العامري
في اتخاذ سلسلة من الإجراءات والمواقف التي تعبر عن رفضها للسياسة الإيرانية في
المنطقة وفيما يتصل بموقف إيران من قضية الجزر الإماراتية المحتلة ويبدو أن الموقف
الإيراني الرافض لأي فكرة تقارب مع العرب جاء ردا على دعوة السيد عمر موسي أمين عام
جامعة الدول العربية الذي دعا إلى ضرورة فتح حوار عربي / إيراني جاد ومسئول لكن
(طهران) ومن خلال ردها على بعض
الإجراءات السيادية التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة وهذا حق من حقوقها
لكن (طهران) اعتبرت موقف الإمارات موقفا عدائيا كما اعتبرت موقف دول مجلس التعاون
الخليجي المساند للإمارات موقفا عدائيا وصفه الناطق الإيراني بأنه ( تدخل في شئون
إيران الداخلية ) خاصة تمسك بموقف دول مجلس التعاون بأحقية الإمارات بالجزر المحتلة
من قبل النظام الإيراني ..
إيران قامت قيامتها لمجرد أن أقدمت دولة الإمارات على
اتخاذ بعض الإجراءات بحق التجار الإيرانيين وبعض الإيرانيين المقيمين على أراضيها
والذين تتحفظ الإمارات علي بعض أنشطتهم وهذا من حقها لكن (طهران) اعتبرت الخطوة
الإماراتية وكأنها جريمة تستوجب العقاب أو لكأن (طهران) تقول ليس من حق الإمارات
الاعتراض على كل ما يمارسه التجار الإيرانيون أراضيها ..؟ طبعا من دواعي سرورنا أن
الإمارات اتخذت مثل هذه المواقف كوننا كنا ولا نزال نطالب الأشقاء في دولة الإمارات
أن يكون لهم موقفا واضحا وصريحا من إيران وأن تكون السياسة الإماراتية جزءا من موقف
سياسي عربي موحد يواجه إيران ويتصدى لمشروعها التوسعي ورغبتها في الهيمنة علي دول
المنطقة وقدراتها ومقدراتها وقرارها ومواقفها وهو ما لم يتاح أو يتحقق لطهران التي
وجدنا أنفسنا ذات يوم نقف في صفها دفاعا عن حقها في التقنية والتقدم العلمي لكنا في
المقابل لا نحبذ استخدام إيران لتقنيتها في محيطها العربي أو أن تجعل من خلافها مع
أمريكا والغرب قاعدة للهيمنة علي جوارها وجعل هذا الجوار ورقة علي طاولة خلافها مع
العالم ..
ففي العراق تحضر إيران بطريقة غير مرغوبة فيها وقلنا أن حضورها هذا
ليست هي من توصلت إليه ولكنه خدمة قدمت لطهران مجانا وهي علي خلفية هذا راحت تمني
نفسها بمزيد من المكاسب علي حساب العرب وهو ما لم يتاح ولن يتحقق ولو توهمت إيران
هذا فأن حساباتها تكون خاطئة وهنا تكمن نقطة ضعفها ونافذة انكسارها أمام خصومها
السياسيين علي الخارطة الإقليمية والدولية فليس لمن يطمح بدور إستراتيجي فاعل أن
يمارس ما تمارسه طهران اليوم من سياسة توسعية فجة ووقحة وغير مسئولة , بل كان يفترض
على طهران أن رغبت في كسب صراعها مع أمريكا والغرب أن تكسب جوارها العربي بحكمة
ومودة وصفاء وعلاقة ندية واضحة قائمة علي الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشئون
الداخلية لأي قطر عربي قريبا كان أو بعيدا من طهران بما في ذلك من يختلفو معها في
الفكر والهوية والمعتقد , وكان علي طهران أن تبادر لسد ثغرات خلافها مع العرب
وإعادة الجزر الإماراتية التي احتلها ( النظام الإيراني ) المباد حتى علي اعتبار
أنها من مخلفات العهد الشاهنشاهي المقبور ..؟ لكن طهران لم تقم بما يوحي أو يؤكد
نواياها الحسنة تجاه العرب بل تعاملت منذ اللحظة الأولى لميلاد ثورتها التي باركها
كل عربي قبل أن تفاجئهم (طهران) بنزعتها الفارسية التوسعية ورغبتها الجامحة في
الهيمنة والتوسع وربما الثار من أحفاد (سعد ابن أبي وقاص) الذي حمل راية الإسلام
إلي بلاد فارس وحول شعبها من ( عبيد للنار والثقافة المجوسية) إلي عبيد لله ولدينه
الإسلامي المتسامح ولم يكن قد سمع حينها المسلمون بالخلاف ( السني _ الشيعي) الذي
لم تأتى به متطلبات فقهية أو دينية وليس له من مبرر غير رغبة (البعض) في السلطة
فهذا الخلاف المذهبي دافعه السلطة وغنائمها وليس لله فيه شيئا ولا للمسلمين بل سوف
يحشر من تسبب به في قعر جهنم وبئس المصير حتما ..
ما أود قوله أن رد الفعل
الإيراني علي موقف الإمارات لم يكن رد دولة ذات سيادة أو دولة ذات مشروع حضاري
تتطلع إليه بل جاء الرد ليكشف حقيقة إيران المخفية وراء مزاعم ثورية وشعارات نضالية
هي مجرد شعارات للاستهلاك السياسي فالحصافة السياسية فقدت من سلوك ومواقف طهران
التي توهمت أن سيطرتها علي المسرح العراقي كافية لأن تجعلها قادرة علي فرض خياراتها
وأن فرضت خيارتها هذه علي القيادة الجديدة في العراق التي تدين بالولاء والطاعة (
لأحبار قم) لدرجة أن قيادة العراق استجابت لنداء وتوجيهات هؤلاء( الأحبار) وفتحت (
سفارة للحوثيين في النجف ) وتلك مسخرة ما بعدها مسخرة فيما الإعلام الإيراني
والعراقي يتحدث بخطابه عن الفتنة والتمرد وكأن عصابة الحوثي هي الدولة وصاحبة
الشرعية والدولة اليمنية هي التي تمردت ويكفي هذا الإعلام فضيحة حين تحدث عن أسلحة
سعودية وكأنه يحاول من خلال هذا الحديث التغطية علي الأسلحة والمعدات والأجهزة
الإيرانية التي تم اكتشافها مع المتمردين ناهيكم عن التمويل المادي والمعنوي
والثقافي ..فهل هي جريمة أن يكون هناك سلاح سعودي مع الدولة اليمنية والجيش اليمني
..؟ بل هذا فعل طبيعي ومن الطبيعي أن تدعم السعودية اليمن لأن في اليمن دولة لكن من
العيب والعار أن تدعم إيران عصابة مارقة من القتلة وتجار المخدرات واللصوص وقاطعي
الطريق..؟ هذه التصرفات النزقة والمواقف التي تقفها إيران كفيلة بأن تجعل طهران
تمضي إلى هاوية الندم السحيقة التي لن ينقذها منها جهابذة القرار الإيراني الأحمق
..