علي
الربيعي
الربيعي
في صباح يوم جديد لم أكد أتجاوز
الشارع حتى وجدت صاحبي فسلمت عليه وإذا به يدعوني لشرب في صباح يوم جديد لم أكد أتجاوز الشارع حتى
وجدت صاحبي فسلمت عليه وإذا به يدعوني لشرب الشاي في نفس المكان مدعياً أن الشاي
أعجبه وحسن إنصاتي وكأنه وجد الشخص الذي يلقى على مسامعه همومه حتى يخفف من حملها
أو يخرج له ما في نفسه من معاناة الأيام وشكوى الأصحاب، ومشاكل الحياة،
وتناقضاتها، وأنا لازلت أسير الشجن لمعرفة سبب صراخه في اليوم السابق ولكن تركت له
المجال حتى يأخذ راحته بالكلام، ولا أقطع عليه حديثه وهو يسترسل مبتدأً بالسؤال عن
الحال، والظروف ، والصحة تابعاً ذلك بتنهيدة كأنه يجترها من أسفل قدميه، وزفير يكاد
يغلب هواء المروحة التي تدور فوق رؤوسنا قائلاً: أشياء كثيرة تحدث خلال السنوات
الأخيرة في مجتمعنا، وبلادنا لم تعهدها ، ولم نعرفها دخيلة على ديننا دخيلة على
عاداتنا وقيمنا خلطت علينا كل شيء لم يعد الواحد يعرف، أين الصحيح، أين الواقع من
الخيال، أين الحلال من الحرام، الاستخفاف بالدماء والاستهتار بالبشر واستهداف النفس
البشرية وإزهاقها لم يعد هناك حد لم يتم تجاوزه، ولا محرم لم يتم انتهاكه، ولا
عيباً لم يتم اقتحامه، إنها فتن سوداء لا تقل سواداً عن تلك العمائم التي تطو
الرؤوس التي لا تقلل سوداوية في التفكير ولا في المفهوم عن سواد تلك العمائم إن لم
تكن أكثر حلكة وظلاماً، كلما هدأ الوضع قليلاً طلع علينا أحد نواب الدجال وجنود
إبليس يهدد، ويتوعد بقتل اليهود والأمريكان ويتوعد بزلزلة الأرض من تحت أقدامهم
مدعياً الجهاد ونصرة المسلمين وتحرير الأقصى ، وأنا تعجبني الحماسة وتشدني الكلمات
الرنانة، وأتلهف لسماع النتيجة أقلب القنوات وأبحث عن الصحف منتظراً بفارغ الصبر أن
اسمع أن الأقصى تم تحريره أو جيش العدو الإسرائيلي تم تدميره أفتح " سي
.
إن.
إن" رغم أني لا أجيد الانجليزية ولكن أتوقع أن أرى الصور تترجم لي
الفتوحات، والقلاع تتهاوى، وجنود اليهود يقتلون ولكن لا أرى سوى الأخبار تتخلها
الإعلانات بالصور المستخلعة، ونصف العارية فأصاب بالإحباط، وأقلب القنوات العربية
فاسمع هجوم على المخابرات لم أركز على الخبر من الفرحة، ولكن كنت أنظر الصور أسأل
أين مبنى الكابيتول أو البيت الأبيض أو مبنى "السي إي إيه" فلم أرِ إلا تلك المباني
القديمة التي تطوها القتامة وغبار السنين وتقادم الأعوام، أفرك العينين لعلهما
أصيبا برمد أو "غشش" واستمع للخبر رغم سمعي الثقيل، وإذا بالهجوم ليس على "السي إي
إيه" في واشنطن "دي سي" وإنما كان على التواهي الفارمسي، تأسفت كثيراً لأنهم أخطؤا
العنوان أو أثر عليهم التشويش، ولكن بعد التأكد من الأخبار، والأنباء أدركت أنه
الخبر اليقين، ولكن لم يزل الحلم يراودني خصوصاً عندما قالوا قتلت نساء، وطفل
فظننتهم من المارينز الذين يجاهدهم الأبطال. .
لم أصبر ساقني فضولي فخرجت كي
أكتشف الخبر منتشياً بالنصر المؤزر ظناً أنهم قتلوا اليهود، والأمريكان، وأنا استعد
لترديد التكبير على غرار ما يصنع هؤلاء وإذا بي أجدها صدمة عمري فمن قتلوا كانوا من
اليمن مسلمين أبناء مسلمين، ومن قتلن كن نساء مسلمات مسؤلات عن إعالة أسر يشهدون
جميعاً "أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله"، فكبرت من حجم الكارثة وهول
الفاجعة، وأنا تدور في ذهني تلك الصور والعمائم وهي تتوعد اليهود والأمريكان،
وتساءلت بمرارة هؤلاء الذين سيحررون الأقصى وسيطهرون الأرض من دنس الكافرين
واليهود، وما الفرق بين ما يصنعه اليهود بالمسلمين في فلسطين، وما يصنعه هؤلاء
بالمسلمين في اليمن والسعودية، وكل مكان؟ أين هي عصمة الدماء في فكر هؤلاء وعقيدتهم
أين هي حرمة الدماء أين هم من موقف الرسول عليه الصلاة والسلام مع أسامة بن زيد
عندما قتل مشركاً في إحدى المعارك نطق بالشهادة عندما هوى السيف على رأسه فلما بلغ
الخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أنب أسامة أشد التأنيب قائلاً له أين أنت من لا
إله إلا الله، فيقول أسامة يا رسول الله إنما قالها خوف السيف، والقتل فقال عليه
الصلاة والسلام هلا شققت عن قلبه، أو كما قال عليه الصلاة والسلامة حتى قال أسامة
تمنيت ألا اسلم إلا تلك اللحظة أين هؤلاء من لا إله إلا الله، الله أكبر، يقتل
امرأة تنتظرها أمها على سجادة الصلاة ظهراً حتى تأتيها بما يمد الرمق ، الله أكبر
يقتل شيخاً لا يستطيع أن يؤذي ذبابة، الله أكبر الله أكبر فجر الطريق وقتل المارين
عليها فكلهم في رأي هؤلاء كفار تستباح دماءهم، الله أكبر على كل فكر منحرف، ومتزمت
الله أكبر على كل بشر خرجوا عن إجماع أمتهم، وعلمائها ويستحلون دماء أبنائها، وظل
صياحي يكبر من القهر، وكأنه لابد أن يفسد علي صباحي كل يوم ، ويعكر مزاجي فودعته
على أمل أن نلتقي لنعرف قصته فإلى الملتقى. .
الشارع حتى وجدت صاحبي فسلمت عليه وإذا به يدعوني لشرب في صباح يوم جديد لم أكد أتجاوز الشارع حتى
وجدت صاحبي فسلمت عليه وإذا به يدعوني لشرب الشاي في نفس المكان مدعياً أن الشاي
أعجبه وحسن إنصاتي وكأنه وجد الشخص الذي يلقى على مسامعه همومه حتى يخفف من حملها
أو يخرج له ما في نفسه من معاناة الأيام وشكوى الأصحاب، ومشاكل الحياة،
وتناقضاتها، وأنا لازلت أسير الشجن لمعرفة سبب صراخه في اليوم السابق ولكن تركت له
المجال حتى يأخذ راحته بالكلام، ولا أقطع عليه حديثه وهو يسترسل مبتدأً بالسؤال عن
الحال، والظروف ، والصحة تابعاً ذلك بتنهيدة كأنه يجترها من أسفل قدميه، وزفير يكاد
يغلب هواء المروحة التي تدور فوق رؤوسنا قائلاً: أشياء كثيرة تحدث خلال السنوات
الأخيرة في مجتمعنا، وبلادنا لم تعهدها ، ولم نعرفها دخيلة على ديننا دخيلة على
عاداتنا وقيمنا خلطت علينا كل شيء لم يعد الواحد يعرف، أين الصحيح، أين الواقع من
الخيال، أين الحلال من الحرام، الاستخفاف بالدماء والاستهتار بالبشر واستهداف النفس
البشرية وإزهاقها لم يعد هناك حد لم يتم تجاوزه، ولا محرم لم يتم انتهاكه، ولا
عيباً لم يتم اقتحامه، إنها فتن سوداء لا تقل سواداً عن تلك العمائم التي تطو
الرؤوس التي لا تقلل سوداوية في التفكير ولا في المفهوم عن سواد تلك العمائم إن لم
تكن أكثر حلكة وظلاماً، كلما هدأ الوضع قليلاً طلع علينا أحد نواب الدجال وجنود
إبليس يهدد، ويتوعد بقتل اليهود والأمريكان ويتوعد بزلزلة الأرض من تحت أقدامهم
مدعياً الجهاد ونصرة المسلمين وتحرير الأقصى ، وأنا تعجبني الحماسة وتشدني الكلمات
الرنانة، وأتلهف لسماع النتيجة أقلب القنوات وأبحث عن الصحف منتظراً بفارغ الصبر أن
اسمع أن الأقصى تم تحريره أو جيش العدو الإسرائيلي تم تدميره أفتح " سي
.
إن.
إن" رغم أني لا أجيد الانجليزية ولكن أتوقع أن أرى الصور تترجم لي
الفتوحات، والقلاع تتهاوى، وجنود اليهود يقتلون ولكن لا أرى سوى الأخبار تتخلها
الإعلانات بالصور المستخلعة، ونصف العارية فأصاب بالإحباط، وأقلب القنوات العربية
فاسمع هجوم على المخابرات لم أركز على الخبر من الفرحة، ولكن كنت أنظر الصور أسأل
أين مبنى الكابيتول أو البيت الأبيض أو مبنى "السي إي إيه" فلم أرِ إلا تلك المباني
القديمة التي تطوها القتامة وغبار السنين وتقادم الأعوام، أفرك العينين لعلهما
أصيبا برمد أو "غشش" واستمع للخبر رغم سمعي الثقيل، وإذا بالهجوم ليس على "السي إي
إيه" في واشنطن "دي سي" وإنما كان على التواهي الفارمسي، تأسفت كثيراً لأنهم أخطؤا
العنوان أو أثر عليهم التشويش، ولكن بعد التأكد من الأخبار، والأنباء أدركت أنه
الخبر اليقين، ولكن لم يزل الحلم يراودني خصوصاً عندما قالوا قتلت نساء، وطفل
فظننتهم من المارينز الذين يجاهدهم الأبطال. .
لم أصبر ساقني فضولي فخرجت كي
أكتشف الخبر منتشياً بالنصر المؤزر ظناً أنهم قتلوا اليهود، والأمريكان، وأنا استعد
لترديد التكبير على غرار ما يصنع هؤلاء وإذا بي أجدها صدمة عمري فمن قتلوا كانوا من
اليمن مسلمين أبناء مسلمين، ومن قتلن كن نساء مسلمات مسؤلات عن إعالة أسر يشهدون
جميعاً "أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله"، فكبرت من حجم الكارثة وهول
الفاجعة، وأنا تدور في ذهني تلك الصور والعمائم وهي تتوعد اليهود والأمريكان،
وتساءلت بمرارة هؤلاء الذين سيحررون الأقصى وسيطهرون الأرض من دنس الكافرين
واليهود، وما الفرق بين ما يصنعه اليهود بالمسلمين في فلسطين، وما يصنعه هؤلاء
بالمسلمين في اليمن والسعودية، وكل مكان؟ أين هي عصمة الدماء في فكر هؤلاء وعقيدتهم
أين هي حرمة الدماء أين هم من موقف الرسول عليه الصلاة والسلام مع أسامة بن زيد
عندما قتل مشركاً في إحدى المعارك نطق بالشهادة عندما هوى السيف على رأسه فلما بلغ
الخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أنب أسامة أشد التأنيب قائلاً له أين أنت من لا
إله إلا الله، فيقول أسامة يا رسول الله إنما قالها خوف السيف، والقتل فقال عليه
الصلاة والسلام هلا شققت عن قلبه، أو كما قال عليه الصلاة والسلامة حتى قال أسامة
تمنيت ألا اسلم إلا تلك اللحظة أين هؤلاء من لا إله إلا الله، الله أكبر، يقتل
امرأة تنتظرها أمها على سجادة الصلاة ظهراً حتى تأتيها بما يمد الرمق ، الله أكبر
يقتل شيخاً لا يستطيع أن يؤذي ذبابة، الله أكبر الله أكبر فجر الطريق وقتل المارين
عليها فكلهم في رأي هؤلاء كفار تستباح دماءهم، الله أكبر على كل فكر منحرف، ومتزمت
الله أكبر على كل بشر خرجوا عن إجماع أمتهم، وعلمائها ويستحلون دماء أبنائها، وظل
صياحي يكبر من القهر، وكأنه لابد أن يفسد علي صباحي كل يوم ، ويعكر مزاجي فودعته
على أمل أن نلتقي لنعرف قصته فإلى الملتقى. .