;

السقطرية..لغة أم لهجة؟! 4112

2010-04-14 03:36:24

عبدالكريم
بن قبلان السقطري


سبق وأن تكلمنا في عدة مقالات تم
نشرها في عدة صحف وفي مقدمتها صحيفتنا الغراء "أخبار اليوم" تحت عناوين عديدة منها
( كلنا عرب يا عرب. .
ونحن الأوائل) وأثبتنا سبب العروبة بالمقومات اللغوية التي
تحتفظ بها اللغة السقطرية.
انظر العدد (1829) صحيفة "أخبار اليوم" وقد فصلنا
بإثبات بعض الكلمات التي قلما نطق بها العرب اليوم من الخليج حتى المحيط ومن بلاد

الرافدين حتى بيت المقدس، ولعدم وجود
التلفظ بتلك الكلمات العربية الأصل إلى يومنا هذا إلا في اللسان السقطري الأصيل،
وقد أوجزنا في العدد (1975) ما نشرته "أخبار اليوم" ( اللغة السقطرية. .
بين
الأصالة والإهمال) وأثبتنا أن سبب طمس الهوية هو الطعن في أساسيات اللغة مع عمقها
الماضي وحفظها لما تكتنفه مجامع اللغة العربية الحية إلى حاضر اليوم تحت عنوان (
سقطرى. .
بين لغة الماضي وطمس الهوية) انظر ما نشرته صحيفة "أخبار اليوم" العدد
(1876).
وإن ما حافظ على عروبة سقطرى ما هو إلا عمق لغتها وأقدميتها في تخوم
الزمن لكون هذا العمق لا يفهم دلالاته سوى أهلها المتمرسين لأن السقطرية لغة تحمل
ما يحويه الوعاء اللغوي ولها أداة فكر فاعله حيث لا يمكن فصل كلماتها وتراكيبها
عنها، كما أنها منبثقة ومشبعة بمضامين لغوية وهي أيدلوجية في النهاية، صحيح أن هذا
التبرير كان ولا يزال يواجه بما يقابله من وجهة نظر الكثيرين بأنها ليست لغة لما
يؤكده الواقع لعدم وجود أحرف لها تجعلها في حيز التنفيذ وتبرز نفسها، وما ذلك إلا
لغياب أسلوب أداة الكتابة وتكريس الدارسين في البحث عن مقومات هذه اللغة، وإنما
تكتنفه اللغة السقطرية لهو دليل على أنها لغة عربية قديمة حية باعتبار اللسان
السقطري معجم شفهي حافظ عليها أبناؤها في تلك الحقبة الغابرة وهي صندوق أمان مرمى
في اليم وحاولت أمواج البحار والمحيطات أن تتلاطم بها يمنه ويسره فما استطاعت النيل
منها وستبقى حية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فاللغة السقطرية ذات سياق
اجتماعي وهي أداة سابقة الصنع محملة في طياتها سلفاً بالكثير من الإيحاءات
الاجتماعية والثقافية والسياسية والتاريخية والحضارية حيث فرضت هذه الإيحاءات مزايا
عديدة على ما تتضمنه أساسياتها والمقومات اللغوية.
وباعتقادي الذي لا يعتريه شك
بأن اللغة السقطرية بنفسها هي هوية العرب من خلال أقدميه اللغة وليست شعارات تقال
بأنها لهجة قابعة طواها وعفا عليها الزمن وبإبقائها حية فيه تعبر عن حقيقة قومية
ووطنية عربية، والسبب في تحطيمها هو عدم الاهتمام بإبراز دورها من خلال إنشاء
دراسات دقيقة لغوية للسان السقطري مما تحمله من ضمائر وأداة والإشارة والنسق الصوتي
أو التركيبي، وما يرادفها من الدلالات الواضحة التي تؤهلها وتبرزها لتصبح عمق اللغة
لجذور أصل العربية السامية، وما ذلك التحطيم الذي حاصر هذه اللغة ( السقطرية) إلا
بسبب التخلف والجهل وقلة المادة ، ولو أدرك المجتمع السقطري القابع بلغته في المحيط
الذي هو الآن فيه لكان عليهم في الوقت نفسه مواجهة التخلف المتزايد والمرتفع سخونته
الذي يسعى إلى طمس ثقافة العقل، تلك المواجهة فرضت عليه موقفاً جذرياً كي يسعى إلى
التصدي لأوضاع مستقبلية، ومشكلاته المتفاقمة ، وكوارث متراكبة، التي لها علاقة
بتحطيم اللغة السقطرية والتي لم يعرف متغيرات وتحولات الحياة التي أصبحت آيلة
باللغة إلى السقوط لعدم كتابتها وحفظها واندثار كلماتها إلى مستوى غير مفهوم ربما
اشتركت في ذلك عوامل سياسية وثقافية بحتة لتحطيم تلك اللغة.
وحتى نعيد صياغتها
مما يجعل منّا ملوك اللغة في الأصل ليست ادعاءات كما يقول البعض لهذا لابد من توافر
الإمكانيات لإثبات حقيقة تاريخ هذه اللغة، وإلا لقلنا ما قاله الأستاذ/ مالك حداد:
( لقد شاء الاستعمار أن أحمل اللكنة في لساني، وأن أكون مقيد اللسان لو كنت أعرف
الغناء بالعربية لتغنيت بها)، فنحن ما ننطق به اليوم في عمق المحيط لهو غناء من
الأغاني القديمة والتراثية الأصيلة التي تركوها العرب القدامى لأبناء العروبة في
سقطرى وإن غابت أداة الكتابة لأحرفها فليست حجة بأنها ليست لغة.
كما لا ينسى
الجميع أن اللغة السقطرية هي واقع تاريخي لجذور العرب ( في أصل اللغة) لا غبار
عليها والتي تشكل فيها الوعي العربي الأصيل منذ القدم، وإن الغفلة عن تلك الحقيقة
الموضوعية لا سبيل لإنكارها، وإن تشويه شخصية اللغة السقطرية في إفقادها لأصالتها
وتحطيمها والطعن فيها يعد ذ خطراً على أصالة الدلالات اللغوية للسان العربي قبل
نزول القرآن الكريم.
بل أنه الخطر بعينه فما بقي منها كلغة وأدب وتاريخ لخير
دليل على أصالة اللغة العربية الجنوبية ( السامية)، وأن الأمر المسلم به هو أن
اللغة السقطرية هي أصل الهوية سواءً كانت التي هاجرها فطاحلة اللغة العربية
المتعارف عليها إلى اليوم، أو عزف أبنائها لعدم إدراك الجميع في الأصل وأهميته وما
تحمله الهوية من معنى في صميم اللغة أو الواقع اللغوي والتاريخي الذي انتقلت
إليه.
كما أنه باعتقادي أن الأمر ليس بالسهل، فقد تثير إشكالاً لأنها ليست
مفهومة عند المهتمين ( المثقفين العرب) لكون الهوية أصلاً أصبحت ما بين عالمين (
لغة مضت ولغة شاعت) أعني العربية القديمة الباقية في نقوش الخط المسند أو ما قبله،
والعربية التي تعامل معها اليوم ونطق بها الجميع واستجمعها القرآن الكريم في آياته،
كما استجمع أيضاً الكلمات القديمة التي عزف عنها العرب اليوم من حيث النطق
والإستخدام وبقي حية في اللسان السقطري.
وإن نتيجة تصاعد أخطار ما يعرف اليوم
بالهويات القاتلة في العالم العربي هو ظهور نزاعات العصبية التي دفعت عدداً غير
قليل ممن لهم اليد الطولي في صياغة معاجم اللغة وهم كثر هنا وهناك كلا يرى برأيه
ويدلو بدلوه، ولا ننسى أن الهجرات المنتقلة ساعدت في التداخل المزدوج في لغات العرب
بين شمال الجزيرة العربية وجنوبها والإختلاط الأجنبي الدخيل بحضارته وثقافته ومزج
لغته هي كذلك سبب امتزاج اللغة العربية للعديد من المفردات للغات العالم وتلك
الهجرات جاءت من عدة أوجه في الحياة.
وقد ذكر القرآن الكريم كلمات حية باقية في
اللسان السقطري إلى اليوم وخذلتها الألسن الأخرى في أصقاع بلاد العرب، ومن هذه
الكلمات ما تم نشره في صحيفة "أخبار اليوم" العدد (1829، 1962، 1965) وهن ( أليب ،
وآي، أثاب ، أضريعه ، دح، طح ) تلك الكلمات بمجامعها اللغوية ما هي إلا رموز للغة
حية قابعة في المحيط أرادوا طمسها والطعن في هويتها.
وإني أتفق مع القراء
الأكارم على أن اللغة السقطرية لا تكتب ، وهذا لا يعني أنها تبتعد عن أصل اللغة
العربية الجنوبية السامية.
وقد ذكر الدكتور/ حسين الصالح في بحثه ( فقه اللغة)
مفسراً معنى اللهجة لفظاً أنها هي اللغة عند علماء العربية، ثم قال فلغة تميم ولغة
هذيل ولغة طي التي جاءت في المعاجم العربية لايرون بها سوى ما نعنيه الآن لكملة
لهجة ، ثم زاد في قوله ( والبيئة الشاملة التي تتألف من عدة لغات هي التي اصطلحت
على تسميتها باللغة) ثم قال ( وإن العلاقة بين اللغة واللهجة هي العلاقة بين العام
والخاص فاللغة تشمل عدة لهجات لكل منها ما يميزها عن غيرها، وهذه اللهجات جميعها
تشترك في مجموعة من الصفات اللغوية والعادات الكلامية التي تؤلف لغة مستقلة عن
غيرها من اللغات) انظر فقه ص11.
ولقد حدد الباحث السقطري والأستاذ / عبدالعزيز
الدهري بن قطن كتيبه ( أعلام البرية باللغة السقطرية وما ورد عنها في اللغة
العربية) تأكيداً لما أشار إليه الدكتور/ حسين الصلاح قائلاً ( وهذا ينطبق على
اللغة السقطرية لأنها غنية بالأصوات المستقلة والأحرف الزائدة وصفات لغوية خاصة بها
مما يرشحها لأن تكون لغة بحد ذاتها حية باقية من اللغات الجنوبية العربية.
انظر
كتيبة ص2.
فأما العرب لكثرة فصاحتهم وعمق بلاغتهم فقد وصلوا بفصاحة ألسنتهم إلى
التعالي على الواحد الأحد وكان على رأسهم في العصر الجاهلي الشاعر الكبير أمرئ
القيس الذي قال فيه النبي ( صلى الله عليه وسلم ): (( امرئ القيس خطيب أهل النار
يوم القيامة))، ولإبطال تلك الفصاحة بُعث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وكما قال
: (( أنا خير من نطق بالضاد)) وقد أوتي صلى الله عليه وآله وسلم جوامع
الكلم.
ولكي نصل إلى عمق الصواب، إذاً ما هي اللهجة؟ فاللهجة أخي القارئ الكريم
هي التي لا تنفصل عن أمها مثل لهجة تهامة ولهجة حضرموت. . .
إلخ، التي لا تزال في
ألسنة أصحابها ومرتبطة بحياتهم، مع أنه لا يعني أن اللغة السقطرية أفضل من لغة
القرآن، وإنما القرآن جاء بعد بعثة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، فتفضيل اللغة
العربية الفصحى بسبب فضل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجمع القرآن تلك اللهجات
المترامية في أصقاع بلاد العرب الذين ينطقون باللغة العربية الشمالية مع ذكره للغات
العربية القديمة التي يعود نسبها إلى الآرامية السامية، فالسقطرية لغة مستقلة حافظت
على لغتها الأم التي هي أصل اللغة العربية الجنوبية السامية، وإن سبب إظهارها
والحفاظ عليها ما ذاك إلا لغياب أسلوب الطرح والنقد في لغتها وأدبها وتاريخها، لكي
تعيد الماضي الدفين مما تكلم به الأجداد القدماء، وهل يعني أن العرب لم يتكلموا
بلغتهم العربية القديمة قبل مبعث النبي عليه السلام، أو قبل أن ينزل القرآن ويجمع
لغة العرب.
انظر العدد (1968) ما نشرته "أخبار اليوم" تحت عنوان ( غياب أسلوب
الطرح والنقد في اللغة والتاريخ والأدب السقطري).
ولولا الإطالة لزدنا بالقول
توضيحاً وللقلب إقناعاً وللصدر انشراحاً ما تثبته هذه اللغة، فغياب المادة والعناية
والإهتمام جعلها في الحضيض رغم أنها أصل أصيل حية باقية تلفظها ألسنة أبناء سقطرى،
وخير الكلام ما قل ودل.
فهل تعلم يا أخي الكريم إن فطاحلة العرب يسمون اللغة
العربية القديمة بلغة الضاد، والضاد هي أصل عمق اللغة السقطرية، شجرة السدر أو
العلب والتي تسمى باللغة السقطرية ( ضاد) ، إذا سمي السقطرية ما شئت لغة أو لهجة !،
فإننا نجزم بأنها لغة وليس لهجة وعلينا أن نقنع من لا يقتنع ونثبت من يريد الإثبات،
وما لنا في الأخير إلا أن نقول: جزيرتنا أجمل. .
تراثنا أفضل. .
ولغتنا أصيلة
باقية حية في لسان أهلها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد