الرحمن الراشد
الدكتور إياد علاوي أظهر في لحظة غضب وتحدٍّ أدلة كافية على أنه بالفعل كان مستهدفا
بالاغتيال وتفجير طائرته.
أدلة ومعلومات من أجهزة وحكومات معتبرة تؤكد التآمر
على حياته.
ولا يحتاج الوضع هناك إلى استظهار أدلة، فالكل يعلم أن الساحة
العراقية ساحة إعدام وألغام، وأن علاوي أكثر رأس مستهدف اليوم، وما اغتيال ثلاثة من
المحسوبين على كتلته العراقية الفائزة إلا نتيجة لذلك.
فهل هناك من يريد إزاحته
من الطريق بسبب الواحد وتسعين مقعدا التي فازت بها كتلته في الانتخابات الماضية، أم
لأنه شخصية صارت رقما سياسيا مهمّا يصعب على خصومه تجاوزه؟ من المؤكد أن التعرض
لعلاوي ستكون له تبعات بالغة الخطورة على العراق.
وقد يقحم أي اعتداء كل القوى
الإقليمية والدولية المعنية للتدخل، لمنع التحول السياسي الذي قد يسببه بتغيير
التوازن، وإفساد النتائج التي صوّت لها الشعب العراقي.
وفي تصوري أن كل اللاعبين
الأساسيين في العراق والمنطقة يعرفون مخاطر تغييب القائمة العراقية وزعيمها عن
الساحة السياسية، النتيجة لن يهنأ بها أحد، بل إن أي تهديد أو محاولة إيذاء لأي
قيادي سياسي عراقي اليوم فيه إيذاء للجميع وللعملية السياسية للبلاد.
ومن المؤكد
أن الحكومة ستكون المحاسب الأول في أي تقصير أمني، أمر ستلاحق عليه حتى بعد تشكيل
حكومة جديدة.
فالعراق لا يزال خاضعا لإشراف الأمم المتحدة، ومربوط باتفاقيات
أمنية خارجية، ويعيش في ظل توازنات إقليمية ساهمت سلبا وإيجابا في الاحتكام إلى
الصندوق الانتخابي واعتبار نتائج أصوات العراقيين الحكم النهائي.
وما ظهور علاوي
وإعلانه كيف تقاعست الأجهزة الحكومية المسؤولة عن حمايته في ساعات إنذار بالخطر إلا
لوضع الأمور واضحة اليوم أمام الرأي العام العراقي والعالمي.
ومهما كانت
الخلافات السياسية والتنافس بين الأحزاب والقيادات فإن سلامة المنخرطين في العملية
السياسية واجب الحكومة ومسؤوليتها.
منذ فترة الانتخابات نعلم أن التهديدات على
حياة علاوي كانت جدية، وهي التي دفعت به إلى تغيير جداول نشاطاته الداخلية ورحلاته
الخارجية، وضيقت عليه إدارة حملاته الانتخابية، واختصرت ظهوره في الأماكن العامة
التي كان يفترض التواصل فيها مع مواطنيه.
وعندما كسب أعلى الأصوات في ظروف
التضييق عليه صار الخطر عليه أكبر.
ومن المتوقع أن يحظى كأي فائز في أي انتخابات
بالحماية الكاملة التي تمنح عادة للرؤساء حتى ينتهي التفاوض ويظهر للجميع القادر
على تشكيل الحكومة، وبعدها إن صار رئيسا للحكومة يرث الحماية المخصصة، وإن لم يكن
يصبح الخطر السياسي عليه أقل بكثير وتصبح الحاجة إلى الحماية أقل.
المسألة هنا
ليست الخوف على حياة سياسي واحد أو حزب بعينه بقدر ما هي خوف على العراق الذي عانى
ودفع الكثير من دم أبنائه حتى يصل إلى المرحلة الحالية التي تؤسس
لمستقبله.
فالخوف على علاوي خوف على كل العراق، وهذا يسري على كل الزعامات
السياسية المنخرطة في دائرة التنافس على الحكم، ومسؤولية الحكومة حمايتها لا الدخول
معها في جدل حول قضية لا يجوز الجدال فيها.