د.عبدالقادر مغلس
من شمال إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا
ومن غرب أوروبا إلى شرقها تتوالى شكاوى الطلاب اليمنيين الموفدين للدراسات الجامعية
والعليا جراء الأساليب غير اللائقة التي يتعرضون لها من بعض القائمين على الملحقيات
الثقافية.
لم تعد القضية خافية على احد،فالوسائل الإعلامية ما تفتأ تنقل صباح مساء شكوى الموفدين
أما بسبب تأخير صرف مستحقاتهم المالية أو بسبب عدم مساعدتهم في حل المشاكل التي
تواجههم أو بسبب التحايل على مستحقاتهم لسبب أو لآخر.
وقد أدى ذلك الوضع
المقلوب إلى تشويه سمعة البلد كله.
وسمعنا مؤخرا أن ملحقا ثقافيا يمنيا في أحد
البلدان تعرض لاعتداء همجي من أحد الطلاب،وسمعنا كذلك أن مسئولا ماليا يمنيا في
إحدى الملحقيات الثقافية ضاعت عليه-كما يقال- من خزانة الملحقية مستحقات الطلاب
التي تقدر بمبلغ ربع مليون دولار.
وتشكلت الصورة الذهنية عن الملحقيات الثقافية
في وضعها الحالي وكأنها ليست سوى صناديق صرف مالية وتوقيع شيكات وعبث متواصل يطارد
الطلبة وأجواء نفسية يرثى لها وغير مشجعة على الدراسة والتحصيل العلمي.
والسؤال
الكبير هو: ما هي المهام الرئيسية للملحقيات الثقافية؟ وهل ثمة مصفوفة عمل رسمية
محددة من الدولة للملحق الثقافي يجب عليه تنفيذها غير التوقيع على شيكات مستحقات
الطلبة أو صرفها يدا بيد؟ ومن خلال ما يتم نشره في الوسائل الإعلامية عن نشاط
الملحقيات الثقافية يبدو,مع الأسف الشديد،أن العديد من منتسبي الملحقيات الثقافية
في بعض البلدان وجدوا أنفسهم طاقات معطلة لعدم وجود مهام محددة وواضحة
ينفذونها.
ولهذا اعدوا جداول مناوبة بين الملحق ومساعدة والمسئول المالي-كما
يقول الطلبة في بعض البلدان- للتواجد فترة قصيرة في بلد مقر الملحقية و يعمدون إلى
قضاء وقت أطول خارجها.
وليس بالضرورة أن تكون وجهة سفرهم اليمن.
فهي بالنسبة
لهم أصبحت محطة (ترانزيت) لا أكثر.
بل يولون وجوههم شطر دول أخرى أكثر رفاهية
وجاذبية وراحة بال.
وإذا رأينا ملحقا حقق مكاسب تنموية لبلده فهو اجتهاد شخصي من
قبله وليس- كما نلاحظ- برنامجا أعدته له الدولة التي يمثلها.
فلدينا ملحق ثقافي
أنموذج في السعودية وقد يوجد هناك آخرون فليعذروني لعدم سماعي عنهم شيئا.
لكن
الدكتور/ احمد الأميري في الرياض ضرب المثال الأروع لخدمة بلده ومواطنيه.
وعدد
الاتفاقيات الأكاديمية التي وقعتها الجامعات اليمنية مع الجامعات السعودية الشاهد
الأكبر على ذلك.
وإنسان رائع وجاد كهذا لا استبعد أيضا أنه يقدم من راتبه
مساعدات مالية للطلاب المحتاجين،أو لأولئك الذين يستمرون لفترات طويلة دون منح
مالية بسبب روتين المالية (المعاق) وغير المسئول.
على كل حال،وتماهيا مع الظروف
الاستثنائية التي يمر بها الوطن اليوم فان قيادة وزارة التعليم العالي مطالبة
بإعادة النظر بالوظائف الراهنة للملحقيات الثقافية.
بحيث تكون رسالتها مرتبطة
بالوضع الشامل الذي تمر به بلادنا.
ولسنا بحاجة إلى مزيد من الإرباك الحاصل
الآن، ويجب اختيار الكفء والقادر والمؤهل لهذه المواقع النوعية.
و عليها أن تعمل
على تحويل تلك الملحقيات إلى نوافذ تنموية لدعم الاقتصاد الوطني وإعداد خطة عمل
متكاملة في هذا الجانب لتخفيف العبء على خزينة الدولة ،وعلى سبيل المثال لا
الحصر،بذل الجهود لرفع سقف المنح الكاملة التي تقدمها الدول الشقيقة والصديقة
لأبنائنا الطلبة في الخارج وإلغاء المساعدة المالية الشهرية التي تقدمها الدولة
للطلبة،أي أن تكون المنح شاملة الرسوم والإعاشة الشهرية وتذاكر السفر كما هو حال
الكثير من البلدان التي تمر بظروف شبيهة بظروف بلادنا،و كذلك تنشيط وتفعيل التعاون
الأكاديمي بين الجامعات اليمنية والمؤسسات العلمية الأخرى في الدول التي تتواجد
فيها الملحقيات.
وقد يكون إلغاء المنحة الشهرية التي تقدمها الدولة في هذا
الجانب والبحث عن مصدر بديل آخر ارحم بهم من الضغوط النفسية التي يمرون وهم يشارعون
كل يوم وزارة المالية والملحقية الثقافية للحصول على (الربع) الذي لا يسمن ولا يغني
من جوع.
ومن جهة أخرى،أرى أنه يجب على وزارة التعليم العالي أن تخلق وظائف جديدة
لتفعيل نشاط الملحقيات في بلدان تواجدها بحيث تكون ملحقيات ثقافية بصدق.
فاليمن
العريق ثقافة وحضارة شبه غائبة في العديد من دول العالم.
وتحديدا في الدول التي
تتواجد فيها ملحقيات ثقافية.
فاليمن ليست إرهابا وزواج قاصرات وشجرة قات
وحسب.
بل هي كنز اقتصادي وأثري لم يتم اكتشافه حتى اللحظة.
وشراكة العالم
ضرورية لمساعدة اليمنيين في الانطلاق نحو المستقبل.
ليس هذا فقط،بل إن قضيتنا
الوطنية تتعرض هذه الأيام إلى مؤامرات داخلية وخارجية مكشوفة وهي بحاجة إلى مدافعين
أكفأ في خارج الوطن.
والملحقيات الثقافية يجب أن تضطلع بهذا الدور.
وإذا كان
للوزارة رأيا غير هذا فيجب عليها إعادة النظر بالمسمى الحقيقي لهذه الملحقيات،كي
تبدأ الدولة التفكير بفتح أو تفعيل نوافذ رسمية أخرى في سفاراتها بالخارج
كإضافة،مثلا،النشاط الثقافي إلى الملحقيات الإعلامية.
والسؤال هو: هل كانت
دولتنا موفقة في إطلاق تسمية (ملحقية ثقافية) للملحقيات الخاصة بالتعليم الجامعي
والعالي المتواجدة في عدة بلدان شقيقة وصديقة؟ يبدو أن الأمور سارت بعشوائية شأنها
شأن كثير من القضايا التي عاشتها وتعيشها البلد.
و كان من المفترض أن تُسَمّى
الملحقيات الثقافية الحالية ملحقيات (تعليمية) لأن رسالتها لا تمت إلى الفعل
الثقافي بصلة.
بل لا يوجد لها نشاط ثقافي على الإطلاق.
وجل نشاطها،كما قلت
سابقا،يتمحور في صرف المستحقات المالية للطلبة.
وانأ على يقين أن وزير التعليم
العالي والبحث العلمي الدكتور/ صالح باصرة لن يتردد في إصلاح هذا الاختلال وهو
سيكون محسوبا له ككثير انجازات حققها في هذه الوزارة
الهامة.
mugales@yahoo-com
ومن غرب أوروبا إلى شرقها تتوالى شكاوى الطلاب اليمنيين الموفدين للدراسات الجامعية
والعليا جراء الأساليب غير اللائقة التي يتعرضون لها من بعض القائمين على الملحقيات
الثقافية.
لم تعد القضية خافية على احد،فالوسائل الإعلامية ما تفتأ تنقل صباح مساء شكوى الموفدين
أما بسبب تأخير صرف مستحقاتهم المالية أو بسبب عدم مساعدتهم في حل المشاكل التي
تواجههم أو بسبب التحايل على مستحقاتهم لسبب أو لآخر.
وقد أدى ذلك الوضع
المقلوب إلى تشويه سمعة البلد كله.
وسمعنا مؤخرا أن ملحقا ثقافيا يمنيا في أحد
البلدان تعرض لاعتداء همجي من أحد الطلاب،وسمعنا كذلك أن مسئولا ماليا يمنيا في
إحدى الملحقيات الثقافية ضاعت عليه-كما يقال- من خزانة الملحقية مستحقات الطلاب
التي تقدر بمبلغ ربع مليون دولار.
وتشكلت الصورة الذهنية عن الملحقيات الثقافية
في وضعها الحالي وكأنها ليست سوى صناديق صرف مالية وتوقيع شيكات وعبث متواصل يطارد
الطلبة وأجواء نفسية يرثى لها وغير مشجعة على الدراسة والتحصيل العلمي.
والسؤال
الكبير هو: ما هي المهام الرئيسية للملحقيات الثقافية؟ وهل ثمة مصفوفة عمل رسمية
محددة من الدولة للملحق الثقافي يجب عليه تنفيذها غير التوقيع على شيكات مستحقات
الطلبة أو صرفها يدا بيد؟ ومن خلال ما يتم نشره في الوسائل الإعلامية عن نشاط
الملحقيات الثقافية يبدو,مع الأسف الشديد،أن العديد من منتسبي الملحقيات الثقافية
في بعض البلدان وجدوا أنفسهم طاقات معطلة لعدم وجود مهام محددة وواضحة
ينفذونها.
ولهذا اعدوا جداول مناوبة بين الملحق ومساعدة والمسئول المالي-كما
يقول الطلبة في بعض البلدان- للتواجد فترة قصيرة في بلد مقر الملحقية و يعمدون إلى
قضاء وقت أطول خارجها.
وليس بالضرورة أن تكون وجهة سفرهم اليمن.
فهي بالنسبة
لهم أصبحت محطة (ترانزيت) لا أكثر.
بل يولون وجوههم شطر دول أخرى أكثر رفاهية
وجاذبية وراحة بال.
وإذا رأينا ملحقا حقق مكاسب تنموية لبلده فهو اجتهاد شخصي من
قبله وليس- كما نلاحظ- برنامجا أعدته له الدولة التي يمثلها.
فلدينا ملحق ثقافي
أنموذج في السعودية وقد يوجد هناك آخرون فليعذروني لعدم سماعي عنهم شيئا.
لكن
الدكتور/ احمد الأميري في الرياض ضرب المثال الأروع لخدمة بلده ومواطنيه.
وعدد
الاتفاقيات الأكاديمية التي وقعتها الجامعات اليمنية مع الجامعات السعودية الشاهد
الأكبر على ذلك.
وإنسان رائع وجاد كهذا لا استبعد أيضا أنه يقدم من راتبه
مساعدات مالية للطلاب المحتاجين،أو لأولئك الذين يستمرون لفترات طويلة دون منح
مالية بسبب روتين المالية (المعاق) وغير المسئول.
على كل حال،وتماهيا مع الظروف
الاستثنائية التي يمر بها الوطن اليوم فان قيادة وزارة التعليم العالي مطالبة
بإعادة النظر بالوظائف الراهنة للملحقيات الثقافية.
بحيث تكون رسالتها مرتبطة
بالوضع الشامل الذي تمر به بلادنا.
ولسنا بحاجة إلى مزيد من الإرباك الحاصل
الآن، ويجب اختيار الكفء والقادر والمؤهل لهذه المواقع النوعية.
و عليها أن تعمل
على تحويل تلك الملحقيات إلى نوافذ تنموية لدعم الاقتصاد الوطني وإعداد خطة عمل
متكاملة في هذا الجانب لتخفيف العبء على خزينة الدولة ،وعلى سبيل المثال لا
الحصر،بذل الجهود لرفع سقف المنح الكاملة التي تقدمها الدول الشقيقة والصديقة
لأبنائنا الطلبة في الخارج وإلغاء المساعدة المالية الشهرية التي تقدمها الدولة
للطلبة،أي أن تكون المنح شاملة الرسوم والإعاشة الشهرية وتذاكر السفر كما هو حال
الكثير من البلدان التي تمر بظروف شبيهة بظروف بلادنا،و كذلك تنشيط وتفعيل التعاون
الأكاديمي بين الجامعات اليمنية والمؤسسات العلمية الأخرى في الدول التي تتواجد
فيها الملحقيات.
وقد يكون إلغاء المنحة الشهرية التي تقدمها الدولة في هذا
الجانب والبحث عن مصدر بديل آخر ارحم بهم من الضغوط النفسية التي يمرون وهم يشارعون
كل يوم وزارة المالية والملحقية الثقافية للحصول على (الربع) الذي لا يسمن ولا يغني
من جوع.
ومن جهة أخرى،أرى أنه يجب على وزارة التعليم العالي أن تخلق وظائف جديدة
لتفعيل نشاط الملحقيات في بلدان تواجدها بحيث تكون ملحقيات ثقافية بصدق.
فاليمن
العريق ثقافة وحضارة شبه غائبة في العديد من دول العالم.
وتحديدا في الدول التي
تتواجد فيها ملحقيات ثقافية.
فاليمن ليست إرهابا وزواج قاصرات وشجرة قات
وحسب.
بل هي كنز اقتصادي وأثري لم يتم اكتشافه حتى اللحظة.
وشراكة العالم
ضرورية لمساعدة اليمنيين في الانطلاق نحو المستقبل.
ليس هذا فقط،بل إن قضيتنا
الوطنية تتعرض هذه الأيام إلى مؤامرات داخلية وخارجية مكشوفة وهي بحاجة إلى مدافعين
أكفأ في خارج الوطن.
والملحقيات الثقافية يجب أن تضطلع بهذا الدور.
وإذا كان
للوزارة رأيا غير هذا فيجب عليها إعادة النظر بالمسمى الحقيقي لهذه الملحقيات،كي
تبدأ الدولة التفكير بفتح أو تفعيل نوافذ رسمية أخرى في سفاراتها بالخارج
كإضافة،مثلا،النشاط الثقافي إلى الملحقيات الإعلامية.
والسؤال هو: هل كانت
دولتنا موفقة في إطلاق تسمية (ملحقية ثقافية) للملحقيات الخاصة بالتعليم الجامعي
والعالي المتواجدة في عدة بلدان شقيقة وصديقة؟ يبدو أن الأمور سارت بعشوائية شأنها
شأن كثير من القضايا التي عاشتها وتعيشها البلد.
و كان من المفترض أن تُسَمّى
الملحقيات الثقافية الحالية ملحقيات (تعليمية) لأن رسالتها لا تمت إلى الفعل
الثقافي بصلة.
بل لا يوجد لها نشاط ثقافي على الإطلاق.
وجل نشاطها،كما قلت
سابقا،يتمحور في صرف المستحقات المالية للطلبة.
وانأ على يقين أن وزير التعليم
العالي والبحث العلمي الدكتور/ صالح باصرة لن يتردد في إصلاح هذا الاختلال وهو
سيكون محسوبا له ككثير انجازات حققها في هذه الوزارة
الهامة.
mugales@yahoo-com