الجفري
بوضعها جزءاًَ من نظرية التاريخ الاجتماعي العام إيماناً بالتطور الثقافي والتقدم،
فكتب "كارل ماركس" عن شكل الحياة الأسمى الذي يتجه إليه المجتمع بكل جوارحه بفضل
نموه الاقتصادي.
وأعلن "فردرنج
أنجلز" إن كل الأحوال التاريخية المتعاقبة ليست إلا خطوات انتقالية في التطور اللا
نهائي للمجتمع الإنساني من أسفل إلى أعلى وأقترح "الماركسيون" أن التطورية في اتجاه
واحد والتي قال بها "مورجان" عالم الأنثربولوجيا الأميركي في القرن التاسع عشر
للميلاد، و"انجلز" ربط بين الانتقال من مرحلة إلى أخرى في نظرية "مورجان" وبين
تغيرات أسلوب الإنتاج كما وصفها "ماركس".
وتوقع "ماركس" و"انجلز" أن يحصلا من
"مورجان" على برهان أثنولوجي "من علم الأعراق البشرية" يؤيد نظريتهما في التاريخ
ولكن ثمة فوارق هامة بينهما وبينه، وتؤكد "الماركسية" على المفهوم الديالكتيلي
لتاريخ الفن وهي مدينة به إلى حد ما.
إن تاريخ الفن عند "هيجل" عبارة عن عملية
صراع بين نزعات متعارضة مع تواتر انتقال الغلبة من نزعة إلى أخرى يعقبه الجمع
المؤقت بينهما في وحدات أسمى تدريجاً فقد اعتبر "هيجل" أن العوامل المتنافسة
والعملية التاريخية للفن أو غيره هي في جوهرها عقلية روحية وإظهار للعقل الكوني
وفقاً لمنطق التناقض الواقع وراء نطاق الخبرة البشرية.
وأصر "ماركس" على أنه
قلبت نظرية "هيجل" في تاريخ الفن رأساً على عقب لأنها وضعت على أساس مادي حيث كانت
المادة عنده لا العقل هي الحقيقة المطلقة والسبب الأساسي للتطور، وقال "ماركس": إن
منهجي الديالكيتي في تاريخ الفن لا يختلف عن منهج "هيجل" فحسب بل أنه على النقيض
منه تماماً، فإن حيوية المخ البشرية أي عملية التفكير عند "هيجل" التي بلغ به الأمر
إلى أن حولها تحت اسم الفكرة إلى ذات مستقلة هي في رأي "ماركس" على النقيض من راية
لأن العالم المادي يعكسه العقل البشري ويترجمه إلى أشكال من
الفكر.