;

رمضان بين الواقع والحقيقة 785

2009-09-07 13:53:05

شيماء
عبدالواحد كندش


"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم
الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" إن المتأمل في كلمة التقوى سوف
يدرك أنها تعني الكثير مما ينفع الإنسان في كافة شؤون حياته الدنيوية والأخروية فهل
آن الأوان لإستغلال هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن للإرتقاء بسمو حياتنا كمؤمنين
إلى المستوى الذي أراده لنا المشرع الحكيم..

أن الهدف السامي الذي فرض لأجله الصيام هو تحقيق مبادئ عديدة لتقويم
السلوك الإنساني ، ومنها مبدأ التعاون الذي يكون فيه أفراد المجتمع بتوادهم
وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد كما أمرنا الله عز وجل بقوله تعالى " وتعاونوا على
البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم وا لعدوان وقوله عليه الصلاة والسلام "مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر
الأعضاء بالسهر والحمى" وهذا ما يؤكد على ضرورة أن نستشعر دلالات ومعاني الصيام
فالجوع والعطش عندما تضطرم نارهما في أحشاء من لم يألفوه من ذوي الغنى والثراء
عندها لابد لكل منهم أن يتذكر أو يريد شكورا أن ينتابه الشعور والإحساس بما يعانيه
غيره من ذوي الفاقة والحرمان ، ليس في رمضان فحسب بل في كل أيام السنة مما يوجب على
أولئك الأغنياء ومن منطلق قوله تعالى "والذين في أمولاهم حق معلوم للسائل والمحروم
"إعطاء ذوي الخصاصة مما أفاض الله عليهم، من الرزق والتصدق عليهم من المال الذي
هولا شك مال الله فالأيام دوال والمال من ذاك إلى هذا ومن هذا إلى ذاك في تداول
فاعتبروا يا أولى الأبصار ..
وبهذا نكون قد حققنا ولو وجها واحداً من أوجه
التعاون التي نحن مطالبون بترسيخها وتسويدها على كل الأوجه وهنا يجدر بنا الإشارة
إلى بعض السلوكيات الخاطئة التي تتنافى مع قيم وتعاليم ديننا السمحاء لتجنبها
والمتمثلة في قيام البعض من ذوي الأنفس الجشعة من التجار برفع الأسعار في مثل هذه
المناسبات الدينية في حين أنه من الواجب عليهم وبمعزل عما يجب أن تطلع به الجهات
المختصة من مسؤوليات تجاه أطماع وجشع هؤلاء التجار أن يكونوا فيها أكثر إحساناً
وتقوى وخوفاً من الله الذي وبيده الخير وهو على كل شيء قدير فيعمدون إلى تخفيض
الأسعار أو على الأقل تبقى على ما هي عليه امتثالاً لقوله تعالى "إن الله يأمر
بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم
تذكرون" وبهذا فإن الله عز وجل يعظنا ويوجهنا إلى ما ينفعنا في الدنيا والآخرة
فكلمتي الإحسان والعدل في هذه الآية الكريمة تعنيان وجوب ارتقاء بكل سلوكياتنا
وأعمالنا ومن ذلك العمل التجاري المتعلق بأقوات وحياة الناس،كما أن الفحشاء والمنكر
والبغي هي من السلوكيات الخاطئة والمشينة التي تحط من إنسانية الإنسان وتضر به ورفع
الأسعار وما ينتج عنها من معاناة وآلام بين صفوف المجتمع ولا سيما المعوزين
والفقراء يدخل في إطار ما نهى الله عنه بقوله "الفحشاء والمنكر والبغي" فكم هو مخجل
لنا ما نسمع ونرى عن الآخرين ولا سيما في أوربا وأمريكا فيما يقومون به أثناء
المناسبات الدينية الخاصة بهم من تخفيض الأسعار بين ذوي الحاجة في مجتمعاتهم
وتطبيقاً المثل السائد عندنا "كيف تسلى وجارك أليم" ، كما أن من السلوكيات الخاطئة
التي تبرز في هذا الشهر الفضيل ما يدعو إلى الاستغراب والحزن فقد ترى شخصاً ما وعلى
وجهه قد ارتسمت ملامح العبوس والأدهى والأمر أنه يبرر ذلك بقوله "اللهم إني صائم"
في حين أن هذا السلوك قد نهى الله عنه وهو اللطيف الودود الرحمن الرحيم بقوله عز من
قائل " ولول كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " وقوله عليه الصلاة والسلام فيما
معناه "البسمة في وجه أخيك صدقة ".
فمن المعلوم ومن خلال ما ثبت علمياً أن
البسمة تكسب خلايا جسم الإنسان المقدرة على تحرير الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية
التي يقوم بها الجسم ، وعلى العكس من ذلك في حالة العبوس.
كما أن هناك من
السلوكيات الخاطئة التي نشاهدها في شهر رمضان وبالتحديد فيما يتعلق بالجانب الغذائي
هو الإسراف والتبذير في الأكل والشرب وما ينتج عن ذلك من إضرار صحية اقتصادية ، في
حين أنه يجب علينا كمسلمين أن نعي وندرك مفهوم قوله تعالى : " وكلوا واشربوا ولا
تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" وهنا ومن خلال ما سبق يبرز دور الخطاب الديني وأهميته
في تصحيح المفاهيم وتهذيب السلوك وتقويم الاعوجاج في المجتمع إنه ولكي ننال رضا
الله عز وجل ومحبة الناس لابد من إعادة النظر فيما ترسخ في أذهاننا من مفاهيم
مغلوطة ليس عن الصيام فحسب بل في جميع ما فرضه الله علينا من فرائض لكي تسود قيم
الحق والعدل والخير والسلام في أصقاع الأرض ..
اللهم أجعلنا ممن ترحمهم وتغفر
لهم وتعتقهم من النار اللهم أجعلنا ممن قلت فيهم "فبشر عبادِ الذين يستمعون القول
فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد