خيرالله
خيرالله
خيرالله
كان مهما
ان يخرج عن الجنرال الاميركي ستانلي ماكريستال، قائد قوات الحلف الاطلسي في
افغانستان الكلام الساخر الذي تناول الرئيس اوباما شخصيا ونائبه جو بايدن وعددا لا
بأس به من اركان الادارة بمن فيهم مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي الجنرال جيمس
جونز.
كشف هذا الكلام ان الادارة
الاميركية غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة على الصعيد الخارجي وانها لا تمتلك
استراتيجية محددة في اي مجال من المجالات، خصوصا في افغانستان.
اراد
ماكريستال ان يطرده اوباما من منصبه فحصل على ما اراد.
لم يترك للرئيس الاميركي
خيارا آخر غير خيار الطرد الذي ربما يعتبره وساما على صدره.
يظهر ان ماكريستال،
الذي استدعي الى البيت الابيض فور انتشار كلامه، الذي ادلى به اصلا الى مجلة
"رولينغ ستون"، في وسائل الاعلام المختلفة داخل الولايات المتحدة وخارجها، يريد
الخروج من المأزق الافغاني باقل مقدار ممكن من الخسائر بالنسبة الى شخصه.
بكلام
اوضح، يسعى الجنرال الاميركي المعروف بمهنيته وجرأته الى غسل يديه من المغامرة
العسكرية في افغانستان في غياب القدرة على الحسم العسكري من جهة وغياب اي
استراتيجية سياسية لدى الادارة من جهة اخرى.
لم يخف استياءه من كل رجالات
الادارة، بما في ذلك السفير في كابول كارل ايكنبري الذي سبق له وعارض خطط ماكريستال
الهادفة الى زيادة عديد القوات الاميركية في افغانستان واستعادة المبادرة عسكريا في
المواجهة مع "طالبان".
لم يوفر سوى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي ايدت
دعوته الى ارسال مزيد من القوات والى شن هجمات على "طالبان" في معاقل
الحركة.
ربما كان ماكريستال يدرك قبل غيره ان المشكلة في افغانستان سياسية قبل
اي شيء آخر وان عليه، في ضوء ازدياد عدد القتلى في صفوف قوات حلف شمال الاطلسي
تفادي ربط اسمه بالهزيمة المحتملة او بالحرب الطويلة التي ليس في استطاعة حلف شمال
الاطلسي الخروج منتصرا منها.
اكثر من ذلك، يتبين كل يوم ان الدول التي ارسلت
وحدات الى افغانستان لدعم الحرب الاميركية هناك، تبحث عن مخرج.
في مقدم هذه
الدول، تأتي بريطانيا التي تتعرض حكومتها لضغوط شديدة من اجل انهاء التورط العسكري
في افغانستان، خصوصا بعد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيش البريطاني الى ما يزيد
على ثلاثمئة بينهم عدد من الضباط والجنود اللامعين الذين اظهروا شجاعة فائقة في
المعارك التي خاضوها في ظروف اقل ما يمكن ان توصف به انها قاسية.
تركت القصص
التي نشرتها الصحف البريطانية عن ضباط وجنود قضوا في افغانستان في ظروف مأسوية
شعورا بالمرارة في مختلف الاوساط الشعبية.
جعل هذا الشعور البريطانيين يتساءلون
صراحة : ما الذي يفعله جيشنا في افغانستان والى متى كل هذه الخسائر في حرب لا طائل
منها، والى متى تستمر الخزينة البريطانية في تحمل تكاليف باهظة فيما البلد في ازمة
اقتصادية فرضت اجراءات تقشف لا سابق لها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية؟ لا شك
ان تمرد الجنرال ماكريستال مرتبط، في جانب منه، بغياب الحماسة لدى الحلفاء في
متابعة الحرب التي خسرها الاميركيون بمجرد انهم لم يتنبهوا منذ البداية الى انه كان
عليهم تركيز جهودهم على الانتهاء من "طالبان" قبل الانصراف الى العراق.
من
الناحية العملية، لا وجود لاستراتيجية رابحة في افغانستان ما دام الجيش الاميركي
مشتت وغير قادر على اقتلاع "طالبان" من جذورها لاسباب عدة في مقدمها انه لا يستطيع
الاتكال على باكستان وجيشها واجهزتها الامنية نظرا الى انها تلعب دور الحديقة
الخلفية ل"طالبان".
هل يمكن اذا الحديث عن جنرال انتهازي يمتلك طموحات سياسية
يرى منذ الآن ان عليه حماية مستقبله عن طريق ابعاد نفسه عن المغامرة الافغانية؟
الثابت ان ماكريستال ما كان ليقدم على ما اقدم عليه لولا علمه ان افتعال مشكلة مع
ادارة اوباما سيصب في مصلحته.
يبدو ان الرجل يعرف تماما ان التركة التي خلفها
الرئيس بوش الابن لباراك اوباما ستغرق ادارته.
اخذ بوش الابن الجيش الاميركي الى
العراق في العام 2003 غير مدرك ان النظام الذي اقامه في كابول غير قادر على الوقوف
على رجليه.
سيخرج الجيش الاميركي من العراق في السنة المقبلة وسيزداد التركيز
على افغانستان من دون تحقيق نتائج تذكر.
هناك دوران اميركي في حلقة مغلقة لا
يمكن كسرها، خصوصا ان مصدر قوة "طالبان" هو باكستان التي لا تعرف الولايات المتحدة،
الى اشعار آخر، كيف التعاطي معها.
تبدو باكستان شرا لا بدّ منه.
انها حليف
للولايات المتحدة وعدو لها في الوقت ذاته! من يقرأ نبذة عن حياة ماكريستال، يكتشف
ان الرجل ليس غبيا.
كان يعرف تماما الثمن الذي سيتوجب عليه دفعه.
قال كلمته
ومشى.
السؤال الآن هل حسابات القائد السابق لقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان
في محلها؟ الارجح انه اقدم على حسابات دقيقة الى حد كبير وحقق الهدف الذي
اراده.
وبغض النظر عما اذا كانت لديه طموحات سياسية ام لا، الاكيد انه انقذ
سمعته العسكرية وتفادى الغرق في المستنقع الافغاني الذي وجدت ادارة اوباما نفسها في
وسطه.
ما هذه الحرب التي يخوضها جيش عليه ان يدفع، استنادا الى تقرير اعده
محققون تابعون للكونغرس، ملايين الدولارات لميليشيات متحالفة مع "طالبان" كي يؤمن
له رجالها نقل الوقود والامدادات لقواته؟ يظهر ان الجنرال ماكريستال رجل طبيعي لا
اكثر، وجد نفسه في وضع غير طبيعي.
تصرف بطريقة تحمي مستقبله بعدما تبين له ان لا
مستقبل واعدا لادارة اوباما في افغانستان. . .
وغير افغانستان! المستقبل
اللبنانية
ان يخرج عن الجنرال الاميركي ستانلي ماكريستال، قائد قوات الحلف الاطلسي في
افغانستان الكلام الساخر الذي تناول الرئيس اوباما شخصيا ونائبه جو بايدن وعددا لا
بأس به من اركان الادارة بمن فيهم مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي الجنرال جيمس
جونز.
كشف هذا الكلام ان الادارة
الاميركية غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة على الصعيد الخارجي وانها لا تمتلك
استراتيجية محددة في اي مجال من المجالات، خصوصا في افغانستان.
اراد
ماكريستال ان يطرده اوباما من منصبه فحصل على ما اراد.
لم يترك للرئيس الاميركي
خيارا آخر غير خيار الطرد الذي ربما يعتبره وساما على صدره.
يظهر ان ماكريستال،
الذي استدعي الى البيت الابيض فور انتشار كلامه، الذي ادلى به اصلا الى مجلة
"رولينغ ستون"، في وسائل الاعلام المختلفة داخل الولايات المتحدة وخارجها، يريد
الخروج من المأزق الافغاني باقل مقدار ممكن من الخسائر بالنسبة الى شخصه.
بكلام
اوضح، يسعى الجنرال الاميركي المعروف بمهنيته وجرأته الى غسل يديه من المغامرة
العسكرية في افغانستان في غياب القدرة على الحسم العسكري من جهة وغياب اي
استراتيجية سياسية لدى الادارة من جهة اخرى.
لم يخف استياءه من كل رجالات
الادارة، بما في ذلك السفير في كابول كارل ايكنبري الذي سبق له وعارض خطط ماكريستال
الهادفة الى زيادة عديد القوات الاميركية في افغانستان واستعادة المبادرة عسكريا في
المواجهة مع "طالبان".
لم يوفر سوى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي ايدت
دعوته الى ارسال مزيد من القوات والى شن هجمات على "طالبان" في معاقل
الحركة.
ربما كان ماكريستال يدرك قبل غيره ان المشكلة في افغانستان سياسية قبل
اي شيء آخر وان عليه، في ضوء ازدياد عدد القتلى في صفوف قوات حلف شمال الاطلسي
تفادي ربط اسمه بالهزيمة المحتملة او بالحرب الطويلة التي ليس في استطاعة حلف شمال
الاطلسي الخروج منتصرا منها.
اكثر من ذلك، يتبين كل يوم ان الدول التي ارسلت
وحدات الى افغانستان لدعم الحرب الاميركية هناك، تبحث عن مخرج.
في مقدم هذه
الدول، تأتي بريطانيا التي تتعرض حكومتها لضغوط شديدة من اجل انهاء التورط العسكري
في افغانستان، خصوصا بعد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيش البريطاني الى ما يزيد
على ثلاثمئة بينهم عدد من الضباط والجنود اللامعين الذين اظهروا شجاعة فائقة في
المعارك التي خاضوها في ظروف اقل ما يمكن ان توصف به انها قاسية.
تركت القصص
التي نشرتها الصحف البريطانية عن ضباط وجنود قضوا في افغانستان في ظروف مأسوية
شعورا بالمرارة في مختلف الاوساط الشعبية.
جعل هذا الشعور البريطانيين يتساءلون
صراحة : ما الذي يفعله جيشنا في افغانستان والى متى كل هذه الخسائر في حرب لا طائل
منها، والى متى تستمر الخزينة البريطانية في تحمل تكاليف باهظة فيما البلد في ازمة
اقتصادية فرضت اجراءات تقشف لا سابق لها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية؟ لا شك
ان تمرد الجنرال ماكريستال مرتبط، في جانب منه، بغياب الحماسة لدى الحلفاء في
متابعة الحرب التي خسرها الاميركيون بمجرد انهم لم يتنبهوا منذ البداية الى انه كان
عليهم تركيز جهودهم على الانتهاء من "طالبان" قبل الانصراف الى العراق.
من
الناحية العملية، لا وجود لاستراتيجية رابحة في افغانستان ما دام الجيش الاميركي
مشتت وغير قادر على اقتلاع "طالبان" من جذورها لاسباب عدة في مقدمها انه لا يستطيع
الاتكال على باكستان وجيشها واجهزتها الامنية نظرا الى انها تلعب دور الحديقة
الخلفية ل"طالبان".
هل يمكن اذا الحديث عن جنرال انتهازي يمتلك طموحات سياسية
يرى منذ الآن ان عليه حماية مستقبله عن طريق ابعاد نفسه عن المغامرة الافغانية؟
الثابت ان ماكريستال ما كان ليقدم على ما اقدم عليه لولا علمه ان افتعال مشكلة مع
ادارة اوباما سيصب في مصلحته.
يبدو ان الرجل يعرف تماما ان التركة التي خلفها
الرئيس بوش الابن لباراك اوباما ستغرق ادارته.
اخذ بوش الابن الجيش الاميركي الى
العراق في العام 2003 غير مدرك ان النظام الذي اقامه في كابول غير قادر على الوقوف
على رجليه.
سيخرج الجيش الاميركي من العراق في السنة المقبلة وسيزداد التركيز
على افغانستان من دون تحقيق نتائج تذكر.
هناك دوران اميركي في حلقة مغلقة لا
يمكن كسرها، خصوصا ان مصدر قوة "طالبان" هو باكستان التي لا تعرف الولايات المتحدة،
الى اشعار آخر، كيف التعاطي معها.
تبدو باكستان شرا لا بدّ منه.
انها حليف
للولايات المتحدة وعدو لها في الوقت ذاته! من يقرأ نبذة عن حياة ماكريستال، يكتشف
ان الرجل ليس غبيا.
كان يعرف تماما الثمن الذي سيتوجب عليه دفعه.
قال كلمته
ومشى.
السؤال الآن هل حسابات القائد السابق لقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان
في محلها؟ الارجح انه اقدم على حسابات دقيقة الى حد كبير وحقق الهدف الذي
اراده.
وبغض النظر عما اذا كانت لديه طموحات سياسية ام لا، الاكيد انه انقذ
سمعته العسكرية وتفادى الغرق في المستنقع الافغاني الذي وجدت ادارة اوباما نفسها في
وسطه.
ما هذه الحرب التي يخوضها جيش عليه ان يدفع، استنادا الى تقرير اعده
محققون تابعون للكونغرس، ملايين الدولارات لميليشيات متحالفة مع "طالبان" كي يؤمن
له رجالها نقل الوقود والامدادات لقواته؟ يظهر ان الجنرال ماكريستال رجل طبيعي لا
اكثر، وجد نفسه في وضع غير طبيعي.
تصرف بطريقة تحمي مستقبله بعدما تبين له ان لا
مستقبل واعدا لادارة اوباما في افغانستان. . .
وغير افغانستان! المستقبل
اللبنانية