علي جار الله
أيام الدراسة بالجامعة، وأصبحت أفكر فيها بصورة تستدعي الوقوف عندها، وعندما يحدث
موقفاً هنا أوهناك في نفس السياق تعود بي الذاكرة إلى الوراء كثيراً وليس قليلاً،
كما يقال إلى عهد الخلافة العباسية وإلى عهد الخليفة المعتصم بالله بالذات، عندما
تعرضت امرأة مسلمة لا نتهاك حقها وصرخت وامعتصماه، فبلغه الخبر فقال مقولته
المشهورة في رسالته التاريخية..
من المعتصم بالله إلى كلب الروم أطلق سراحها وإلا والله لأتينك بجيش
أوله عندك وآخره عندي يحبون الموت كما تحبون الحياة"، ففي هذه المواقف عبرة كبيرة
نحو تحقيق الدولة لمقاصد وجودها في حماية من ينتمون إليها، وتؤكد بأن الدول
الإسلامية قد سجلت مواقف رفيعة في هذا المضمار غير أنه وبعد انهيارها أصبح الإنسان
عرضة للإنتهاكات في كل مكان.
وأصبح الإنسان أو المواطن في الدول الغربية
والأميركية والصينية وحتى الإسرائيلية هو المؤمن والمحمي بقوة دولته.
فعلى سبيل
المثال لا الحصر نذكر قضية الأسير الإسرائيلي شاليط المأسور في قطاع غزة من طرف
حركة حماس منذ عدة سنوات والتي جرت وتجري حول تحريره من الأسر العديد من المحاولات
ذات المستويات المختلفة، المداهمات، الحرب، ناهيك عن تجييش عناصر المخابرات للكشف
عن مكانه، هذا من جهة ومن جهة ثانية تجري المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس للإفراج
عنه مقابل "1000" أسير فلسطيني من كبار القادة الأسرى لدى دولة الكيان الصهيوني،
ألا تؤكد هذه المواقف ضعف الإنسان المسلم المقرون بضعف دولته، هذا من زاوية ومن
زاوية أخرى فإن ما أعقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001م من انتهاكات لحقوق الإنسان
المسلم في أنحاء مختلفة من العالم سيما في أميركا وأوروبا، أبدي جلياً ضعف الدول
العربية والإسلامية في حماية رعاياها، فالقانون الوطني والدولي يقول أن الجريمة
شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا يجوز معاقبة أحد بذنب قد اقترفه أحد غيره
مهما كانت صلة القرابة التي تربطهم، ولعل ما حدث في بداية شهر يونيو لأسطول الحرية
الذي حمل في ثناياه مواقف إنسانية صرفة أكد ضعف العرب والمسلمين حينما أقدمت قوات
الكيان الصهيوني على قتل عدد تسعة أشخاص من فريق رموز الحرية لغزة والتي وقفت
الدولة الإسلامية العربي موقفاً ضعيفاً بما فيها تركيا والتي قامت فقط بتخفيض
التمثيل الدبلوماسي بينها وبين إسرائيل إلى مستوى قائم بأعمال السفير وهذا لا يكفي
فالمتوقع موقف حاسم للأمة الإسلامية مجتمعة ضد هذا الكيان الغاصب.
وهذه
الانتهاكات والإهانات التي يتعرض لها الإنسان المسلم ليست لذنب قد اقترفه أو جريمة
قد ارتكبها سوى أنه إنسان شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإننا في
هذا المقام إذ ندعو علماء الأمة الإسلامية إلى تكثيف حملاتهم التوعوية والتنويرية
بمقاصد الدين الإسلامي نشدد عليهم أن يعلنوا بأن الإرهاب، لا دين له، ولا وطن له
ولا جنس.
وأن يدعوا حكام الدول العربية والإسلامية إلى تحقيق الغاية من وجودهم
في أداء واجباتهم نحو رعاياهم بما يكفل ويصون كرامتهم وحقوهم، ويجعلوا من المعتصم
بالله نبراساً يقتدون به في هذا السياق.