السيد زهره
الداهم الذي يمثله التمرد الحوثي في اليمن، ليس على اليمن وحده وإنما على كل الدول
الخليجية العربية والدول العربية عموما، وذكرت أن إنهاء التمرد هو مسئولية عربية
بقدر ما هو مسئولية يمنية.
ومن
هنا، لابد أن نتساءل عن الموقف العربي مما يجري في اليمن على صعيدين، على صعيد
الموقف السياسي العام، وعلى صعيد الدعم العربي المفترض لليمن.
أما على صعيد
الموقف السياسي العربي مما يجري في اليمن، فليس هناك بداية موقف عربي عام واضح
ومحدد ومعلن.
كل ما لدينا بضع تصريحات عامة من هذه الدولة العربية أو تلك، وهي
تصريحات من قبيل "أداء الواجب"، أي تنقصها الجدية.
لكن الأمر الملفت هنا هو ما
أعلنه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى منذ أيام في أعقاب اجتماعه مع وزير
الخارجية اليمني في طرابلس.
قال إن الحوار هو الطريق الأساسي لحل الأزمة في
اليمن، وعلى اعتبار كما يفهم أن هذا هو الموقف الذي تتبناه الجامعة
العربية.
ولسنا نتردد هنا في القول إن هذا الموقف ليس بالموقف العربي المناسب
ولا المطلوب في الوقت الحالي.
على الأقل، هذا لا يكفي.
طبعا..
الحوار
مطلوب ولا أحد يعترض عليه بشكل عام.
لكن عن أي حوار يمكن أن نتحدث في ظل ما يجري
على أرض الواقع فعلا في اليمن اليوم؟ الحادث أن جماعة متمردة ترفع السلاح وتحارب
الدولة ولها أجندة طائفية انفصالية معلنة ويصرون عليها.
والحادث ان السلطات
اليمنية طرحت فعلا مبادرة لإنهاء المعارك، لكن المتمردين الحوثيين رفضوها.
إذن،
الدعوة الى الحوار فقط كاسلوب لإنهاء الصراع في ظل هذه الأوضاع يعني في جوهره رضوخا
لمطالب المتمردين.
ولا يمكن أن يكون هذا هو الموقف العربي المطلوب.
الموقف
العربي المطلوب هو إدانة هذا التمرد والوقوف بجانب الدولة اليمنية بلا لبس، والدعوة
الى إنهاء التمرد، ومن دون أن يحقق المتمردون مكاسب انفصالية طائفية كما ذكرت
بالأمس.
أي تنازل للمتمردين سوف يكون سابقة خطيرة عربيا.
أما على صعيد الدعم
العربي المفترض لليمن في صراعه مع هؤلاء المتمردين، ففي حدود ما نعلم ليس هناك أي
دعم عربي جدي.
والأمر هنا باختصار شديد أنه إزاء تمرد عسكري مسلح خطير كهذا، فإن
الدول العربية مطالبة بأن تقدم فورا كل سبل الدعم التي يحتاج إليها اليمن، سواء كان
دعما ماليا أو حتى دعما عسكريا.
لكن، هناك جانب بحاجة إلى توضيح مباشر
وصريح.
في الفترة القليلة الماضية، وفي مواجهة ما أعلنه اليمن أكثر من مرة عن
دعم إيراني مالي وعسكري وسياسي وإعلامي للمتمردين، نشرت وسائل الإعلام الإيرانية،
وأيضا بعض المتعاطفين في العالم العربي مع المتمردين أو مع إيران أو الاثنين معا،
تقارير تتحدث عن أن السعودية تقدم دعما اقتصاديا أو عسكريا لليمن في حربها الحالية
مع المتمردين.
طبعا من المفهوم ان هذه التقارير تنشر من منطلق ان هناك دورا
سعوديا سلبيا، وانه في ظل الدعم السعودي للحكومة اليمنية لا يجوز انتقاد دعم إيراني
للمتمردين.
مثل هذا المنطق أعوج ومرفوض جملة وتفصيلا.
حتى لو صح ان هناك دعما
سعوديا بأي شكل للحكومة اليمنية، فليس مقبولا أبدا وضع هذا الدعم على قدم المساواة
مع الدعم الإيراني للمتمردين.
الدعم الإيراني للمتمردين هو تدخل سافر في شئون
داخلية لليمن، ولأغراض طائفية وتخريبية ومقصود به النيل من وحدة اليمن وأمنه
واستقراره.
والدعم السعودي، أو من أي دولة عربية لليمن، هو أداء لواجب تجاه دولة
عربية شقيقة، وهو دعم لأمنه واستقراره ووحدته.
هذا أمر يجب أن يكون واضحا بلا لف
ولا دوران.
وعموما الذي نريد أن نذهب إليه هو أن الدول العربية، بشكل جماعي
وفردي، ينبغي أن تنظر الى ما يجري في اليمن من تمرد مسلح، باعتباره قضية أمن عربي
عام.
بعبارة أدق يجب أن تنظر الى التمرد باعتباره تهديدا للأمن العربي، وتتعامل
مع القضية على هذا الأساس.
يترتب على هذا كما قلنا التزام عربي، سواء على مستوى
الموقف السياسي، أو على مستوى تقديم كل ما تطلبه الحكومة اليمنية من دعم أيا كان،
ماديا أو عسكريا.
الدول العربية يجب أن تفعل هذا علنا وصراحة وهي ليست في حاجة
الى تقديم أية مبررات أو أعذار.