;

ما هى الفائدة العالمية من تدريس الهولوكوست اليهودى؟ 1344

2010-07-01 06:15:08

السفير د.
عبدالله الأشعل


تلح الأوساط الصهيونية على ضرورة
تدريس الهولوكوست ضد اليهود فى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، كما أن
الأونروا ألحت منذ عدة شهور قبل هولوكوست غزة على تدريس الهولوكوست اليهودى فى
مدارسها فى فلسطين.
وهذه الفكرة تقوم على أساس أن تذكير الناس بآلام

اليهود فى
المحرقة سوف يدفع الشعوب إلى تجنب الإبادة، على افتراض أن المحرقة هى أعلى صور
الإبادة.

بهذا المعنى كتب كوفى عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة
مقالاً فى النيويورك تايمز يوم 18/6/2010، وعقد فى القدس مؤتمر لهذه الغاية، كما
نشر رئيس بولندا السابق الكسند كواسنوفسكى مقالاً فى 28/6 فى نفس الصحيفة تعليقاً
على مقال عنان وعنوانه on holocaust education .
ونحن لا نمانع من أن يذكر الناس
باستمرار مأساة اليهود ولكن مع مراعاة الحقائق الآتية، بحيث تصبح هذه الحقائق
متكاملة لا يجوز الفصل بينها.
الحقيقة الأولى، هى أنه لكى يتم تدريس الهولوكوست
لابد من توفر معلومات موثوقة عنه، وضرورة رفع الحظر عن هذه المعلومات والتساؤلات
ولايجوز أن تظل المصادر اليهودية هى وحدها صاحبة الاحتكار.
وتشمل هذه المعلومات
الأعداد الحقيقية وطرق الإبادة وأسبابها ولماذا لم تقع الإبادة قبل الحرب العالمية
الثانية، وما هو دور إسرائيل التى قامت بعد المحرقة فى أن تكون وكيل الدم لكل
اليهود عبر العصور، وما هى الاجراءات التى اتخذتها إسرائيل للقصاص من المشاركين فى
المحرقة، وضرورة التحقق من أن إسرائيل لا تملك ترخيصاً من يهود العالم بمقاييس
الدول المعاصرة وليس بمقاييس المفاهيم الصهيونية.
الحقيقة الثانية، هى أن
الهولوكوست الفلسطينى فى غزة وبقية المجازر الصهيونية ضد الشعوب العربية والتى
شاهدها العالم كله ووثقتها لجان تحقيق دولية يجب هى الآخرى أن تدرس فى جميع مدارس
العالم وأن يتم تفسير إبادة سكان فلسطين وفق المعايير الدولية المقبولة، وما علاقة
الفلسطينيين بإبادة اليهود وما دور الفلسطينيين فى هذه الإبادة.
الحقيقة
الثالثة، هى أن إسرائيل تريد أن تذكر الآخرين بمآسى اليهود الذين كان لهم دخل فى
صناعتها بسبب عقدة الاضطهاد قبل أن يفكر أحد فى اضطهادهم، وقد رأينا ما تقوم به
إسرائيل وهو كفيل باستعداء العالم كله ضدهم، ليس اضطهادا وإنما استنكارا لما
يرتكبونه من جرائم.
والتذكير هنا يقصد به استعطاف الشعوب الأخرى لتبرير الجرائم
الإسرائيلية وقد رأينا نموذجاً لذلك فى نظرة إسرائيل إلى جريمتها فى أسطول الحرية
حيث تعتبر القافلة المدنية لأغراض إنسانية تحدياً لمشروعها بإبادة غزة، وأن أى
محاولة لكسر الحصار هو إفساد لهذا المخطط وهو تحرش بإسرائيل التى استعلت على
المساءلة والعقاب.
أما التذكير بمحنة الفلسطينيين فهو يزيد الشعوب الأخرى نقمة
على العدوانية الإسرائيلية ومشروعها الغاصب ويزيد فرص انكشاف إسرائيل ونزع الشرعية
الدولية عنها.
لقد تذرعت إسرائيل طويلاً بأنها مشروع أخلاقى يجمع يهود الأرض فى
أرض الأجداد كما قال نتانياهو حتى تعيد الأمة اليهودية مسيرتها الحضارية مرة
أخرى.
ولقد رأى العالم نموذج إسرائيل التى يجب أن تبرأ منها الأمة اليهودية
والديانة اليهودية السمحة، لأن إسرائيل مشروع سياسى استغل الدين استغلالا بشعاً
وعمل باسم الله ضد مراد الله فى الأرض، فحقت مقاومة المشروع وإسقاطه إنقاذاً
للبشرية من شرور هذا الكيان البغيض الذى قبل أن يكون أداة لشرور الاستعمار والهيمنة
ويمارس دوره بطريقة بشعة.
لابد من تدريس المحرقة فى غزة والطابع الإجرامى
للمشروع الصهيونى، وبراءة العرب من دم اليهود الذين أبيدوا فى بلادهم ألمانيا
لأسباب ليست متحققةبطريق مستقل ومنطقى والدليل على ذلك أن الحركة الصهيونية تتكتم
على كل ما يتعلق بمحرقتهم حتى يظلوا فى غيهم ورواياتهم التى لم يعد يصدقها
أحد.
والغريب أن الإعلام العربى أصبح يخشى من الملاحقات الشخصية والقضائية من
التعرض لهذه المحرقة، فيبدأ الكتاب عادة بالتأكيد على أنهم لا يشككون فى مبدأ وقوع
المحرقة، ولكنهم يختلفون فيما وراء ذلك، وعيونهم طبعا على ضحايا الحقيقة فى أوروبا
نفسها التى عطلت البحث العلمى وحرية الرأى خصيصاً فى هذا الملف.
ولكن تدريسه يجب
أن يتم وفقاً لرواية تعتمدها اليونسكو بعد دراستها من لجنة عالمية علمية، وألا تكون
اليونسكو أداة لإضفاء الشرعية على الرواية الصهيونية.
الحقيقة الرابعة، هى أن
تدريس المحرقتين معاً يفيد فى تحصين الشعوب الأخرى ضد الإبادة، ولذلك فإن قراءة
المحرقة اليهودية يثير السخط من الألمان، كما أن قراءة المحرقة الفلسطينية يثير
الخنق على يهود إسرائيل وتواطؤ يهود العالم تقريباً فضلاً عن واشنطن ومعظم أوروبا
فى هذه المأساة لقد أعددت كتاباً عن هولوكوست غزة يوشك أن يرى النور موثقاً عن
محرقة غزة وتقرير جولد ستون، وسوف يكون هناك مادة علمية لتدريسها فى الجامعات
والمدارس العربية إلى أن يتقرر توسيع تدريسها في مختلف الجامعات الأجنبية.
إننا
مع الحقيقة أينما كانت ولكننا ضد ابتسار الحقيقة أو تشويهها أو احتكار إسرائيل
للأكاذيب وتقديمها فى ثوب الحقيقة والحقيقة منها براء.
نعم لتدريس المحرقتين،
ونعم لكى تكون هذه الحقائق جزءاً من المقرر الدراسي، وحبذا لو تبنى كوفى عنان ورئيس
بولندا الأسبق نفس الفكرة التى سوف أسعى إلى إثارتها فى الصحف الأمريكية تعليقاً
على اجتهادهما فى هذا الشأن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد