الرمادي
شعاب الزمن إلى قرون مضت قبل ميلاد المسيح عليه السلام ولقد بالغ الفرس في تمجيد
تاريخهم والتعصب لعرقهم فاعتقد بعضهم أن ملكهم الأول (كيومرث) هو ابن آدم الأول
وأنهم أصل النسل وينبوع الذروة.
وطائفة ثانية قالت إن (كيومرث) هو أميم بن لاوذ-بن ارم بن سام بن نوح وطائفة
ثالثة كانت تعتقد أن (كيومرث) نبت من نبارت الأرض وهو ( الرببياس) وتحول هذا الرأي
على مذهب اعتقادي اسمه ( الكيومرثية) خلاصة الصراع ما بين الظلمة والنور.
واهتم
الفرس منذ القديم بالدين وأعطوه المرتبة الأولى في حياتهم ويدلنا على ذلك تسلسل
الطبقات الإجتماعية عندهم.
1 طبقة رجال الدين.
2 طبقة رجال الحرب.
3
طبقة كتاب الدواوين.
4 طبقة الشعب من الفلاحين والصناع.
ومن طبقة رجال الدين
الحكام والعباد، والزهاد والسدنة والمعلمون ولما كان الدين أهم إنتاج حضاري ابتكره
الفرس- كما يزعمون- وكانت الفرق الباطنية التي تهدد المسلمين اليوم مرتبطة أشد
الإرتباط بعقائد الفرس القديمة لهذا وذاك نستعرض أهم أديان الفرس.
مزدا يتفق
معظم العلماء أن مزدا ( الحكيم) هو إله القبائل المستقرة والمتعدنة في إيران بل
يعتقدون أنه إله العالم والناس جميعاً وجوهر المزدية يقوم على ركبتين. .
الصفاء
أولاً، والعموم ثانياً ومن الصفاء الدعوة إلى الأخلاق والعمران، وتثقف المزدية على
نقيض مع عقدية الشياطين التي يؤمن بها اللصوص والمحابون والقبائل الرجل.
ومنذ
الوقت الذي دخل فيه الإيرانيون التاريخ ( مزدا) أهورا هو الإله الأعلى عندهم وهو
الذي يتولى إرسال الأنبياء إلى أهل الأرض ومن رسله ( كيومرث) و(زراد شنت).
و(مزد
أهورا) أو (أورمزد) هو الذي رفع السماء، وبسط الأرض وخلق الملائكة وأول من أبدع من
الملائكة بهمن، وعلمه الدين وخصه بموضع النور مكاناً.
أهورا ( آلهة العهد
والقانون) الزردشتية في القرن السابع قبل الميلاد ادعى (زردا دشت) أنه نبي أرسله
(مزدا) ومن عقيدة زراد شت: الصراع بين الروحين روح الخبر وروح الشر - النور والظلمة
أصلان متضادان وهما مبدأ وجود العالم، وحصلت التراكيب من امتزاجهما، كما أن الصور
حصلت من التراكيب المختلفة.
- الباري تعالى هو خالق النور والظلمة ومبدعهما وهو
واحد لا شريك ولا ضير ولا ند له، ولا يجوز أن ينسب إليه وجود الظلمة كما قالت
الزواوية.
- انبثق عن امتزاج النور مع الظلمة الخير، والشر، والصلاح والفساد،
والطهارة، والخبث، ولولا هذا الامتزاج لما وجد العالم.
ولسوف يستمر الصراع
بينهما حتى يغلب النور الظلمة ويغلب الخير الشر ثم يتخلص الخير إلى عالمه وينحط
الشر إلى عالمه وذلك هو سبب الخلاص والزدد شتيون يقدسون الماء إلى درجة أنهم لا
يغسلون به وجهوههم.
وهو عندهم لا يستعمل إلا للشرب أو الزرع- وللإنسان عندهم
حياتان حياة أولى تحصى فيها أعمال الإنسان، وحياة أخرى ينعم الإنسان أو يشقى فيها،
وفي الحياة الثانية يتحدثون عن جهنم والصراط المستقيم- والزردشتيون ينتسبون إلى
قبله ( المفان) وقبل اكتساح الزردشتية منطقتي ميديا وفارس كان رجال الدين ينتسبون
إلى قبيلة ( ميديا) والقبيلة( المفان حق الإشراف على بيوت النار التي يقيمون فيها
شعائرهم الدينية ومن أهم معابد الزردشنتية أو بيوت نارهم- معبد( يزد) وقد حول إلى
مسجد كبير بعد الفتح الإسلامي والشمس إله من آلهة الزردشتيين لأنها مصدر النور، كما
أن الجدب عندهم من مصادر الظلمة- وزردشت الحيكم هو زردشت كانت في شجرة أنشأها الله
في أعلى عليين وأحف بها سبعين من الملائكة المقربين وغرسها في قلة جبل من جبال
إذربيجان.
ولزرد شت كتاب اسمه (زند أوستا) يقسم العالم فيه إلى قسمين: مينة ،
وكيتي، يعني الروحاني والجسماني وبلغة أخرى اللاهوت والناسوت والزردشتية جماعة
منظمة ولها درجات ومراتب وتطور أمرها بعد أن آمن بها ازد شير الأول وابنه سابور
واتخذ منها ديناً لدولتهم.
الماثوبية: ولدماني في ولاية سين ببابل 215 أو 216
بعد نيرول المسيح عليه السلام وقد ظهر في زمان ( سابور بن أزدشير) وقتله بهرام بن
هرمز بن سابور عام 279 لأنه جنح نحو الزهد الذي لا يناسب دولة بهرام
المحاربة.
وينتسب ماني إلى أسرة إيرانية عريقة فأمه من العائلة الإشكاتية
المالكة وابوه فانك الحكيم من أطراف العائلة الأشكاتية.
بدأ ماني دعوته في الهند
مما جعل بعض المؤرخين يعتقدون أنه أخذ نظرية التناسخ من البوذية أو عن بعض المذاهب
الهندسية الأخرى.
أخذ ماني عن الزردشتية قولهم بأن العالم مصنوع من أصلين: نور
وظلمة لكنه اختلف معهم ومع المجوس في اعتقاده بأن النور والظلمة قديمان أزليان
بينما يعتقد المجوس بأن الظلام محدث وليس قديماً.
وأخذ ماني عن النصرانية عقيدة
التثليث فالإله عنده مزيج من ( العظيم الأول) و( أم الحياة ) وفي النصوص التي حفضت
عن المانوية عيارات ماخوذة عن الأنا جيل المسيحية.
ويعتقد ماني بتناسخ الأرواخ
وأن هذا التناسخ يقوم على الأجزاء النورانية من الإنسان وأمن بنبوتي عيسى عليه
السلام وزردشت ويؤمن ماني بأنه خاتم الأنبياء وقد أرسل لتبليغ كلام الله إلى الناس
كافة وأطلق الفرس على ماني ومن تبعه اسم ( الزنادقة)، وسبب هذه التسمية ( الزند)
وجعل للتفسير شرحاً أسماه ( البازند).
وكان من أورد في سريعتهم شيئاً بخلاف
المنزل الذي هو ( البنستاه).
وعدل إلى التأويل الذي هو ( الزند) قالوا: هذا
زندي، فأضافوه إلى التأويل جاءت العرب أخذت هذا المعنى من الفرس، وقالوا زنديق
وعربوع والثنوية هم الزنادقة والحق بهؤلاء سائر من اعتقد القدم وأبى حدوث العالم
وعلى رأسهم المانوية).
وللمانوية تنظيم دقيق مهيكل الجماعة يقوم على عمس طبقات
متسلسلة كأبناء العلم وأبناء العقل وأبناء الفطنة وآخر طبقة السماعون وهم سواد
الناس ولك طبقة من هذه الطبقات شروط وتكاليف ونجح ماني في إدخال أخوين لسابور في
تنظيمه- وبعد أن لقي ماني مصرعه على يد بهرام اتخذ أتباعه عبداً لهم أسموه ( بيما)
ذكرى لمقتل نبيهم الشهيد، واستمرت الدعوة بشكل سري بعد اظطهاد الزردشتين
لهم.
المزدكية : مؤسسها مزدك بن بامداد أيام ( قياد) والد كسرى أنو شروان في
فارس عام 487 وبدأ دعوته كمؤمن بعقيدة ماني مع خلاف بسيط فهو يرى أن ( النور) يفعل
بالقصد والاختيار والظلمة تفعل على التخبط والإتفاق.
مزدك رجل تنفيذ وليس رجل
زهد كماني ولهذا نهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال ولما كان القتال بسبب عدم
المساواة نادى بتقسيم الأرزاق بين الناس بالتساوي كما نادى بالإباحية وجعل الناس
شركاء فيهما كاشتراكهم في الماء والنار والكلا.
وحضى بذلك السفلة على العلية
وسهل السبيل للظلمة إلى ( الظلم، وللعهار إلى قضاء نممتهم، وشمل الناس بلا عظم لم
يكن لهم عهد بمثله وصاروا لا يعرف الرجل منهم ولده، ولا المولود أياه ولا يملك
الرجل شيئاً مما يتسع به وساعد المزدكيين على المضي بجرائمهم.
وتحقيق الشيوعية
التي يدعون إليها اشتجابة فباذلهم وتعاونه معهم وكان أخوه ( جاماسب) واحد منهم ولقد
قوى أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيقلبونه على منزله ونسائه
وأمواله.
وكان أتباع مزدك يزهدون في أكل لحم الحيوانات وإذا أضافوا انساناً لم
يمنعوه من شيء يلتمسه كائناً من كان ولهم فلسفة خاصة في الإباحية فهم يرون أن
العاديين من الناس لا يستطيعون التخلص من الذات المادية إلا في اللحظة التي
يستطيعون فيها اشباع هذه الحاجات بالأختيار- وبعد أن كانت المزدكية مذهباً دينياً
صارت مذهباً اجتماعياً وقوانين ثورية وجادي شيوعية وعم شرهم كل مكان حتى جاء كسرى
الأول ( انوشروان بن قباذ) فرد الأموال لأهلها وجعل الأموال التي لا وارث لها رصيد
الإصلاح ما فسد.
وقال عنها أحمد أمين - وبعد كسرى عاشت المزدكية فرقة سرية عاشت
على هذا النحو أيام الدولة الساساتية ثم عادت إلى الظهور من جديد في بداية العصور
الإسلامية ووصف بعض المؤرخين الثورة المزدكية فقالوا: فإذا احجاب الحفاظ والأدب قد
ارتفع وظهر قوم لا يتحلون بشرف الفن أو العمل، لا ضياع لهم موروثة ولا حسب ولا نسب،
ولا حرفة ولا صناعة عاطلون.
مستعدون للغمز والشر وبث الكذب والإفتراء بل هم من
ذلك يحيون في رغد من العيش وسعة المال وهذا عم التطاول كل مكان واقتحم الثوار
الأشراف ناهبين الأموال مغتصبين الحرائر وكانوا يملكون هنا وهناك أراض تلفت لأن
السادة الجدد لا يعرفون الزراعة.