;

ما يجب على المسلم في رمضان ؟! 745

2009-09-01 03:48:00

الشيخ / مختار حسين قاسم

من الله علينا بنعمة الإسلام والإيمان والإحسان بعد نعمة الإيجاد والاصطفاء والإسعاد ، ومن علينا بشهر رمضان وهدانا لصيامه وقيامه إيماناً واحتساباً لوجهه الكريم بمحض جوده وإنعامه ، شهر الله و الأمة ، شهر رمضان الذي فرض صيامه وسن قيامه - الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان -شهر جُعل محطة للانطلاق إلى الله والإقبال عليه والسير إليه ، محطة للتزكية والنقاهة وللصفح والجود والكرم ، وإظهار وإتمام النعم ، وللصلة والمودة والأنس ، شهر العفو والإمداد الإلهي والعطاء والجزاء الصمدي للعباد المتقربين إلى الوهاب الذي أظهر عليهم بهذه العبادة من صفاته الربانية، وأشركهم مع ملائكته بالاستغناء عن الطعام والشراب مع الصلة والمراقبة لمن أراد أن يقطع صلته بغير مولاه ومراقبته لمولاه بقوله اللهم إني صائم وبل هائم وهذا حال أهل الصلة والعبادة لأن الصيام على مراتب وأحوال وأذواق فصيام العوام الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء ، وعند الخواص مع ذلك صيام وإمساك القلب والجوارح عن كل ما يغضب الله وأهله وعند خواص الخواص عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما - فصيام القلوب عما سوى الله فلا يكون حالهم إلا "الله شاهدي ، الله ناظري، الله معي" حقيقة اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت..

فسبحان الذي من وتكرم عليهم - أهل الله وخاصته- بأن يكونوا من عباده الربانيين الذين لا ينطقون ولا يتحركون ولا يسكنون إلا عن الله ولله وفي الله حتى أصبحوا لا يشهدون في هذا الوجود أحداً لا فيه ولا معه ولا سواه ولا من دونه، ولسان حالهم دوماً وأبداً يقول : إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي.. لأنهم دائماً في صلاة وصيام وعبادة وقيام وحب وهيام، جعلنا الله من طلابهم ومريديهم وأدبنا بآدابهم، وخلقنا بأخلاقهم ، وحققنا بحقائقهم التي تحققوا بها حقيقة حتى علمنا وعرفنا عنهم ذلك ، وإن للصيام أسرار وحكم وفوائد ومنائح وعوائد حسية ومعنوية ظاهرة وباطنة لأن الأمر به هو ألا له جل جلاله هو الأعلم والأفهم بكل ذلك وبكل ما ينفعنا دنيا وأخرى ، جسداً وعقلاً وروحاً وفكراً فأمر به جل جلاله وحث عليه ، ودعى إليه ، وكذلك بما يضرنا فنهى عنه وزجر وهو الحكيم الخبير الذي يريد أن يبلونا لكي يصرف أياً منا أحسن عملاً وأهدى سبيلاً، أي منا العبد لربه والعبد لهواه ونفسه وشهواتها.

والعبد الطائع لمولاه الممتثل لأوامره هو الذي يجتنب ما حرم ونهى فيتبع الأوامر ويجتنب المناهي وهو على ذلك سنة كاملة فإذا جاء شهره - شهر الله رمضان المبارك- اجتنب الحلال والطيبات التي أحلها الله لأنها أصبحت في زمن معلوم حرام عليه ، فيزداد امتثالاً لله وطاعة لأن العبد عبد والرب رب ليصفوا بطاعته ويزكو ويعلو فيعرف بذلك العبد الصادق من سواه ، وهو الذي يقول: سمعنا وأطعنا لكل الأوامر الربانية المحمدية ويمتثلها كونه المملوك للمالك والمخلوق للخالق والمسيود للسيد فبذلك خرج من نفسه وهواه إلى إلهه ومولاه ، وعرف بتقواه وكل ذلك بتوفيق الله وهداه ، فيا سعد من اهتدى واقتدى ، ويا شقاوة من أدرك شهر رحمته وبه هوى وغوى.

أحباب الله فلنصطلح مع الحبيب الأعظم جل جلاله والحبيب الأكرم صلى الله عليه وسلم بالندم على ما فات ، وبالتوبة والاستغفار ولنقبل عليه بالصيام والقيام وبالكف عن المظالم والآثام ، وبالذكر والقرآن والإنفاق والإحسان، والصلة وطيب الجنان والعلم والعرفان ، وبسائر الطاعات والقربات لأنه إله كريم من تقرب إليه شبراً تقرب منه ذراعاً ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب منه باعاً ومن أتاه مشياً أتاه هرولة ولا سيما في شهر نفحاته وجوده لننتفع في شهره نفحة نسعد بها ولا نشقى بعدها أبداً ونعلم بها ولا نجهل ونرفع بها ولا نخفض بعدها أبداً ليغفر لنا بها ما تقدم من ذنوبنا ، ونتلقى بها ما هو آت ، وما يدر بها علينا من وهب الوهاب في الحال والمآل لأن خزائنه ملآى ، وعطاؤه لا يُحصر ولا ينقطع ، وهو الذي يذكر من ذكر ويزيد من شكر فسبحان من يمهل ولا يهمل ويقبل على من أقبل عليه ، ويجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه، فهذا شهر الصلح والتسامح والعفو والمغفرة، فالراء من "رمضان" رحمة ، والميم مغفرة ، والضاد ضمان للجنة، والألف أمان من النار والنون نور الواحد الديان ورضوانه ، شهر يصل العبد بسيده ومولاه وفيه جزيل عطاؤه ومدده ورضوانه وإحسانه..

فلنقبل على مولانا بقلوبنا وعقولنا وأفئدتنا وجوارحنا ليهدينا سُبله ويسقينا من بحار فيضه ومننه في شهره الذي أنزل فيه آياته البينات وفتحت فيه أبواب الجنان وأغلقت فيه النيران، وغلت فيه الشياطين وتضاعفت فيه الأعمال، وتصلح فيه القلوب والأحوال وتبارك فيه الأقوال ونشهد فيه تجليات الجمال والكمال ، أيامه ولياليه وساعاته كلها مباركة، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر..

وفقنا الله لقيامها.

فيا نعم هذا الشهر الكريم ونعم سائر العبادات، ويا نعم الصيام والقيام.

اللهم كما بلغتنا رمضان فاجعل عامه علينا من أبرك الأعوام، وأيامه علينا من أسعد الأيام، واحفظنا فيه وفيما بعده من الذنوب والفتن والآثام ، واجعلنا اللهم من عتقائك من النيران ، من عتقاء شهر رمضان، من عتقاء القرآن بحرمته وبحرمة سيدنا محمد سيد ولد عدنان وآله وأصحابه وأحبابه أهل الدرك والبرهان.<

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد