صفحه من
كتاب
كتاب
مضمون النظام الديمقراطي هو
الاعتراف بقيمة ذاتية للإنسان يكتسب بمقتضاها جملة من الحقوق الفعلية تضمن كرامته
وحقه في المشاركة الفعالة في إدارة الشؤون العامة والقدرة على الضغط على الحاكمين
والتأثير فيهم من خلال أدوات المشاركة والضغط وتأثير في صنع المصير والأمن من
التعسف والإستبداد. . انه حرية المحكومين في اختيار حكوماتهم وتبعيتها
لهم. . سوف نتطرق
في هذه الحلقة من هذا الكتاب إلى كيفية تحول الدين في كثير من الحضارات إلى مؤسسة
محتكرة. .
حيث يسارع الحكام لإستغلال نفوذ المؤسسة الدينية حتى يبقى حكمهم
شيئاً مقدساً وما يرونه هي الإرادة الحقيقية المنبثقة من إرادة الخالق حيث صار
القانون ممتزجاً بالدين وقد أدى هذا الاستغلال إلى نشوء الكهانة والشعوذة كظل
للدين.
ولاشك أن أفضل الأنظمة على الإطلاق ذلك النظام الذي يبني على الاعتراف
بكرامة ا لإنسان ويتوفر على جملة من التقنيات التنظيمية والتربوية تكفل تطور
الإنسان وترقيه ومشاركته في صنع مصيره فتتضاءل حتى تختفي أو تكاد الهوة بين
الحاكمين والمحكومين على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي ويغدو الحاكم بحق
خادماً للشعب من الناحية القانونية وفرداً عادياً من أفراد العائلة الاجتماعية هو
فيها الأخ الأكبر أو الأب أو الوالي.
إن المشاركة على الصعيد الاجتماعي والسياسي
هي جوهر المثال الذي يرنو إليه النموذج الديمقراطية وليس التمثيل إن المثل الأعلى
للديمقراطية أن يصبح المحكومون حاكمين ليحققوا لأنفسهم بأنفسهم ما يتوقون إليه من
أهداف وغايات ولاشك أن حجم المشاركة الشعبية في إدارة الشؤون العامة مقياس أساسي في
الحكم على مدى ديمقراطية نظام ما فبقدر ارتفاع تلك النسبة يقرب النظام من
مناله.
الدولة في التصور الغربي: لم يثبت البحث في تاريخ المجتمعات البشرية أن
واحداً منها قد خلا من آلهة يدين لها الناس بالخضوع أو من إله واحد يتولى الأمر كله
ومن هذا الخضوع لإرادة عليا نشأت فكرة القانون فالإرادة الإلهية التي يعبر عنها
بمناسبة كل قضية أحد رجال الدين هي ماهية القانون ومصدر احترامه بل إن قواعد
القانون الأولى كانت في بدء نشأتها قواعد دينية وكان القانون في كل مجتمع نشأ
معتمداً على الدين ممتزجاً به حتى أن رجال الدين كانوا هم أنفسهم رجال القانون أما
الكهانة وأعمال السحر والشعوذة فقد نشأت مضاهاة للدين الحق الذي ينزل به الوحي على
الأنبياء لهداية الناس إلى عبادة الله الحق من خلال الخضوع لحملة من قواعد السلوك
التي كان لها النصيب الأوفر في إخراج الناس عن سلطان أهوائهم وأغراضهم وقبولهم
بالخضوع لسلطان موحد يعلوهم هو قانون الله "الشريعة" غير أن تحول الدين إلى مؤسسة
في كثير من الحضارات تحتكر تأويل الدين والحديث باسم الإله جعل الملاك يسارعون إلى
استغلال النفوذ الكبير للمؤسسة الدينية من أجل إضفاء صيغة القداسة على سلطانهم حتى
غدت إراداتهم هي الإرادة الحقيقية لله وتم التمازج بين سلطان القانون وإرادة الحاكم
حتى جاز لهذا الأخير أن يقول أنا الدولة وأنا ظل الله على الأرض كما زعم قرينه رجل
الدين إنه الدين وكثيراً ما تنازعا السلطان للانفرادية وكان ذلك وبالأعلى الدين
والسياسة وقاعدة أساسية للتسلط.
الثورة السياسية المعاصرة ولذلك لا عجب إن تركزت
الثورات السياسية في الغرب منذ قرنين على تحرير القانون من إرادة رجال الدين وسلطان
الملوك من أجل الانتقال من حكم الفرد إلى حكم القانون وتجريد الملوك من السيادة
والهيمنة التي يزعمون استمدادها من الله مباشرة بل قد يزعم بعضهم أنه الله نفسه،
كما فعل فرعون بمقالته الشهيرة "أنا ربكم الأعلى" أي صاحب السلطان المطلق الذي لا
سلطان بعده ولم يكن حكام فارس ولا بيزنطة" وسواهم أقل تواضعاً أو تسلطاً فلقد كانت
إرادتهم أبداً هي القانون ولقد كان الملك في ظل النظام الفرنسي مثلاً قبل
الثورة يضع القوانين المنظمة لنشاط السلطات العامة ولكنه لم يكن يتقيد بها فكان
صاحب السيادة المطلقة وكأن الثورات المعاصرة تحديد سلطة الملوك ورجال الدين. ، ونقل
تلك السيادة إلى الشعب أو ممثليه باعتباره صاحب السيادة وبذلك تم الانتقال من سلطة
الفرد إلى حكم القانون وذلك هو المضمون الأساسي للدولة الغربية الحديثة التي قد
توصف بدولة القانون.
وأوضح أن الدولة الغربية المعاصرة تقوم على دعامتين:
"الشرعية والسيادة".
الشرعية: أهم ما تفخر به الدولة الغربية الحديثة أنها دولة
قانونية بمعنى أن تصرفات الحكومة تخضع لقواعد ثابتة وأكيدة يستطيع الأفراد المطالبة
باحترام هذه القواعد أما قضاة مستقلين وذلك هو المقصود بالشرعية وهي أساس عمل
الدولة الحديثة فالشرعية هي بالتحديد تفيد السلطة بقانون قائم بغض النظر عن عدد
الحاكمين وصدور ذلك القانون وفق الإجراءات المتبعة. .
ويضاف إلى هذا المعنى
السلبي للمشروعية أي امتناع الدولة عن أي فعل لا يتماشى مع النظام والقانوني السائد
معنى آخر إيجابي هو ضرورة التزام السلطة باحترام القيم الأساسية والأهداف العليا
للمجتمع واجتهادها في تحقيق الصالح العام بما يؤدي إلى القبول الطوعي من قبل الشعب
بقوانين وتشريعات النظام السياسي وبعدالته وملائمة مؤسساته لحاجات المجتمع
وقيمه.
السيادة: مفهوم رئيسي من مفاهيم الدولة الغربية يتلخص في اعتبار الدولة
سلطة عليا لا تعلوها سلطة أخرى وخاصة في مجال التشريع فهي لا تعرف بجانبها أو فوقها
سلطة أخرى إنها سلطة فوق الجميع وتفرض نفسها على الجميع إن صاحب السيادة هو السلطان
الحاكم شخصياً وهو الذي يتولى سلطة التشريع في المجتمع فهو بفضل سلطته على تغيير
القانون يعتبر مالكاً للسلطة الشرعية العليا في الدولة وتخضع له السلطات الأخرى أنه
المشرع الأعلى ففي العصور الوسطى كان البابا يتولى هذه السلطة بصفته نائب المسيح
وقبل ذلك كان قسطين تمثل إرادته قوة القانون ثم ظهرت الدولة الحديثة كوارثه لتلك
السيادة بمعنى أن لها سلطة تشريعية عليا من ناحيتين: أنه لا توجد سلطة أعلى منها
وأن سلطتها غير منازعة، إن سيادتها مطلقة في المجال الداخلي من حيث كونها المشرع
الأعلى وفي المجال الخارجي عدم التبعية في تنظيم علاقتها مع غيرها من الدول بما في
ذلك حقها في إعلان الحرب، وحتى في ضم أراضي الدولة المهزومة.
إن مفهوم السيادة
مفهوم قانوني إذ يراد منه إعطاء القانون صفة الشرعية إذ القانون هو ما صدر عن
الحاكم صاحب السيادة شخصاً كان أو هيئة من أمر أو نهي هو قانون باعتباره السلطة
الآمرة ومن جهة أخرى لا يعتبر أي شيء لا يأمر به الحاكم قانوناً وإذا كان القانون
هو ما يأمر به الحاكم يصبح علينا أن نعرف من هو الحاكم؟ ولا سبيل إلى ذلك إلا من
خلال جملة من القواعد القانونية هي ذاتها في حاجة إلى مصدر للشرعية إذ إن السيادة
إنما جيء بها لإعطاء القانون الصفة الشرعية.
الاعتراف بقيمة ذاتية للإنسان يكتسب بمقتضاها جملة من الحقوق الفعلية تضمن كرامته
وحقه في المشاركة الفعالة في إدارة الشؤون العامة والقدرة على الضغط على الحاكمين
والتأثير فيهم من خلال أدوات المشاركة والضغط وتأثير في صنع المصير والأمن من
التعسف والإستبداد. . انه حرية المحكومين في اختيار حكوماتهم وتبعيتها
لهم. . سوف نتطرق
في هذه الحلقة من هذا الكتاب إلى كيفية تحول الدين في كثير من الحضارات إلى مؤسسة
محتكرة. .
حيث يسارع الحكام لإستغلال نفوذ المؤسسة الدينية حتى يبقى حكمهم
شيئاً مقدساً وما يرونه هي الإرادة الحقيقية المنبثقة من إرادة الخالق حيث صار
القانون ممتزجاً بالدين وقد أدى هذا الاستغلال إلى نشوء الكهانة والشعوذة كظل
للدين.
ولاشك أن أفضل الأنظمة على الإطلاق ذلك النظام الذي يبني على الاعتراف
بكرامة ا لإنسان ويتوفر على جملة من التقنيات التنظيمية والتربوية تكفل تطور
الإنسان وترقيه ومشاركته في صنع مصيره فتتضاءل حتى تختفي أو تكاد الهوة بين
الحاكمين والمحكومين على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي ويغدو الحاكم بحق
خادماً للشعب من الناحية القانونية وفرداً عادياً من أفراد العائلة الاجتماعية هو
فيها الأخ الأكبر أو الأب أو الوالي.
إن المشاركة على الصعيد الاجتماعي والسياسي
هي جوهر المثال الذي يرنو إليه النموذج الديمقراطية وليس التمثيل إن المثل الأعلى
للديمقراطية أن يصبح المحكومون حاكمين ليحققوا لأنفسهم بأنفسهم ما يتوقون إليه من
أهداف وغايات ولاشك أن حجم المشاركة الشعبية في إدارة الشؤون العامة مقياس أساسي في
الحكم على مدى ديمقراطية نظام ما فبقدر ارتفاع تلك النسبة يقرب النظام من
مناله.
الدولة في التصور الغربي: لم يثبت البحث في تاريخ المجتمعات البشرية أن
واحداً منها قد خلا من آلهة يدين لها الناس بالخضوع أو من إله واحد يتولى الأمر كله
ومن هذا الخضوع لإرادة عليا نشأت فكرة القانون فالإرادة الإلهية التي يعبر عنها
بمناسبة كل قضية أحد رجال الدين هي ماهية القانون ومصدر احترامه بل إن قواعد
القانون الأولى كانت في بدء نشأتها قواعد دينية وكان القانون في كل مجتمع نشأ
معتمداً على الدين ممتزجاً به حتى أن رجال الدين كانوا هم أنفسهم رجال القانون أما
الكهانة وأعمال السحر والشعوذة فقد نشأت مضاهاة للدين الحق الذي ينزل به الوحي على
الأنبياء لهداية الناس إلى عبادة الله الحق من خلال الخضوع لحملة من قواعد السلوك
التي كان لها النصيب الأوفر في إخراج الناس عن سلطان أهوائهم وأغراضهم وقبولهم
بالخضوع لسلطان موحد يعلوهم هو قانون الله "الشريعة" غير أن تحول الدين إلى مؤسسة
في كثير من الحضارات تحتكر تأويل الدين والحديث باسم الإله جعل الملاك يسارعون إلى
استغلال النفوذ الكبير للمؤسسة الدينية من أجل إضفاء صيغة القداسة على سلطانهم حتى
غدت إراداتهم هي الإرادة الحقيقية لله وتم التمازج بين سلطان القانون وإرادة الحاكم
حتى جاز لهذا الأخير أن يقول أنا الدولة وأنا ظل الله على الأرض كما زعم قرينه رجل
الدين إنه الدين وكثيراً ما تنازعا السلطان للانفرادية وكان ذلك وبالأعلى الدين
والسياسة وقاعدة أساسية للتسلط.
الثورة السياسية المعاصرة ولذلك لا عجب إن تركزت
الثورات السياسية في الغرب منذ قرنين على تحرير القانون من إرادة رجال الدين وسلطان
الملوك من أجل الانتقال من حكم الفرد إلى حكم القانون وتجريد الملوك من السيادة
والهيمنة التي يزعمون استمدادها من الله مباشرة بل قد يزعم بعضهم أنه الله نفسه،
كما فعل فرعون بمقالته الشهيرة "أنا ربكم الأعلى" أي صاحب السلطان المطلق الذي لا
سلطان بعده ولم يكن حكام فارس ولا بيزنطة" وسواهم أقل تواضعاً أو تسلطاً فلقد كانت
إرادتهم أبداً هي القانون ولقد كان الملك في ظل النظام الفرنسي مثلاً قبل
الثورة يضع القوانين المنظمة لنشاط السلطات العامة ولكنه لم يكن يتقيد بها فكان
صاحب السيادة المطلقة وكأن الثورات المعاصرة تحديد سلطة الملوك ورجال الدين. ، ونقل
تلك السيادة إلى الشعب أو ممثليه باعتباره صاحب السيادة وبذلك تم الانتقال من سلطة
الفرد إلى حكم القانون وذلك هو المضمون الأساسي للدولة الغربية الحديثة التي قد
توصف بدولة القانون.
وأوضح أن الدولة الغربية المعاصرة تقوم على دعامتين:
"الشرعية والسيادة".
الشرعية: أهم ما تفخر به الدولة الغربية الحديثة أنها دولة
قانونية بمعنى أن تصرفات الحكومة تخضع لقواعد ثابتة وأكيدة يستطيع الأفراد المطالبة
باحترام هذه القواعد أما قضاة مستقلين وذلك هو المقصود بالشرعية وهي أساس عمل
الدولة الحديثة فالشرعية هي بالتحديد تفيد السلطة بقانون قائم بغض النظر عن عدد
الحاكمين وصدور ذلك القانون وفق الإجراءات المتبعة. .
ويضاف إلى هذا المعنى
السلبي للمشروعية أي امتناع الدولة عن أي فعل لا يتماشى مع النظام والقانوني السائد
معنى آخر إيجابي هو ضرورة التزام السلطة باحترام القيم الأساسية والأهداف العليا
للمجتمع واجتهادها في تحقيق الصالح العام بما يؤدي إلى القبول الطوعي من قبل الشعب
بقوانين وتشريعات النظام السياسي وبعدالته وملائمة مؤسساته لحاجات المجتمع
وقيمه.
السيادة: مفهوم رئيسي من مفاهيم الدولة الغربية يتلخص في اعتبار الدولة
سلطة عليا لا تعلوها سلطة أخرى وخاصة في مجال التشريع فهي لا تعرف بجانبها أو فوقها
سلطة أخرى إنها سلطة فوق الجميع وتفرض نفسها على الجميع إن صاحب السيادة هو السلطان
الحاكم شخصياً وهو الذي يتولى سلطة التشريع في المجتمع فهو بفضل سلطته على تغيير
القانون يعتبر مالكاً للسلطة الشرعية العليا في الدولة وتخضع له السلطات الأخرى أنه
المشرع الأعلى ففي العصور الوسطى كان البابا يتولى هذه السلطة بصفته نائب المسيح
وقبل ذلك كان قسطين تمثل إرادته قوة القانون ثم ظهرت الدولة الحديثة كوارثه لتلك
السيادة بمعنى أن لها سلطة تشريعية عليا من ناحيتين: أنه لا توجد سلطة أعلى منها
وأن سلطتها غير منازعة، إن سيادتها مطلقة في المجال الداخلي من حيث كونها المشرع
الأعلى وفي المجال الخارجي عدم التبعية في تنظيم علاقتها مع غيرها من الدول بما في
ذلك حقها في إعلان الحرب، وحتى في ضم أراضي الدولة المهزومة.
إن مفهوم السيادة
مفهوم قانوني إذ يراد منه إعطاء القانون صفة الشرعية إذ القانون هو ما صدر عن
الحاكم صاحب السيادة شخصاً كان أو هيئة من أمر أو نهي هو قانون باعتباره السلطة
الآمرة ومن جهة أخرى لا يعتبر أي شيء لا يأمر به الحاكم قانوناً وإذا كان القانون
هو ما يأمر به الحاكم يصبح علينا أن نعرف من هو الحاكم؟ ولا سبيل إلى ذلك إلا من
خلال جملة من القواعد القانونية هي ذاتها في حاجة إلى مصدر للشرعية إذ إن السيادة
إنما جيء بها لإعطاء القانون الصفة الشرعية.