;

الديجولية التركية ومرحلة جديدة 1531

2010-06-27 03:40:05

دفعت التحركات السياسية الأخيرة لأنقرة على المسرح الدولي بالمحللين
السياسيين إلى إعادة النظر في أهداف السياسة الخارجية التركية حاليًا تحت قيادة حزب
العدالة والتنمية.
واقترح المحلل التركي البارز "عمر تاسبينر" ضرورة أن يُنظر
إليها من خلال ما وصفه ب "الديجولية التركية" وليس من خلال منظور الانقسام بين
المعسكر الإسلامي والعلماني في البلاد.

والديجولية هي أيديولوجية طالما عُرفت بها فرنسا وهي تُنسب في
أصلها إلى الرئيس الفرنسي السابق الجنرال "شارل ديجول" وتقوم على أساس العمل على
إبعاد فرنسا عن مدار الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، والحفاظ على كبريائها
وحرية مواقفها وقراراتها.
وبالطبع لم تعد فرنسا هذا النموذج الواقعي للديجولية،
إلا أن المواقف التي اتخذتها تركيا مؤخرًا على الصعيد السياسي، قد دفعت تاسبينر إلى
الدعوة إلى نهج جديد في تحليل السياسة الخارجية لتركيا في الوقت الراهن. . ونعرض في
السطور التالية ما جاء في تحليل "عمر تاسبينر" ونشرته صحيفة "توداي زمان" التركية
تحت عنوان "مرحلة جديدة في السياسة الخارجية التركية"، وجاء فيه: لقد أثارت حادثة
أسطول الحرية وكذلك تصويت تركيا في مجلس الأمن الدولي ضد فرض عقوبات جديدة على
إيران مجددًا الجدل المألوف بشأن ما يسمى بالتحول "الإسلامي" في السياسة الخارجية
التركية.
ولقد أوضحت رأيي الشخصي في هذه المسألة أكثر من مرة؛ حيث أعتقد أن أحد
أكبر الأخطاء في تحليل السياسة الخارجية التركية يقع عندما يتحدث المحللون عن
انقسام في خيارات أنقرة الإستراتيجية يتمثل في "العلمانية" في مقابل
"الإسلامية".
وبينما ينبغي ألا يتم تجاهل الأهمية المتزايدة لقضية الدين في
تركيا، فإن التهديد الحقيقي للتوجه التركي نحو الغرب اليوم ليس هو الأسلمة
المتزايدة ولكن تنامي النزعة القومية بالإضافة إلى حالة من الإحباط إزاء كلٍ من
الولايات المتحدة وأوروبا و"إسرائيل".
وقبل فترة طويلة من المنعطف الأخير الذي
شهدته الأحداث، كنت قد أكدت أنه إذا ما استمرت الاتجاهات الحالية، فإن ما سنراه
ينبعث في تركيا ليس سياسة خارجية إسلامية بل توجهًا إستراتيجيًا في أنقرة أكثر
قومية، وجسارة، واستقلال، وثقة، واكتفاء ذاتي.
ونظرًا للتشابه بين التقاليد
السياسية الفرنسية والتركية، فإنني أعتقد من المفيد النظر إلى هذه الروح التركية
الجديدة من الثقة بالنفس، والقومية، والكبرياء، وكذلك الشعور بالإحباط من الشركاء
التقليديين مثل أمريكا، وأوروبا، و"إسرائيل" على أنها "ديجولية تركية".
ولا
ينبغي للمرء التهوين من ظهور مثل تلك الدولة التركية الجديدة التي تتجاوز الانقسام
الإسلامي- العلماني؛ لكون السياسية الخارجية للقوميين الجدد الكماليين (ulusalc?)
وسياسة العثمانيين الجدد لحزب "العدالة والتنمية"- المثل الأعلى للتأثير الإقليمي-
تجمعهما نفس خصائص "الديجولية التركية".
ولو أنك خدشت سطح ما يبدو أنه انقسام
علماني إسلامي في مواقف تركيا حيال الغرب، فإنك سترى على نحو سريع أن ما يسمى
بالمعسكر الإسلامي والمعسكر العلماني يتبنون الموقف نفسه حيال أوروبا وأمريكا: وهو
نوع من الإحباط القومي.
فالعقبات الجديدة أمام انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي،
والظلم الملحوظ في قبرص، وتزايد الاعتراف العالمي بحدوث عمليات إبادة جماعية ضد
الأرمن، والتعاطف الغربي مع التطلعات الكردية؛ جميعها عوامل رئيسية دفعت بالأتراك
للتساؤل بشأن جدوى التزاماتهم الجيوستراتيجية طويلة المدى الموالية للغرب.
وحتى
العامين الماضيين، كنت قد اعتدت أن أؤكد على أن النخبة الكمالية ذات التوجه الغربي
قد بادلت بعض أماكنها مع الإسلاميين- الذين كانوا يميلون يومًا ناحية الشرق- على
أساس أن حزب العدالة والتنمية هو من بدا أكثر اهتمامًا في الاحتفاظ بعلاقات وثيقة
مع كلٍ من أوروبا والولايات المتحدة.
وحزب العدالة والتنمية، في رأيي، كان في
حاجة إلى الغرب أكثر من المؤسسة الكمالية التركية لسبب بسيط وهو: أنه كان يحتاج أن
يثبت للجيش التركي، والفئة العلمانية داخل المجتمع، وللشركاء الغربيين في المجتمع
الدولي أنه ليس حزبًا للإسلاميين.
أما الآن، ومع ذلك، فأنا أعتقد على نحو متزايد
أن حزب العدالة والتنمية، أيضًا، قرر استغلال حالة الإحباط القومي من الغرب.
ففي
النهاية، يعد هذا أقوى تيار اجتماعي مستتر في تركيا؛ ورئيس الوزراء "رجب طيب
أردوجان" في حاجة إلى الفوز بالانتخابات.
وكما أظهرت أحداث الأسبوعيين الماضيين،
فإنه ينبغي على كلٍ من أمريكا وأوروبا أن توليا اهتمامًا للتوجهات الديجولية
لتركيا.
ففي الماضي، كثيرًا ما كان يسأل الأمريكيون والأوروبيون إذا ما كان لدى
تركيا أي بدائل جيوسياسية فعلية أخرى ويطمئنون أنفسهم بكل رضا أنها ليس
لديها.
أما اليوم بدأت مثل تلك البدائل تبدو أكثر واقعية في نظر العديد من
الأتراك.
فالتصاعد في النزعة الديجولية التركية لا يتطلب أن يأتي كلية على حساب
أمريكا وأوروبا.
لكن الأتراك يبحثون فعليًا عن فرص اقتصادية وإستراتيجية في
روسيا، والهند، والصين، وبالطبع في الشرق الأوسط وإفريقيا.
لقد حان الوقت
للمحللين الأمريكيين أن يتوقفوا عن المبالغة في الانقسام الإسلامي- العلماني في
السياسة الخارجية التركية، وتوجيه اهتمام أكبر إلى ما يربط بين هذين المعسكرين وهو:
القومية التركية.
والسؤال الفعلي هو ما إذا كانت تركيا ستدفع ثمنًا لتحديها
الولايات المتحدة أم لا.
فالإحباط من تركيا شعور حقيقي في واشنطن وتزداد
حدته.
ويقول الكثيرون أن تركيا في حاجة إلى تغييرات شاملة.
وهو السبب الذي
يجعل من الواجب على أنقرة إعداد نفسها لمرحلة جديدة في علاقاتها مع الولايات
المتحدة. فمفاهيم "الشراكة الإستراتيجية والنموذجية" لم تعد ذات معنى.
فنحن نتجه
نحو نموذجًا جديدًا لما يطلق عليه الكثيرون في واشنطن "شراكة المعاملات".
وفي
المرة القادمة عندما يأتي المسئولون الأتراك إلى واشنطن لحشد التأييد ضد قضية
الإبادة الجماعية للأرمن، أو من أجل مزيد من الدعم العسكري أو الاستخباري في مواجهة
حزب العمال الكردستاني، فإنهم على الأرجح سيواجهون تساؤلاً بسيطًا من قبل نظرائهم
الأمريكيين وهو: "ماذا فعلتم أنتم من أجلنا مؤخرًا يا رفاق؟" وهذا هو السبب في أن
الآن هو وقت تركيا لحل مشكلاتها الخاصة بالأرمن والأكراد دون اللجوء إلى
واشنطن.
وعندئذٍ فقط ستكون تركيا جديرة ب"الكبرياء والثقة بالنفس" في علاقاتها
مع الغرب.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد