;

حقوق الإنسان وحرياته في الإسلام ..الحلقة الـ«40» 1362

2010-04-17 03:44:29

صفحه من
كتاب


الإنسان نزاع إلى الشر كما أنه نزاع
إلى الخير، فمن الواجب اتخاذ التدابير من نزعة الشر الموجودة في النفس البشرية، ولو
كان الناس ملائكة لما كانت هناك حاجة لقيام الحكومات.
ولكن ما الضمان في أن لا
تتجاوز الدولة مهمتها هذه فتتحول إلى سلطة طاغية مستبدة طالما يديرها بشر يتصارع في
نفوسهم الشر مع الخير، فما الضمان من أن لا يساء استعمالها.

إن النظر في النظم السياسية الغربية المعاصرة التي
تعمل في إطار من المفهوم الليبرالي للدولة يستطيع من غير عناء أن يتبين أن لها
جميعاً دعامتين أي مبدأين أساسيين هما: مبدأ الشرعية ومبدأ سيادة الأمة،
والغربيون المعاصرون يرون في هذين المبدأين الحل الواقعي من الاستبداد السياسي ومن
ثم أمثل حل للمشكلة السياسية كما يرون فيها ثمرة فلسفاتهم وثقافتهم الحديثة في مجال
السياسة.
هل هناك مفهوم لحقوق الإنسان في الإسلام؟ ما سنده الفلسفي إن وجد؟ ما
العلاقة بينه وبين الإعلانات الحديثة؟ هل هناك أساس مفهومي للدولة في الإسلام وإن
وجد فما العلاقة بينه وبين مفاهيم الدولة الغربية الحديثة؟ ماهي الأبعاد السياسية
والاقتصادية والتربوية للشورى؟ ما هي ضمانات الحرية في الدولة الإسلامية ضد
الجور.
إن الحرية في الإسلام وثقافته وتجربته الحضارية على ما شابها قيمة
أساسية أصلية باعتبارها أساس صحة الشهادة وشرطها أم العقائد الإسلامية وأساس
المجتمع والدولة والحضارة، فقبل أن يؤكد المؤمن إقراره بوجود الله وصدق رسالة محمد
"صلى الله عليه وسلم" يؤكد ذاته ككائن عاقل حر موجود إن "الأنا" في لحظة وعي وحرية
تقرر أشهد "أنا" أن "لا إله إلا الله وأشهد "أنا" أن "محمد رسول الله".
ومن حقوق
الإنسان المضمونة في الإسلام حرية الاعتقاد وقد عرض البحث إلى ما عساه يرد على هذا
الحق من قيود فعرض لموضوع الردة وأزال التصادم بينه وبين مبدأ الحرية، كما عرض
للآثار المترتبة على حرية الاعتقاد مثل حرية التعبير والمناقشة وممارسة الشعائر،
والحرية الفكرية، ومنها حرية الذات أو حق التكريم الإلهي أي سلامة الشخصية وقد عرض
البحث لموضوع العنف والتعذيب وأساليب الإكراه وانتهى إلى خطرها مطلقاً، ومنها
الحقوق الاقتصادية فاثبت حق التملك على أساس العمل وحق العامل في التمتع بثمار عمله
واعتبار الملكية وظيفة اجتماعية يمارسها الفرد تحت رقابة ضميره الديني وسلطة
المجتمع في إطار مصلحة الجماعة، فإذا أساء التصرف تدخل المجتمع صاحب الحق نيابة عن
المالك الأصلي "الله".
الحقوق الاجتماعية: أكد البحث أن العمل واجب ديني وأن في
مال الأغنياء حقاً معلوماً للفقراء ولا حرمة لمال طالما في المجتمع محتاج باعتباره
حقاً يمكن المحتاج انتزاعه إن لم تفعل الدولة.
ومن الحقوق الاجتماعية: حق
التعليم وهو إلزامي والحق الصحي، والحق في السكن والكساء وإقامة أسرة.
الحريات
السياسية: في المقارنة بين المبادئ الأساسية الديمقراطية الغربية والحكم الإسلامي
أو الديمقراطية الإسلامية، إنتهى البحث إلى أن النظام الديمقراطي شكلاً ومضموناً
يتمثل في إعلان مبدأ سيادة الشعب وأنه مصدر السلطات وهي سيادة يمارسها من خلال جملة
من التقنيات الدستورية التي تختلف جزئياتها ولكنها تكاد تتفق حول مبادئ المساواة
والانتخاب وفصل السلطات والتعددية السياسية وحريات التعبير والتنقيب والاعتقاد
والإقرار للأغلبية بحق الحكم والتقرير وللأقلية بحق المعارضة من أجل تداول السلطة،
وانتهى تطورها إلى الإقرار للمواطن بجملة من الضمانات والمضمون هو تحرير القانون من
سلطان الملوك ورجال الدين والانتقال من حكم الفرد إلى حكم القانون المعبر عن إرادة
الشعب، الأمر الذي يجعل سلوك الحكومة خاضعاً للقانون ويمكن المطالبة باحترامها إياه
أمام قضاة مستقلين، وأن يصدر القانون وفق إجراءات محددة وأن تحترم الحكومة القيم
والأهداف الأساسية للمجتمع وتعبر عن إرادته العامة وذلك هو معنى الشرعية، أما
الأساس الثاني للدولة الغربية الحديثة فهو السيادة أي اعتبار الدولة سلطة لا تعلوها
سلطة أخرى وأن صاحب السيادة هو من يتولى سلطة التشريع وأن سلطتها مطلقة داخلياً
وخارجياً فالدولة سلطة لا تحتاج إلى أن تبرر نفسها أمام أحد.
ولذلك فإن الفكر
السياسي الغربي قدم إلى الفكر السياسي العالمي إضافات مهمة جداً الأمر الذي يجعل
الفكر السياسي عامة مديناً للفكر الغربي بالجهاز السياسي الديمقراطي ففضلاً عن
تأكيده سلطة الشعب أساساً لشرعية الحكم فقد قدم آلية لتجسيد تلك السيادة بأقدار
مختلفة كالانتخاب والأحزاب وفصل السلطات وسائر الحريات فتحقق لأول مرة في التاريخ
تداول السلطة عبر المنافسة الحرة بين الجميع وهو جوهر الديمقراطية.
إن موضع
الخلل في هذا النظام لا يتمثل في الجهاز الديمقراطي فتلك عبقريته وإنما في مضامينه
الفلسفية المادية إلى العلمانية بما هي إقصاء الله عن شؤون تنظيم المجتمع وبما هي
نظام قومي عنصري جعل مصلحة قوم قيمة مطلقة تبرر كل سلوك الأمر الذي يعطي السلطة
باعتبارها ناطقة باسم تلك المصلحة والسيادة نفوذاً غير محدود قاد ويقود البشرية إلى
كوارث قد تصبح الحياة معها مستحيلة ومع ذلك يرفض البحث الاستناد من طرف أنظمة
الطغيان إلى نقائض الديمقراطية لمصادرة مطالبات الشعوب بها خاصة إذا اتخذت تلك
المصادرات شكل الفتوى الدينية بتحريم الانتخاب وسائر الحريات الأساسية مما هو إمعان
في النفاق والتسلط، ففي غياب النظام الإسلامي أو الديمقراطية الإسلامية تبقى
الديمقراطية على ما هي عليه في الغرب أفضل الأنظمة أو أقلها سوءاً، وتبقى مطلباً
مشروعاً للمسلم الاشتراك مع كل الوطنيين الأحرار في النضال من أجل تحقيقه، فالحصول
على الشيء ناقصاً، ثم تطويره أفضل من افتقاده جملة.
المبادئ الأساسية للحكم
الإسلامي: انتهى البحث إلى أن مفهوم الدولة أصيل في مبادئ الإسلام وفكره السياسي
وأن السلطة حاجة طبيعية وضرورة اجتماعية ومقتضى ديني لإقامة الدين فالسلطة ليست
جزءاً من الإسلام وإنما هي وظيفة أساسية لقيامه وليست هناك حاجة إلى النص على إقامة
الدولة وإنما الحاجة إلى ضمانات قيامها بالقسط وحجزها عن الجور، وأن مهمتها
الأساسية إقامة العدل وحراسة الدين وتوفير مناخات تتيح لأكبر قدر ممكن من الناس أن
يعبدوا الله في اختيار وتوافق مع قانون الفطرة ومع مبادئ الإسلام وأن يحققوا على ما
تسمح به ملكاتهم من السمو الروحي والثراء المادي بعيداً عن كل ضروب
الإكراه.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد