صفحه من
كتاب
كتاب
إن فشل مخططاتنا الاقتصادية
وتجاربنا السياسية لإنتاج أنظمة ديمقراطية وفشل أجهزتنا القضائية ومشاريعنا في
الوحدة وفي تحرير فلسطين وتنافس طبقات النخبات الحاكمة وقسوة المعارضة لها يدل على
الدخول في عهد بين إسرائيل احد الأسباب في فشل المدرسة وسائر أوعية
التربية..
إن الأزمة في حقيقتها
ليست نقص في التعليم وضعف في وسائلة وإمكانياته، بقدر ما هي أزمة انحلال في شخصيتنا
الحضارية، إنها أزمة فقدان النموذج الحضاري، ولهذا كان فشلنا اقتصاديا أولاً
وسياسياً وثقافياً.
أشرنا في الحلقة السابقة من هذا الكتاب إلى أنه من الطبيعي
أن يطالب الإسلاميون ببرنامج أو رؤية واضحة لمعالجة معضلات الواقع الاقتصادي وكيفية
مواجهة أخطار الأزمة الاقتصادية الخانقة، سيما وأنهم أصبوا يشكلون رقماً سياسياً
مهما في الحسابات السياسية المحلية الدولية لكن جوهر الصراع الدائر يتعدى مسألة
البرامج والبدائل والسياسيات ويتجاوز بشكل عام البعد الاقتصادي لأزمة البلاد لأنه
باختصار يكمن في غياب الحريات وسيادة دولة الاستبداد وإقصاء الأطراف السياسية
والاجتماعية والاجتماعية الجادة ومنعها من المساهمة في معالجة الأوضاع والتفكير
الجماعي في مصلحة البلاد ومستقبلها ، الأمر الذي جعل من الإسلاميين أقرب إلى حركة
تحرر وطني منها إلى حزب سياسي معتاد يناضل من أجل تطبيق برامج جزئية.
حين توحد
أبواب الحرية إن الجدل المستمر حول مسألة البرامج والبدائل ليست في النهاية سوى
مزايدة سياسية.
ومبرر لإقصاء طرق سياسي وخصم عقائدي من الساحة، والحيلولة دون
انسيابه في المجتمع طالما ظلت أبواب الحريات العامة موجودة والقمع متواصلاً
والتداول على السلطة ممنوعاً حتى التلفظ به.
إن مقولة البرنامج الاقتصادي
الإسلامي في حد ذاتها مثيره وتنطوي على ملابسات عدة، ولكن المقصد العام من هذه
المقولة أو التسمية هو تحديد وتوضيح رؤية الإسلاميين وموقفهم من القضايا الاقتصادية
المتعددة وإبراز تصورهم لمعالجة هذه القضايا بشتى جوانبها.
ليس مشروعاً أخلاقياً
إن الحديث عن برنامج إسلامي اقتصادي ليس حديثاً عن مشروع غبي أو سحري مثلما يروج
لذلك خصوم الحل الإسلامي، برغم ما للبعد الغيبي من أهمية من وجهة نظر الإسلامية، في
إنجاز التنمية وإحداث النهضة الاقتصادية المطلوبة، وهذا أيضاً ليس حديثا عن مشروع
أخلاقي، برغم ما للأخلاق من دور في النهوض بالمجتمعات، ولكن المشروع الإسلامي
المقصود هو مشروع متكامل يتعدى الدوائر الثقافية الاجتماعية والسياسية، التي تشكل
في إطارها المناخ الاقتصادي.
البرنامج الإسلامي برنامج واقعي يتميز بربط قضايا
بالواقع وإشكالاته بالخصائص الثقافية والاجتماعية والدينية ليفرز بها معالجات لصيقة
بهوية المجتمع وخصائصه التاريخية والحضارية.
المثالية والاقتصاد المسلَّم به أنه
لا يمكن الفصل بين الاقتصاد والسياسة وخاصة في هذه الأيام، ومن المسلّم به أيضاً أن
القضايا الاقتصادية والسياسية لا توجد في فراغ ولكنها تنشأ في مجتمع إنساني منظم
ينتسب إلى مثالية معينة فكلا النظامين الاقتصادي والسياسي في أي مجتمع بشري يشتق
مبادئه من هذه المثالية ولا يمكن قط أن ينجح أي نظام يحالف ما يؤمن به الشعب من
مثالية سواء أكانت ليبرالية حرة أو ماركسية أو اشتراكية أو إسلامية أو غير
ذلك..
لماذا يطمسون معالم المثالية..؟ لقد تقرر أن معظم حكومات العالم الإسلامي
لا تعرف المثالية الإسلامية ولا تريد أن تتعرف عليها ولا تؤمن به وتحاول جاهدة أ ن
تطمس معالمها وتمحوها.
نحاول أن ندعو إلى النظر في سياسيات الإسلام بمنطق العدل
والمصلحة العامة، وحكوماتنا ستحاول تحت ضغط خارجي صارم إقامة نظام اقتصادي رأسمالي
حر، ومعنى هذا في لغة الغرب إيجاد نظام سياسي ديمقراطي يتسم بحرية الفرد في إبداء
رأيه وفي أخيار ممثليه في مزاوله مهنته، وفي معاملاته المادية مع غيره وفي إصدار
قراراته الخاصة بإنتاجه واستهلاكه، لذلك كان أول ما نقترحه على هذه الحكومات إن
أرادة أي إصلاح، أن تكون منطقية مع نفسها وأن تزاوج بين الحرية الاقتصادية والحرية
والسياسة، و بدون ذلك لن تتمكن من تحقيق ما تعد به الشعب من رخاء اقتصادي وأن قل،
فالحرية لا تتجزأ...
هذا منطق البديهة وهو ما قال به أصحاب المذهب الليبرالي في
القرن التاسع عشر وهو ما يقول به أصحاب هذا المذهب في هذا القرن وهو ما قال به
الإسلام في القرن السابع...
فهل تستجيب حكوماتنا التي تريد الإصلاح.
ولأن
السياسة الاقتصادية هي في أرفع مفاهيمها فن، فإنها تحتاج مع التخطيط والتشريعات
والاستثمارات ومع التعليم والتكوين المهني..
إلى جو سياسي مشجع ومناخ نفسي
مساعد، وظروف اجتماعية هادئة وقوانين عادلة ..
الاقتصاد والعقيدة ويمكن تلخيص كل
ذلك فيما أُصطلح على تسميته بالديمقراطية في معناها الواسع والشامل بقدر ما تكون
الحياة السياسية شفافة وواضحة، يعرف كل فرد وكل مؤسسة وكل تنظيم وكل
هيئة..
مكانه وحدوده وواجباته وحقوقه لتكون الحياة الاقتصادية والأنشطة
المنتجة.
لهذا نقدر أن الشرط الأساسي لنجاح سياسة اقتصادية أن يسود المجتمع جو
الجدية والثقة إلا أن ذلك لا يكفي وحدة لإنتاج القمح أو المواد الاستهلاكية غير أنه
حافز لا غنى عنه.
لابد أن يرتبط الاقتصاد بجملة المفاهيم العقائدية الإسلامية
التي تؤطر مؤسسات المجتمع الثقافية والتربوية وسياسات الدولة الداخلية
والخارجية.
كيف يدمر استبداد البلاد إن السياسة الاقتصادية المثلى هي التي تنجز
لصالح السواء الأعظم من المواطنين وبموافقة الأغلبية في جو من الحرية والشفافية وما
عدا ذلك هو استبداد لفئة واستحواذ منها على مقدرات الشعب، مما يهدد التوازن والسلم
الاجتماعي ويدمر مؤسسات المجتمع والبيئة ويضع البلاد في حرب أهلية أو على
حافتها.
وتجاربنا السياسية لإنتاج أنظمة ديمقراطية وفشل أجهزتنا القضائية ومشاريعنا في
الوحدة وفي تحرير فلسطين وتنافس طبقات النخبات الحاكمة وقسوة المعارضة لها يدل على
الدخول في عهد بين إسرائيل احد الأسباب في فشل المدرسة وسائر أوعية
التربية..
إن الأزمة في حقيقتها
ليست نقص في التعليم وضعف في وسائلة وإمكانياته، بقدر ما هي أزمة انحلال في شخصيتنا
الحضارية، إنها أزمة فقدان النموذج الحضاري، ولهذا كان فشلنا اقتصاديا أولاً
وسياسياً وثقافياً.
أشرنا في الحلقة السابقة من هذا الكتاب إلى أنه من الطبيعي
أن يطالب الإسلاميون ببرنامج أو رؤية واضحة لمعالجة معضلات الواقع الاقتصادي وكيفية
مواجهة أخطار الأزمة الاقتصادية الخانقة، سيما وأنهم أصبوا يشكلون رقماً سياسياً
مهما في الحسابات السياسية المحلية الدولية لكن جوهر الصراع الدائر يتعدى مسألة
البرامج والبدائل والسياسيات ويتجاوز بشكل عام البعد الاقتصادي لأزمة البلاد لأنه
باختصار يكمن في غياب الحريات وسيادة دولة الاستبداد وإقصاء الأطراف السياسية
والاجتماعية والاجتماعية الجادة ومنعها من المساهمة في معالجة الأوضاع والتفكير
الجماعي في مصلحة البلاد ومستقبلها ، الأمر الذي جعل من الإسلاميين أقرب إلى حركة
تحرر وطني منها إلى حزب سياسي معتاد يناضل من أجل تطبيق برامج جزئية.
حين توحد
أبواب الحرية إن الجدل المستمر حول مسألة البرامج والبدائل ليست في النهاية سوى
مزايدة سياسية.
ومبرر لإقصاء طرق سياسي وخصم عقائدي من الساحة، والحيلولة دون
انسيابه في المجتمع طالما ظلت أبواب الحريات العامة موجودة والقمع متواصلاً
والتداول على السلطة ممنوعاً حتى التلفظ به.
إن مقولة البرنامج الاقتصادي
الإسلامي في حد ذاتها مثيره وتنطوي على ملابسات عدة، ولكن المقصد العام من هذه
المقولة أو التسمية هو تحديد وتوضيح رؤية الإسلاميين وموقفهم من القضايا الاقتصادية
المتعددة وإبراز تصورهم لمعالجة هذه القضايا بشتى جوانبها.
ليس مشروعاً أخلاقياً
إن الحديث عن برنامج إسلامي اقتصادي ليس حديثاً عن مشروع غبي أو سحري مثلما يروج
لذلك خصوم الحل الإسلامي، برغم ما للبعد الغيبي من أهمية من وجهة نظر الإسلامية، في
إنجاز التنمية وإحداث النهضة الاقتصادية المطلوبة، وهذا أيضاً ليس حديثا عن مشروع
أخلاقي، برغم ما للأخلاق من دور في النهوض بالمجتمعات، ولكن المشروع الإسلامي
المقصود هو مشروع متكامل يتعدى الدوائر الثقافية الاجتماعية والسياسية، التي تشكل
في إطارها المناخ الاقتصادي.
البرنامج الإسلامي برنامج واقعي يتميز بربط قضايا
بالواقع وإشكالاته بالخصائص الثقافية والاجتماعية والدينية ليفرز بها معالجات لصيقة
بهوية المجتمع وخصائصه التاريخية والحضارية.
المثالية والاقتصاد المسلَّم به أنه
لا يمكن الفصل بين الاقتصاد والسياسة وخاصة في هذه الأيام، ومن المسلّم به أيضاً أن
القضايا الاقتصادية والسياسية لا توجد في فراغ ولكنها تنشأ في مجتمع إنساني منظم
ينتسب إلى مثالية معينة فكلا النظامين الاقتصادي والسياسي في أي مجتمع بشري يشتق
مبادئه من هذه المثالية ولا يمكن قط أن ينجح أي نظام يحالف ما يؤمن به الشعب من
مثالية سواء أكانت ليبرالية حرة أو ماركسية أو اشتراكية أو إسلامية أو غير
ذلك..
لماذا يطمسون معالم المثالية..؟ لقد تقرر أن معظم حكومات العالم الإسلامي
لا تعرف المثالية الإسلامية ولا تريد أن تتعرف عليها ولا تؤمن به وتحاول جاهدة أ ن
تطمس معالمها وتمحوها.
نحاول أن ندعو إلى النظر في سياسيات الإسلام بمنطق العدل
والمصلحة العامة، وحكوماتنا ستحاول تحت ضغط خارجي صارم إقامة نظام اقتصادي رأسمالي
حر، ومعنى هذا في لغة الغرب إيجاد نظام سياسي ديمقراطي يتسم بحرية الفرد في إبداء
رأيه وفي أخيار ممثليه في مزاوله مهنته، وفي معاملاته المادية مع غيره وفي إصدار
قراراته الخاصة بإنتاجه واستهلاكه، لذلك كان أول ما نقترحه على هذه الحكومات إن
أرادة أي إصلاح، أن تكون منطقية مع نفسها وأن تزاوج بين الحرية الاقتصادية والحرية
والسياسة، و بدون ذلك لن تتمكن من تحقيق ما تعد به الشعب من رخاء اقتصادي وأن قل،
فالحرية لا تتجزأ...
هذا منطق البديهة وهو ما قال به أصحاب المذهب الليبرالي في
القرن التاسع عشر وهو ما يقول به أصحاب هذا المذهب في هذا القرن وهو ما قال به
الإسلام في القرن السابع...
فهل تستجيب حكوماتنا التي تريد الإصلاح.
ولأن
السياسة الاقتصادية هي في أرفع مفاهيمها فن، فإنها تحتاج مع التخطيط والتشريعات
والاستثمارات ومع التعليم والتكوين المهني..
إلى جو سياسي مشجع ومناخ نفسي
مساعد، وظروف اجتماعية هادئة وقوانين عادلة ..
الاقتصاد والعقيدة ويمكن تلخيص كل
ذلك فيما أُصطلح على تسميته بالديمقراطية في معناها الواسع والشامل بقدر ما تكون
الحياة السياسية شفافة وواضحة، يعرف كل فرد وكل مؤسسة وكل تنظيم وكل
هيئة..
مكانه وحدوده وواجباته وحقوقه لتكون الحياة الاقتصادية والأنشطة
المنتجة.
لهذا نقدر أن الشرط الأساسي لنجاح سياسة اقتصادية أن يسود المجتمع جو
الجدية والثقة إلا أن ذلك لا يكفي وحدة لإنتاج القمح أو المواد الاستهلاكية غير أنه
حافز لا غنى عنه.
لابد أن يرتبط الاقتصاد بجملة المفاهيم العقائدية الإسلامية
التي تؤطر مؤسسات المجتمع الثقافية والتربوية وسياسات الدولة الداخلية
والخارجية.
كيف يدمر استبداد البلاد إن السياسة الاقتصادية المثلى هي التي تنجز
لصالح السواء الأعظم من المواطنين وبموافقة الأغلبية في جو من الحرية والشفافية وما
عدا ذلك هو استبداد لفئة واستحواذ منها على مقدرات الشعب، مما يهدد التوازن والسلم
الاجتماعي ويدمر مؤسسات المجتمع والبيئة ويضع البلاد في حرب أهلية أو على
حافتها.