الجفري
الهرب وكذا إلى تجنب الاتصال بمصدر الخوف ومن يعمل الخوف على دفع الكائن الحي إلى الهرب وكذا إلى
تجنب الاتصال بمصدر الخوف ومن المعروف للجميع أن الإنسان إذا ضاق من شيء فإنه يهرب
إلى شيء آخر يبعث في نفسه الطمأنينة والأمان، والقلق أحد مظاهر الخوف ويرتبط به
ارتباطاً وثيقاً، وحالة القلق شأنها شأن الخوف، حالة تبعث على الكدر والضيق
وهي حالة توتر نتطلع إلى الفرار منها ومن أجل هذا يعد القلق أحد الدوافع النفسية
ومهما تكن أسباب القلق ومهما تكن المخاوف التي تنبعث من حوله فإنه يعمل عندئذٍ
كدافع لتوجيه السلوك، ولا يمكننا على وجه التحديد ترتيب الدوافع النفسية التي سيطرت
على الإنسان في الأزمان السحيقة القديمة ولكن في الغالب المرجح أن الخوف كان أول
هذه الدوافع، وإذا اعتبرنا الخوف الدافع الأول لقيام بعض أنواع الفنون فإنما
تفسيرنا لذلك يعتمد على ارتباط الصيد في نفس الرجل البدائي حيث بدأ عند ذلك يفكر في
اتخاذ هبة لملاقاة مختلف أنواع الحيوانات التي يمكن أن يحصل منها على طعامه، وقد
كان اختيار العصا من أغصان الأشجار أول اتجاه نحو الفن، كذلك طرق الاحتيال على
الصيد بحفر الحفر العميقة والتخفي في زي ما يقارب شكل الحيوان المراد صيده، وقد أخذ
الإنسان بعد ذلك في استخدام كل ما يصادفه من الأحجار والعظام في قضاء حاجاته
اليومية، فكان يقوم بتشكيل الأحجار الصلبة لإعداد الأسلحة التي كانت تتألف من
الحراب والسهام وأيضاً بتشكيل العظام لإعداد بعض أدوات الطعام.
لقد وجدت رسوم
لأنواع مختلفة من الحيوانات في كهف "دور دون" في فرنسا وجهت إليها السهام نحو مواضع
القلب الذي كان يرمز له ببقعة حمراء كبيرة للتغلب على الخوف من الحيوانات التي يريد
صيدها وهذا سبباً أيضاً لنشوء مجال الرسم لأول مرة.