الجفري
أكثر بكثير من اتصال زوار المعارض الفنية أو رواد المتاحف إن احتكاك النقاد بالفن
والفنانين أكثر بكثير من اتصال زوار المعارض الفنية أو رواد المتاحف فالنقاد قد
درسوا فن الماضي وعلى علم بالاتجاهات الفنية في الحاضر بحكم اختصاصهم ، وبفضل
خبرتهم وتحصيلهم فبإمكانهم إرشاد المشاهد غير الملم وتوجيه لفهم الفن في ماضيه
وحاضرة عن طريق ملاحظاتهم القيمة وتحليلهم اللوحات الفنية والقطع المعروضة
تحليلاً رصيناً إن الإجابة عن السؤال : هل أن هدف التذوق الفني تطوير قابلية المرء
واستعداده لإعطاء أحكام جمالية؟ يجب أن تكون بالنفي إذ أن الشك والإبهام والحيرة
التي تحيط بمشكلة تقويم الفنون والتي يعاني منها المختصون أنفسهم ستتضاعف حين تلقى
على كاهل الآخرين من غير ذوي الاختصاص، وعلى المرء ألا يخلط التذوق الفني بالتقويم
الفني.
إن غاية التذوق الفني ينبغي أن يكون تحقيق تجربة جمالية، وبالإمكان الأخذ
بيد الفرد لبلوغ هذه التجربة عن طريق المعرفة والمقدرة الحسية التي يتمتع بها
الآخرون والفرد نفسه قد يتعلم لغة الفن يوماً ولكن لكي يحقق هذه التجربة عليه أن
ينظر إلى الفن من أجل أن يتفاعل وإياه أولاً لا أن يحكم عليه فإذا استجاب إلى أعمال
فنية معينة والتي هي في حكم الجزاء متواضعة أو حتى رديئة فمعنى هذا أن لهذه الأعمال
قيمة لديه وحين تسمح الفرصة لرؤية عدد أكبر من الرسوم والمنحوتات وحين تتوفر له
فرصة التدريب لإدراك العلاقات الفريدة في دواخلها فقد يكتشف المشاهد بعدها أن
الأشياء التي كانت ذات شأن لديه لم تعد تقنعه أو ترضي نزعاته الجمالية فالأشكال
والألوان والصور التي سبق أن أثارة فيه ردود فعل قوية قد تفقد تأثيرها فيه بمرور
الوقت ولكي يعثر على غيرها عليه أن يستكشف من جديد الأعمال التي سبق أن بدت له غير
ذات معنى.
إن أهمية التقويم الفني تعتمد على الخبرة والكفاءة، والتقويم الصادق
قد يكون عوناً على التذوق الفني ولكن يجب ألا يجعل هدفاً نهائياً لمن أراد أن يبحث
عن المعنى في الفنون.