الربيعي
عفواً اليمن السعيد مثل كل يوم تذيقنا الشمس من حرها ألواناً خصوصاً هذا العام زاد
حرها ولهيبها وكان الاحتباس الحراري أثر على أجواء ومناخ اليمن وتآمر عليها مع
الأوزون فارتفعت الحرارة على غير العادة، ومعها الشمس التي تعاقبنا بحرها الشديد،
وكان كل شيء ضدنا على رأي المقداد بن الأسود: يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تغلق دونه أبوابها هذا يعيبه وذاك يهنيه
ويرى العداوة لا يرى أسبابها حتى الكلاب إذا رأته عابراً نبحت عليه وكشرت أنيابها
وإذا رأت يوماً غنياً مقبلاً خضعت إليه وحركت أذنابها.
التقى بصاحبي كما هو
الحال كل يوم وكل منا يتصبب عرقاً ونبحث عن مكان للجلوس فراراً من حر لاهب كلانا
نشتكي حرارة الجو والمعاناة المصاحبة لها.
هموم الحياة وهمم امتحانات الأبناء
وصاحبي يشير إلى العرق والحر ويصف الأمر بالهين واليسير لأنه على الأقل نستطيع أن
نجد له البدائل والملطفات ولكن عايز عجنا الحر المعنوي الذي يتعب القلوب والعقول
الأحداث والمشاكل والمتاعب حرارة الظواهر المصنوعة بأيادي البشر.
الأوضاع في
البلاد بشكل عام والإختلالات والثقافة المنتشرة والسائدة اليوم، ثقافة الحقد
والكراهية ثقافة المناطقية وشعاراتها التي وجدت ضالتها لدى الشباب العاطل عن العمل
والخالي من الثقاقة الوطنية والذي مل من الشوارع أو ملت منه ومن تسكعاته وأصبح يعيش
الضياع نتيجة التحصيل التراكمي خلال سنوات الدراسة والمراحل التي مر بها وتشكلت
خلالها شخصيته من الطفولة إلى المراهقة إلى الشياب عندما تخلت التربية والتعليم عن
القيام بواجبها في تربية هذا الكائن الهام وغابت الدروس التي تهتم بالأخلاق أو غيبت
عن مناهجها ولم يعد ذكر في قاموس التربية للوطن والوطنية والولاء الوطني وحب الوطن
فشلت التربية والتعليم فشلاَ ذريعاً في أداء مهامها وابتعدت رسالتها عن تربية النشء
التربية الهادفة، واللائقة حيث أنتجت خلال العشرين السنة الماضية أجيالاً هي أكثر
ضياعاً وتشتتاً من أجيال قبلها وأسقطت حتى الأولوية والتراتبية من إسمها التربية
قبل التعليم أين هي التربية التي انعكست على سلوك الخريجين من التعليم؟.
ما هي
القيم التي تعلموها والأخلاق التي تشربوها واكتسبوها والسلوكيات التي اقتدوا بها
ومارسوها؟ اللهم إلا ما كان من دور للأسرة إن كان لبعضها دور....
إنتاج مشوه
نتيجة لرداءة المنتج، خلل في المناهج وخلل في المعلمين وخلل في الأداء
والإدارة.
تتحول الحصص في الأغلب والأعم من دروس إلى محاضرات سياسية ونقد وتحريض
وكأن المدارس قاعات للمحاضرات الحزبية غزت التربية الديمقراطية المشوهة وتحولت
العملية التربوية من أداء رسالة والتزام بمنهج يفترض أن يكون شاملاً لكلا الجانبين
التربوي والتعليمي إلى نوع من المزاجية مخلوطة بالمرض والعفن الحزبي والحقد
والانتماء السياسي.
أصبحت المدارس عبارة عن أوكار تبث فيها السموم بدلاً أن
تنتشر فيها العافية وهي على هذا الوضع لن تفرز إلا المزيد من الأجيال أكثر ضياعاً
وتفلتاً وتشتتاً وحيرة لأن التربية في وادٍ والسلوك في وادٍ آخر والتعليم لا يقل
رداءة عن التربية والغياب وعدم الانضباط، التسرب للغش كلها عمليات تزيد الوضع سوء
وتنذر بكوارث مستقبلية المسؤولية حسية والأمانة التي تبرأت من حملها الجبال يملها
المسؤولون عن التربية أمام الله والتاريخ.
الخلل في التربية ينتج لنا هذه الصور
المشوهة من الشباب الصيع الذي يحتل أركان الأزقة والشوارع الذين يعيشون الفلتان
الأخلاقي والسلوكي وحتى شذوذ المظهر ببناطيل طيحني اللتي تكشف عن السوأة بمجرد
الانحناء البسيط والشعر المتسلسل ومساحيق الوه والأبتذال مناظر يندي لها
الجبين.
أو ينتج لنا الصنف الآخر شباب يحملون الأحزمة الناسفة والمفخخة يفجرون
بها أنفسهم أينما يوجههم من سيطر على عقولهم التي تعيش الفراغ الذي نتكلم
عنه.
اتقوا الله يا مسؤولي التربية أعيدوا تقييم المناهج وأعيدوا النظر في كثير
من مفرداتها وحذف ما لا ينفع وإضافة ما ينفع فالعملية ليست لعبة إنها أجيال ومستقبل
ووطن وإلى الملتقى..