ضد علي خامنئي ) لا تغيير مع الاستبداد حذر كثير من
الإصلاحيين من الاستبداد السياسي المتلبس بالدين والذي يستحيل معه التغيير منذ وقت
طويل فقد (عبر - محمد رضا خاتمي ،شقيق الرئيس الإيراني محمد خاتمي - رئيس أبرز حزب
إصلاحي إيراني أمس عن قلقة أزاء مخاطر انبثاق " ديكتاتورية دينية النزعة " في إيران
وذلك خلال مؤتمر استثنائي ل " جبهة المشاركة " في طهران ) ( الحياة العدد
14512بتاريخ 14 /12/ 2002م الموافق 10 شوال 1423ه ) وقد توقع وزير الداخلية السابق
عبد الله نوري استحالة تحقيق أي فوز للإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية فقال قبل
أشهر من موعد الانتخابات : ( إن الإصلاحيين لا يمكن أن يحققوا الفوز في ظل
الاستبداد السياسي ) ( صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 18/2/2009م العدد 11040 ) وقد
صرحت زوجة موسوي الدكتورة زهرة رهنورد : ( إن الشعب قد سئم من الديكتاتورية)( مجلة
الحوادث العدد 2747 بتاريخ 26/6/2009م) الانتخابات الإيرانية " محسومة مسبقاً "!!
علق الكاتب جلال دويدار على الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة ( وقال في مقال
له بصحيفة " الأخبار" أن " نتيجة انتخابات إيران كانت محسومة مقدماً"وقال "عندما
بدأت شرائط الأخبار في الفضائيات تتحدث عن إعلان الحرس الثوري الإيراني حالة التأهب
في المدن الإيرانية أحسست أن هناك جنوحا في دولة الملالي للتدخل في إرادة الشعب حيث
كانت مؤشرات الانتخابات ترجح فوز المرشح الإصلاحي موسوي ،زاد هذا الإحساس يقينا
عندما طالب المرشد العام الإيراني خامنئي والذي يمثل رأس الدولة والحاكم الفعلي
لهذا البلد. .
بالهدوء وعدم الجري وراء الإشاعات وهو يعني ما كان يتردد عن تقدم
موسوي في عمليات التصويت ".
وأضاف "هذه التوجهات سواء من جانب خامنئي أو من
جانب الحرس الثوري تلك القوى التي تأتمر بأمره. .
لم تكن سوى إشارة إلى أن هناك
إصرار من النظام على إنجاح أحمدي نجاد الذي يمثل جماعة المحافظين الدينية المسيطرين
على مقاليد الحكم في الدولة الفارسية ،كل هذه الدلائل تؤكد أن النية كانت مبيتة على
إعادة انتخاب نجاد المحسوب على المحافظين وباعتباره مرشح خامنئي.
لا جدال أن
فوز نجاد ما هو إلا إعلان عن عدم مصداقية النظام الإيراني الذي أكد استعداده للتصدي
لأي محاولة للتغيير قد تؤثر على سلطان ونفوذ الملالي في حكم البلاد " ) ( صحيفة
القدس العدد 6229 بتاريخ 15 /6/2009م الموافق 22 جمادي الثانية 1430ه ).
أضحك
مع نجاد!! في الوقت الذي اكتشف العالم هشاشة النظام الإيراني وقسوة قمعه وفساد
نموذجه وأكاذيب شعاراته وفقر شعبه والتعذيب في سجونه ( شدد الرئيس الإيراني محمود
أحمدي نجاد على ضرورة " اتخاذ قفزة في السياسة الخارجية " الإيرانية معتبراً أن
الغرب عاجز عن تقديم الحلول للمشكلات والقضايا العالمية ،وأن البشرية تنتظر من
إيران أن تقدم لها " سبيلا للنجاة " ) ( صحيفة الشرق الأوسط العدد 11199 بتاريخ
27/7/2009م ) التزوير المقدس !! اعتبر المرشد والولي الفقيه علي خامنئي نتيجة
الانتخابات ( نعمة إلهية ) !! ( الشرق الأوسط العدد 11158 بتاريخ 16/6/2009م ) أما
المدعي العام لإقليم أصفهان محمد رضا حبيبي فقد ( ذهب أبعد من ذلك حيث حذر من أن
عقوبة الإعدام في انتظار من " يحاربون الله " - يقصد المتظاهرين - !! ) ( صحيفة
الشرق الأوسط العدد 11160 بتاريخ 18/6/2009م ) وقد اعتبر المحافظون الإيرانيون
تنصيب نجاد عملية مقدسة !!! فكتبت صحيفة "كيهان" أكبر صحيفة محافظة في إيران والتي
يرأس تحريرها حسين شريعتمداري ممثل المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي في مقال أمس :
( إنها عملية حاسمة ومقدسة ما شاهدناه أمس يمنح الرئيس شرعية إلهية ) ( صحيفة الشرق
الأوسط العدد 11208 بتاريخ 5/8/2009م ) وقد شاهدنا ما جرى للمتظاهرين من قمع منقطع
النظير !! وسمعنا بعد ذلك عن المقابر الجماعية وما جرى للمعتقلين داخل السجون من
اغتصاب للرجال والنساء وقتل وتعذيب وصفه الإصلاحيون بأنه أشد من تنكيل الصهاينة
بأهل فلسطين !! ويبقى بعد ذلك السؤال الهام الذي يكشف حقيقة ما جرى في الانتخابات :
هل النظام الذي يقوم باغتصاب وتعذيب وقتل الرجال والنساء في السجون سيرتدع عن تزوير
الانتخابات ؟!! وأيهما أسهل القتل أم التزوير ؟ وأيهما أهون الاغتصاب أم التزوير ؟
وأيهما أبسط التعذيب أم التزوير ؟ أترك الإجابة للقارئ اللبيب.


الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد