بعض محافظات الجمهورية بحاجة إلى عمل دارسة تقييمه دقيقة لحال إن الوضع الأمني الذي تشهده بعض محافظات
الجمهورية بحاجة إلى عمل دارسة تقييمه دقيقة لحال الجهاز الأمني في البلاد والكشف
عن مكامن الأخطاء والاختلالات وفق تلك الدراسة العلمية والبحث عن إيجاد معالجات
جادة لها، بما يكفل بإعادة الأجهزة الأمنية في مختلف محافظات الجمهورية لمكانتها
ودورها الوطني الهام والحساس ولعل ما شهدته العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن يوم
أمس الأول من استهداف لمقر جهاز الأمن السياسي، خير شاهد على حال وضع
الأجهزة الأمنية في بلادنا، وهنا لا أوجه كل اللوم على رجال الأمن من جنود وضباط
وغيرهم بقدر ما هو لوم على القيادة الأمنية العليا في البلاد وغياب دورها تجاه ذلك
الجهاز الهام داخل البلاد، الذي صار اليوم المستهدف الأول لكافة الإرهابيين
والمتمردين وقطاع الطرق والخارجين عن النظام والقانون، وكنت في مقال سابق قد أكدت
على ضرورة اتخاذ حزمة من الإصلاحات، ومن ضمن ذلك إصلاح الجهاز الأمني من الداخل،
فاختيار رجال الأمن في مختلف البلدان المتقدمة في هذا الجانب لا يتم احتياطيا أو
وفق إهداء ومصالح ووساطات بقدر ما هو اختيار دقيق للكوادر الكفوة والذكية والمخلصة،
وهذا لا يتم بين ساعة ما هو إختيار دقيق للكوادر الكفؤه والذكية والمخلصة، وهذا لا
يتم بين ساعة وضحاها بل يستدعي لعملية اختيار قد تتطلب أكثر من سنة لتجاوز الأفراد
أو المستجدين لعملية الاختبار والالتحاق بذلك الجهاز، وحتى لا يستغل بعض المزايدين
هذا الطرح للقول بأننا نهول ما تمر به البلاد وما أكثر هذا الصنف نقول وبكل صراحة
أن الأجهزة الأمنية بحاجة إلى إعادة النظر ليس فيما يخص عملية التدريب والتأهيل،
فهذا نحن على ثقة بقدارتهم لكن فيما يخص الحس الأمني الواجب توفره لدى كل رجل أمن،
وهذا وحده كفيل لردع الكثير من الاستهداف لأفراد رجال الأمن من قبل كافة العناصر
الإجرامية، التي تسعى للنيل من الوطن وأمنه واستقراره، وهذا الحس الأمني يجب أن
يتوفر لدى كافة رجال الأمن وخاصة التحريات، الخدمات على المرافق الأمنية والحكومية
المختلفة، الدوريات والاستطلاعات، المباحث وغيرها، هذا من جانب، أما الجانب الآخر
فهو متعلق بوضع الرجل النفسي وتأثره بالعديد من العوامل الأخرى السياسية والفكرية
والاجتماعية والاقتصادية وهي الأهم فأنا على ثقة أن رجال الأمن على قدر كبير من
المسؤولية ولا ينكر جهودهم وواجباتهم إلا جاحد في كل شبر من يمننا الحبيب، وأنا على
ثقة أيضاً أن أبطال المؤسستين ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية، لكني في نفس الوقت
أؤكد على أنه من الإجحاف ألا يساوى رجل الأمن الذي وهب روحه فداء الوطن في أي ظرف
وأي ساعة مع المعلمين وموظفي المحاكم والنيابات والمؤسسات الإيراداية الأخرى من حيث
الرواتب الشهرية والعلاوات والمكافآت والإضافي وغير ذلك، فالجندي سواء كان في الأمن
أو السلك العسكري هو صاحب بيت ورب أسرة ويلامس ويتجرع تلك الأوضاع الاقتصادية
الصعبة التي يشكو منها السواد الأعظم من أبناء الوطن، أفلا يستحق ذلك الحارس الشجاع
في المواقع والمرافق وفي مختلف ميادين البطولة والشرف أن يساوى مع بعض الموظفين
المدنيين الذين وصلت مرتباتهم إلى الستين والسعبين آلاف، فيما مرتبه لا يزال في
الثلاثينات والبعض في العشرين آلاف.؟! وهذا ما دفع البعض للتجنيد في الأمن وليس في
الجيش وخاصة في الأمن العام، وكم شاهد الكثير منا بعض الجنود وهم يتركوا بوابات بعض
المنشآت الحكومية لمساعدة بعض المراجعين فيها مقابل حق القات وهكذا، نقول هذا ليس
من باب الحش على رجال الأمن الذين نكن لهم كل الحب والتقدير، فتلك الأعين الساهرة
من أجل أمننا في الأسواق والمنازل والطرق والأرياف لها منا كل احترام وألف تحية
لكننا نقول ما سبق من باب المسؤولية المشتركة وحرصاً على أمن وسمعة الوطن الذي مهما
قدمنا وبذلنا من أجله لا نفيه حقه، فالوطن غالي وحمايته مسؤولية كبيرة لا يتحملها
إلا الرجال الشرفاء من أبنائه وما نأمل من القيادات الأمنية في البلاد هو عمل تقييم
دوري أو شهري لأداء كافة الأجهزة الأمنية في مختلف محافظات الجمهورية حتى لا تستطيع
أي عناصر إجرامية أن تتطاول على حماة الوطن وحراسها الشرفاء.