;

تحرير الحكم من الإستبداد.. زيف غربي ..الحلقة «الرابعة عشر» 1150

2010-03-15 03:49:49

صفحه من
كتاب


دين الإسلام لم يحتج إلى أمر بإقامة
السلطة لأن سنن الاجتماع تقتضي ضرورة قيام تلك الوظيفة عادلة أو ظالمة، تماماً كما
هو الشأن مع وظيفة الحياة بطريقة إيجابية تمنع الحياة ورقيها، فمنع الإسراف
والتقتير والبغي والاحتكار، كما أحاطها بجملة من الآداب تضفي على الأداء
جمالاً.

إن الدولة الإسلامية
وسيلة لا غنى عنها طالما إن الإنسان اجتماعي وأن الإسلام نظام شامل للحياة لإيجاد
بيئة تتيح لأكبر عدد ممكن من أفرادها أن يعيشوا روحياً ومادياً في توافق مع القانون
الفطري الذي جاء من الله وهو الإسلام.
إن الدولة الإسلامية ليست إلا الجهاز
السياسي لتحقيق مثل الإسلام الأعلى في إيجاد أمة تقف نفسها على الخير والعدل تحق
الحق وتبطل الباطل في الأرض كلها حتى تكون عبادة الله والتقرب إليه بالطاعات وفعل
الخيرات وإقامة العدل أمراً مرغوباً ميسوراً مجزياً. .
إنه إذا كانت الفكرة
المركزية في الحضارة الغربية وحكوماتها الإنسان المقطوع عن الله أو المتمرد على
الله بدلاً عن الفكرة المركزية في حضارة القرون الوسطى الأوروبية وفي حضارات الشرق
الأقصى الإنسان الفاني في الله من خلال عبوديته للكنيسة ورجال الدين وإنصرافه عن
حياة الصراع والكدح فإن الفكرة المركزية في الحضارة الإسلامية هي الإنسان المستخلف
عن الله. .
هذا الكائن المكرم بالعقل والإرادة والحرية والمسؤولية الذي أوكل إليه
خالقه مهمة عمارة الأرض واكتشاف طاقاتها وتسخيرها لتحقيق الخير والحق والمساواة
والعدل والحرية والمعرفة والثروة للجميع وفق الضوابط والمناهج والقيم والعقائد التي
جاء بها الرسل عوناً من الله ورحمة لهذا المخلوق حتى يحقق هذا المخلوق الحر بإرادته
واختياره سنن الله في حياته كما تحققت تلك السنن لدى الكائنات جبلة وغريزة فيحقق
هذا المخلوق بالعلم والحرية والجهاد والتناغم مع الأكوان كلها تسبيحاً وصلاحاً
وارتقاء فيكون بحق سيدها أو يستسلم لدوافع الهوى والشيطان فيرتكس في هوة الطغيان
أودرك الرق فيعيث في الأرض فساداً.
أو مذلة وهواناً فيشقى في الدنيا وعذاب
الآخرة أشق أو ينجح في الابتلاء والتحدي فتكون له جنتان فما أكبره من تحد وما أخطره
من رهان.
إن نظرية الاستخلاف وهي الركن الأساسي في الفلسفة الإسلامية السياسية
تتضمن: الاعتراف بوحدانية الله وأنه سبحانه رب كل شيء ومليكه والحاكم بغير
معقب ولا شريك وإن قانونه يعلو كل قانون.
إن الإنسان كائن مكرم بالعقل والحرية
والمسؤولية والرسالة قد اكتسب بمقتضى ذلك التكريم حقوقاً لا سلطان لأحد عليها ويحمل
تكاليف لا انفكاك له منها وهي في جملتها تشكل عهداً أو عقداً أو يعبد الله لا يشرك
به أحداً وفق شريعته وأنه إن فعل ذلك استحق من ربه بركات الرضوان والفوز في الدنيا
والآخرة وإذا كانت خلاصة النتيجة الأولى، تضمنته من عقائد وشعائر وأخلاق ونظم هي في
حقيقتها جملة من القواعد القانونية العامة وبعض التفصيلات تمثل في
مجموعها.
مبادئ الدولة الإسلامية: إن الدولة وإن تشابهت أشكالها من حيث مؤسساتها
الدستورية تظل مختلفة متمايزة حد التناقض والتصادم بحسب نوع المبادئ التي تبنى
عليها والأهداف التي قامت لتحقيقها وإذا كان مبدأ الشيء لغوياً هو قواعده الأساسية
التي يقوم عليها ولا يخرج عنها فما المبادئ التي قامت عليها دولة الإسلام وينبغي أن
تقوم عليها أبداً وتنعدم بانعدامها؟.
لقد قلنا أن الدولة الغربية الحديثة تفخر
بأنها قد سبقت إلى تحرير مفهوم الحكم من الاستبداد عن طريق اعتماد مبدأي الشرعية:
أي خضوع الدولة للقانون وسيادة الشعب أي اعتباره مصدراً للقانون فتم بذلك انتقال
سلطة المجتمع السياسية من حالة القوة الخام إلى القوة المنظمة ومن حكم الفرد إلى
حكم القانون ولقد رأينا مدى مصداقية هذا الإدعاء كمقدمة للحديث عن مبادئ وأسس
الدولة الإسلامية التي قد أجملناها في أساسين هما "النص والشورى".
جدل تجاوزه
الزمن: ولا اعتبار كبيراً للخلاف الذي نشب في مراحل ضلال المجتمع الإسلامي عن هدي
الله حول الحكم في إيمان مرتكب المعاصي فنحن لسنا بصدد حالة زلة فردية أو ضعف بشري
تظل معه القاعدة الشرعية قائمة في نفس المؤمن موقرة ولكنه بسبب شهوة أو إكراه أو
غفلة ينحرف عن العمل بمقتضاها فهل يعقل أن تنتظر من الناس العصمة حتى لا تزال
إقدامهم؟ لا نحن هنا بصدد ظاهرة أخطر هي تمرد عن سلطة الشريعة. .
بناء على تصور
آخر للكون والإنسان والحياة يقوم على استقلالية الإنسان عن خالقة "التصور أللائكي"
الدهري. .
وعلى رؤية شريعة الإسلام على أنها كغيرها جاءت لتلبي حاجيات مرحلة
وظروف معينة قد مضت وتجاوزتها حركية والتطور فما عادت صالحة لنا ولا نحن صالحين لها
اللهم إلا بالقضاء على حركية الحياة تطور العلوم أو بإجراء تعديلات كبرى عليها لا
تستبقي منها غير ماهو صالح!! جل ما يمكن كهؤلاء تقديمه من تنازل للإسلام القبول
مبدئياً بإمكان الاستفادة منه باعتباره مجرد تراث وهذا لا يمثل مطلب الحركة
الإسلامية في شيء وهي الرافضة أن يكون الميزان الذي توزن به الشريعة الإسلامية هو
التنظيم الغربي المعاصر للمجتمع كأنموذج للمدينة. .
وأنه لا مناص لشريعتنا ولكل
تصور آخر لتنظيم المجتمع من أن يعدل نفسه على ضوء ذلك الأنموذج حتى يلتحق "بركب
الحضارة!! فهل يبقى مع هذه الخلفيات وراء رفض أو تعديل الشريعة مجال لسحب جدل قديم
في ظروف أخرى حول الحكم على مرتكب المخالفات الشرعية أهو مؤمن أم كافر سحبها على
هذا الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي لأنظمتنا القائمة على الولاء الفكري
والسياسي للمجتمعات الغربية؟! إنه الاستلاب أو القطعية أو الاغتراب عن الواقع الذي
يعيشه بعض معاصرينا من المسلمين الطيبين ودعك من غيرهم تجار الدين. .
إن أولئك
الطيبين لا يزالون مشدودين إلى التراث يجترون جدلياته ويسحبونها على واقع
مخالف. .
الأمر الذي يحدث في تصوراتهم حول الإسلام والواقع ومنهاج التغيير
ارتباكات خطيرة كثيراً ما يتحولون إلى جزء من القوى المحافظة على هذا الواقع
السلطوي التبعي المأفون والدفاع عنه وصد كتاب الله أن يعمل عما يدخل ذلك من ارتباك
على مشاعر الجماهير ومواقفها تجاه السلطة القائمة من خلال إدراج هؤلاء الحكماء
العملاء أعداء الأمة ضمن مفاهيم القرآن مثل مفهوم "أولو الأمر" وما يوجب الشعبية
لأنهم متسلطون ومن الشرعية الدينية لأنهم منافقون. .
ولو كانوا حكاماً علمانيين
ديمقراطيين لكانت العلاقة معهم ممكنة ولكان الخطب معهم أيسر وذلك على فرض إمكان فصل
الديمقراطية عن الإسلام في البلاد الإسلامية. .
النص أساس الشرعية: واضح إذناً أن
المصدر الأول والأساسي لشرعية كل حاكم ف النظرية السياسية الإسلامية إنما يستمد من
قبوله الكامل الاحتكام إلى شرع الله بلا أدنى منازعة ولا رغبة في مشاركة، قال
الراغب في مفرداته: "وأعظم الكفر جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة" وقال
العلامة أبن حزم: "لا يحل الحكم إلا بما أنزل الله تعالى على لسان رسول الله صلى
عليه وسلم وهو الحق وكل ماعدا ذلك فهو جور وظلم لا يحل الحكم به".
إن النص
الإسلامي كتاباً وسنة وهو الحاكم الأعلى والسلطة التي لا تعلوها سلطة وهو القاعدة
الكبرى التي قام عليها المجتمع الإسلامي بل هو السلطة المؤسسة والمنظمة للجماعة
والدولة والحضارة. .
منه يستمد الحكم الإسلامي أهدافه وقيمه وأشكاله وتشريعاته
وغاياته ومقاصده فهو الحاكم الأعلى. .
وكل ما سواه محكوم به وتابع له، إن النص هو
الشريعة الثابتة التي لا تتبدل.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد