الجفري
الإسلامية تصدرت دائماً تاريخ الحضارة وكان لها تأثير على من حسن الحظ أن الفنون
العربية الإسلامية تصدرت دائماً تاريخ الحضارة وكان لها تأثير على الفنون الأخرى
وخاصة في أوروبا، ونحن نرى ذلك واضحاً في العصور القديمة أو الحديثة، ولكن
علماء الجمال وقد عاشوا في مناخ الفلسفة الإغريقية "اليونانية" التقليدية، لم تخرج
محاوراتهم وتناقضاتهم عن المفاهيم الكلاسيكية الاتباعية، فلم يلتفتوا إلى الفنون
الأخرى وكان من نتائج ذلك أن بقيت هذه الفنون دونما فلسفة أو أنها اعتمدت الفلسفة
الأوروبية التي أظهرت هذه الفنون بمظهر مختلف.
إن جميع الفنون العربية الإسلامية
ومنها العمارة والموسيقى ذات خصائص موحدة متميزة قامت على أسس روحية وتاريخية
مختلفة عن الأسس التي قام عليها الفن الأوروبي أو الفن الإفريقي أو الفن الصيني أو
الفن الهندي وغيرها، ولكل من هذه الفنون فلسفته الخاصة التي لا يمكن أن تخدم الفن
الآخر إلا بمقدار مشترك محدد، لقد سيطر الفن الأوروبي على العالم مع سيطرة التقدم
الصناعي وكان على الأمم التي تسعى إلى التحرر من الاستعمار الثقافي أن تلجأ إلى
تعزيز انتمائها إلى جذورها الحضارية.
وفي مجال الفن وهو مجال أساسي في تحديد
الملامح القومية لأمة من الأمم لابد من لملمة أطراف الفكر التحليلي الذي توالى عبر
تراثنا والذي قدم مدلولات نظرية لمفهوم الفن في نطاق مصطلحات وظروف مختلفة عن
ظروفنا اليوم وظروف الآخرين،ولكن عندما نستعمل لغة العصر فإننا واجدون ولا شك
المادة الأساسية لدفع المتطلعات الثقافية الحديثة في الطريق الصحيح المشروع.
إن
العودة إلى ما كتبه "الفارابي" و"الأصفهاني" و"الجاحظ" و"التوحيدي" تقدم لنا مادة
غنية لبناء مقدمة لعلم جمال عربي ذي جذور بعيدة في الفكر العربي الإسلامي، لقد
ازدهرت الحضارة العربية الإسلامية ومن ضمنها الفنون عبر التاريخ، وكانت الأواصر بين
جميع مظاهرها قوية متماسكة،ولم تكن وحدة هذه الحضارة ظواهر شكلية بل كانت جوهرية
عميقة الجذور اشترك في بنائها الدين والمثل والتاريخ.