محمد راوح الشيباني
البيض وبعد أن استنفد آخر أوراقه المحروقة ومعها أحرق نفسه وشرفه وضميره وماضيه الذي كان قد أدخله التاريخ من أشرف أبوابه يوم الثاني والعشرين من مايو المجيد 1990م. . قبل أن ينكص ويرتد على عقبيه { كالتي نقضت غزلها أنكاثا من بعد قوة} في العام 1994م في الوقت الذي كان الكثيرون يغالطون أنفسهم فيه أنه ما اتخذ قرار الانفصال سوى نتيجة ظروف الحرب والضغوط الإقليمية التي مورست عليه آنذاك. . إلاّ انه وبعد أن صمت دهرا نطق كفراً مطالبا بالانفصال مرة أخرى مما قطع كل شك أمام من تعاطف معه. . وبرهن أن الرجل مجرد دمية توجهها وتعبث بها أجهزة استخبارات إقليمية ودولية وليس له من أمره شيء. .
وهنا تكتمل معالم الصورة بشكلها النهائي وبالألوان الطبيعية الفاقعة ( الدور ) المطلوب من البيض القيام به في ألمانيا. . كمستشار ومدرس وموجه وملقن و( داية ) للمدعو ( يحي الحوثي ) العاجز عن الحديث عن القضية الحوثية في أوروبا وهي الساخنة الآن على السطح بعد أن تم التجميد المؤقت لما يسمى بالحراك الجنوبي. . وقد كان لافتا للنظر خلال السنوات الثلاثة الماضية ذلك التناوب والتناغم والتنسيق في إشعال الفتن والحرائق على الجبهتين الشمالية والجنوبية للوطن.
فعندما تهدأ جبهة صعدة تشتعل فجأة جبهة الجنوب والعكس. . أما وقد وصلت الأمور إلى منتهاها بعد إعلان البيض لاستئناف نشاطه السياسي من جديد وطرده من دول الخليج التي على ما يبدو أنها استنفدت أغراضها منه كاملة وصار مجرد عالة وحجر عثرة على طريق عودة العلاقة اليمنية الطبيعية بدول الخليج كعلاقة استقرار سياسي ومصير جغرافي مشترك في أقل الحدود. . لم يجد البيض سوقا رائجة يبيع بضاعته المزجاة فيها سوى إيران على أمل قبولها بخدماته وخبرته وعلاقاته الدولية المجربة منذ عمالته في منتصف الستينيات لبريطانيا تحت لواء الجبهة القومية قبل الاستقلال (المسخرة) إلى يوم فراره كاللصوص المذعورين إلى عُمان في يوليو 1994م. .
فالبيض يمتلك خبرات ومعرفة كبيرة لا يستهان بها مع أقطاب المخابرات وصناع الدسائس والمؤامرات والقلاقل والأحداث الإجرامية الدامية ضد الأبرياء والآمنين. . ولا ينافسه في هذا المجال سوى رفيق دربه الشهير ( حيدر العطاس) الدمُية الأخرى التي تشحن من الخلف وترقص في كل اتجاه. .
البيض في ألمانيا لمهمة محددة هي ترويض وتعليم وتوجيه ( يحي الحوثي ) على كيفية التصرف والتواصل مع أجهزة الاستخبارات الغربية وبعض المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان لعرض قضية صعدة في المحافل الدولية مع توجيه إيراني للسفارة في برلين بتذليل كافة العقبات والمهمات الفنية وتوفير كل المتطلبات التي يحتاجها الثنائي الجديد ( البيض الحوثي ) في عملهما من الأراضي الألمانية ضد الداخل اليمني وبسرية تامة بحيث لا يبدو أنهما يمارسان نشاطا سياسيا يتعارض مع إقامتهما داخل المانيا اللهم لقاءات صحفية إعلامية في إطار المسموح به لأي مقيم أو لاجئ. . في المقابل يحصل البيض على دعم إيراني مفتوح لما يسمى بالحراك الجنوبي الذي يتزعمه المدعو (طارق الفضلي) ويعلن أن (البيض) هو الرئيس الفعلي لحركته المطالبة ( علنا ) بعودة جنوب ما قبل الوحدة وذلك لغرض إبقاء البيض حيّا في المشهد السياسي جنوب الوطن. . و( سراً ) وهو الهدف الحقيقي عودة (السلطنة الفضلية) ذات الحدود - حسب زعمه - من با كازم شمالا في شبوة إلى مصافي عدن في ( البريقة )جنوبا إلى يافع غربا ويريد تحقيقه بدعم مقاتلي القاعدة العائدين معه من أفغانستان وهم تحت إمرته وطاعته ويعدهم ويمنّيهم أنهم سيكونون ( جيش عدن أبين الإسلامي) الذي أخبر عنه الرسول الكريم كما يروجون لذلك في حديث النار التي ستخرج من قعر عدن وللبيض مشروعه الخاص دولة ( حضرموت) بعد ذلك.
morashi@yahoo. com
